دخل وقف إطلاق النار، المبرم في السودان برعاية أميركية، يومه الثاني، لكنه لا يزال هشاً، وسط تقارير لشهود عيان عن المزيد من الضربات الجوية، في حين تواصلت عمليات إجلاء الرعايا مع وصول سفينة على متنها 1687 مدنياً إلى السعودية، اليوم الأربعاء.
المعارك في محيط «مواقع استراتيجية» في العاصمة الخرطوم، بما في ذلك المطار الدولي، «استمرت إلى حد كبير، أو اشتدت في بعض الحالات»، حسبما أوضح رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس، متحدثاً من بورتسودان في شرق البلاد؛ حيث نقلت «الأمم المتحدة» بعض موظفيها.
وبعد 11 يوماً من بدء المعارك، التي خلّفت أكثر من 459 قتيلاً، وما يزيد على 4 آلاف جريح، وفقاً للأمم المتحدة، قال بيرتيس إنه «لا يوجد مؤشر واضح حتى الآن، على أن أياً من (طرفي النزاع) مستعدّ للتفاوض حقاً».
واستهدف الجيش السوداني، الثلاثاء، بطائراته مواقع لـ«قوات الدعم السريع» في ضواحي الخرطوم، فردّت الأخيرة باستخدام أسلحة ثقيلة، واستهدفت غارات جوية جديدة، مساءً، مركبات لـ«قوات الدعم السريع» في شمال الخرطوم، وفق شهود آخرين.
وقالت «قوات الدعم السريع»، بقيادة محمد دقلو، إنها سيطرت على مصفاة ومحطة كهرباء على بُعد 70 كيلومتراً شمال الخرطوم، وفق مقطع فيديو نُشر، الثلاثاء.
وتحدَّث الجيش السوداني، من جهته عبر «فيسبوك»، عن تحرك كبير لـ«قوات الدعم السريع» نحو المصفاة؛ من أجل الاستفادة من الهدنة والسيطرة عليها.
وتبادل الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة دقلو الملقّب «حميدتي»، الاتهامات بخرق وقف النار.
كما يسري، منذ أيام عدة، وقف محلي لإطلاق النار في منطقة شمال دارفور الشاسعة (غرب)، وفقاً للأمم المتحدة. وقد تعذَّر، على الفور، التأكد من تراجع حِدة القتال العنيف، الذي اندلع في إقليم دارفور الشاسع، منذ بدء الأعمال العدائية في 15 أبريل (نيسان).
وقال بيرتيس، الثلاثاء، إن «المعارك استؤنفت قرب الحدود التشاديّة، وإن هناك تقارير متزايدة ومقلقة عن تسلّح قبائل وانضمامها إلى القتال»، مضيفاً أن «اشتباكات بين مجموعات مختلفة» اندلعت أيضاً في منطقة النيل الأزرق على الحدود الجنوبيّة الشرقيّة مع إثيوبيا.
كما أفاد شهود «وكالة الصحافة الفرنسية» باندلاع اشتباكات بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، استُخدمت فيها خصوصاً طائرات مقاتلة في ود بنده غرب كردفان (جنوب)، وهي منطقة على الحدود مع دارفور.
توازياً، أبدت «منظمة الصحة العالمية» قلقها من خطر بيولوجي «هائل»، بعد استيلاء «أحد الطرفين المتقاتلين» على «المختبر المركزي للصحة العامة» في العاصمة، والذي يحوي عيّنات مسببة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال.
ومع انخفاض نسبي في حِدة القتال بمعظم أنحاء مدينة الخرطوم، البالغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة، نظّمت الحكومات الأجنبية عمليات إجلاء عبر قوافل برية وطائرات وسفن؛ لإخراج الآلاف من مواطنيها.
وقالت صفاء أبو طاهر، التي وصلت مع أسرتها إلى مطار عسكري في الأردن، ليل الثلاثاء: «أصعب شيء كان أصوات القصف والطائرات المقاتلة وهي تحلق فوق منزلنا. هذا روَّع الأطفال».
وفي إطار عمليات الإجلاء، أعلنت وزارة الخارجيّة السعوديّة أنّ سفينة تُقلّ 1687 مدنيّاً من أكثر من 50 دولة، فرّوا من العنف في السودان، وصلت إلى السعوديّة، الأربعاء، في أكبر عمليّة إنقاذ من نوعها تُنفّذها المملكة حتّى الآن. والمجموعة جرى نقلها «من خلال إحدى السفن التابعة للمملكة»، حسبما قالت وزارة الخارجيّة، في بيان، مؤكّدةً حرص المملكة على «توفير كامل الاحتياجات الأساسيّة للرعايا الأجانب؛ تمهيداً لتسهيل مغادرتهم إلى بلدانهم». وأضافت الوزارة أنها قامت بإجلاء ما مجموعه 2148 شخصاً، من بينهم أكثر من 2000 من الرعايا الأجانب.
كما وصلت طائرة نقل عسكرية بريطانية إلى قبرص.
تواصل عمليات إجلاء الرعايا من السودان وسط هدنة هشة
الأربعاء - 6 شوال 1444 هـ - 26 أبريل 2023 مـ
مدنيون من جنسيات مختلفة يصلون إلى ميناء جدة قادمون من السودان (رويترز)
الخرطوم: «الشرق الأوسط»
السودان أخبار السودان