أطلق تلسكوب "يوكليد" الفضائي، الذي تديره وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، في الأول من يوليو 2023، في مهمة طموحة لرسم خريطة الكون ودراسة بنيته. يأتي هذا التلسكوب كخطوة جديدة نحو فهم أعماق الفضاء، حيث يسعى لرصد وتصوير المجرات البعيدة التي تقع خارج مجرتنا، درب التبانة.
وفي تصريحات له، أوضح برونو ألتيري، عالم الأرشيف في "يوكليد"، أن "الهدف الرئيسي من هذه المهمة هو علم الكونيات، إذ نسعى لإنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد للكون ورسم خرائط لمليارات المجرات، وفهم كيفية تطور هيكله مع مرور الوقت. كلما ابتعدنا عن الأرض، ننظر إلى الماضي، مما يتيح لنا العودة إلى ما يصل إلى 10 مليارات سنة."
وفي الآونة الأخيرة، كشفت وكالة الفضاء الأوروبية عن جزء من العمل المنجز، حيث تغطي الصور منطقة من السماء الجنوبية يعادل حجمها 500 ضعف حجم القمر كما يُرى من الأرض. وعلى الرغم من أن هذه الصور لا تشكل سوى 1% من المساحة المستهدفة لمهمة " يوكليد"، إلا أنها تكشف عن حوالي 14 مليون مجرة.
وتتكون الفسيفساء، التي تم تجميعها من ملاحظات التلسكوب، من تفاصيل مذهلة، حيث يمكن تكبير الصور بمقدار 600 ضعف، مما يتيح للعلماء رؤية تجمعات من المجرات وعوالم بعيدة. وأكد ألتيري: "عند التكبير، يمكن رؤية تجمعات من المجرات، مما يوفر لنا لمحات رائعة عن الكون."
وتتركز مهمة "يوكليد" أيضًا على فك رموز اثنين من الألغاز الكبرى في الفضاء: المادة المظلمة والطاقة المظلمة. حيث تُشوه المادة المظلمة الضوء القادم من المجرات البعيدة، في حين تُعتبر الطاقة المظلمة مسؤولة عن تسارع توسع الكون.
وقال سشاذري ناداثور، أستاذ علم الكونيات في جامعة بورتسموث: "منذ أواخر التسعينيات، علمنا أن الكون لا يتوسع فقط، بل إن هذا التوسع يتسارع. وهذا يتطلب سلوكاً غريباً، مما يعني أنه يجب أن يكون هناك شيء لا يتصرف مثل المادة العادية، وهو ما نسميه الطاقة المظلمة."
ومن المقرر أن تستغرق مهمة "يوكليد" ست سنوات، مما سيتيح للعلماء فرصة دراسة السماء واكتشاف المزيد عن الظواهر الكونية الغامضة التي تحيط بنا.