بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 02/01/2023 - 18:01
أيمن الظواهري، الزعيم السابق لمنظمة القاعدة. - حقوق النشر -/AFP
منذ إعلان واشنطن، قبل خمسة أشهر، عن العملية التي قالت إنها أدت إلى مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري، ما زال التنظيم يرفض الاعتراف بفقدان خليفة مؤسسه أسامة بن لادن.
في 2 آب/أغسطس، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، مقتل الظواهري بضربة نفذتها طائرة بدون طيار في كابول، ومنذ ذلك الحين، ما زالت آلة دعاية التنظيم تبث، مثلما فعلت الأسبوع الماضي، رسائل بالصوت أو الفيديو غير مؤرخة لزعيمها المصري ذي اللحية البيضاء الطويلة، دون تأكيد أو نفي وفاته.
يقول هانز جاكوب شندلر، مدير مركز أبحاث مشروع مكافحة التطرف "CEP" لوكالة فرانس برس: "إنه أمر غريب حقًا. لا يمكن لشبكة أن تعمل في غياب قائد لها. إنها تحتاج لشخصية يدور حولها كل شيء".
تظل جميع الخيارات تقريبًا مفتوحة. قال الباحثان رافايلو بانتوتشي وكبير تانيجا في أوائل كانون الأول/ديسمبر على موقع "لوفير" (Lawfare): "يمكن بالطبع أن تكون الولايات المتحدة مخطئة بشأن وفاته"، وذكَّرا بإعلانات سابقة عن تصفية قياديين جهادويين عادوا إلى الظهور بعد ذلك. لكنهما أشارا إلى أن "الأمر يبدو غير مرجح بالنظر إلى الثقة، التي تحدث بها الرئيس بايدن عن الضربة".
فرضية سيف العدل
يجري تداول فرضية أخرى مفادها أن المجموعة فشلت في الاتصال بسيف العدل، الخليفة المفترض للظواهري. انضم هذا المقدم السابق في القوات الخاصة المصرية إلى حركة الجهاد الإسلامي المصرية في الثمانينات. اعتُقل ثم أطلق سراحه وتوجه إلى أفغانستان لينضم إلى القاعدة مثل الظواهري الذي صار نائبًا له.
لكن تفيد المعلومات بأن سيف العدل يختبئ في إيران حيث لا تبدي الجمهورية الإسلامية "الشيعية" أي تعاطف مع الحركة السنية المتطرفة. قال الباحثان: "من الواضح أنه يعيش في بيئة خطيرة تحد من حركته".
يقول شندلر: "إن سيف العدل يمثل مسؤولية ولكنه أيضًا ورقة بيد النظام الإيراني". يمكن لطهران حسب ما يخدم مصالحها أن تسلمه للأميركيين أو بالعكس أن تدعه يوجه ضربات لهم. وهناك سيناريو آخر يقول إن صمت القاعدة فرضته عليها طالبان. فقد قُتل الظواهري في حي راقٍ في كابول حيث لم تتمكن الحركة من أن تتجاهل وجوده.
يقول شندلر: "إن قرار طالبان عدم التعليق (على قتله) يمكن أن يكون جزءًا من جهودهم لإدارة علاقاتهم الهشة، ولكن العميقة مع القاعدة"، مع مراضاة واشنطن التي وعدوها بعدم السماح للتنظيم بأن يتصرف كما يحلو له. ولكن ربما لاقى العدل حتفه أيضاً، أو اختبأ لتجنب مصير سلفه وزعيمي تنظيم داعش اللذين قتلا بفاصل ثمانية أشهر في عام 2022.
لا مركزية
من الواضح أن هناك تكتمًا على ما يجري داخل تنظيم، يختلف تمامًا اليوم عن ذاك الذي نفذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
بات التنظيم منتشرًا عبر عدة جماعات بايعته من بلاد الشام إلى إفريقيا عبر جنوب آسيا. لكن هذه الجماعات تتمتع بقدر أكبر من الاستقلالية تجاه المركز مقارنة بالماضي، سواء في عملياتها أو تمويلها واستراتيجياتها، تماشيًا مع الواقع المحلي في الأراضي التي تنشط فيها.
ومن هنا، فإن صمت الجماعة بشأن ما بعد الظواهري الذي عُين بعد ستة أسابيع فقط من مقتل بن لادن، "يعكس الأهمية المحدودة لتنظيم القاعدة المركزي. إنه رمز يوحد الجماعات عبر الحدود ولكن أهميته متدنية في ما يتعلق بعملياتها"، كما يقول باراك مندلسون، الأستاذ في جامعة هافرفورد في بنسلفانيا.
يضيف هذا المتخصص في الجماعة لفرانس برس أن هذا الفراغ في السلطة "ليس كبيرا جدا". ومن هذا المنظور، تواجه القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية صعوبات متشابهة.
في تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن التنظيم المتطرف وفاة زعيمه العراقي أبو حسن الهاشمي القرشي وتنصيب أبو الحسين الحسيني القرشي مكانه. من خلال اسميهما المستعارين يدعي كل من الرجلين انتسابهما إلى قبيلة النبي محمد، سعيًا لاكتساب الشرعية "كخليفة" للمسلمين.
يقول توري هامينغ، أستاذ العلوم السياسية الدنماركي في قسم دراسات الحرب في جامعة كينغز كوليدج في لندن إن "على الرغم من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية تعيين زعيمين جديدين، إلا أن أحدا لم يسمع بهما من قبل. ومع ذلك ظلت الجماعات التي تدور في فلكه موالية لخليفة مجهول"، ويضيف قوله: "بالنسبة للقاعدة، يمكن أن يكون الأمر نفسه، مع وجود مجلس قيادي يؤدي دور أمير الجماعة".
يبقى الغموض محيطًا بالجماعة. فبعد مرور أكثر من 30 عامًا على وجودها، لم تشهد القاعدة سوى خلافة واحدة، يقول هامينغ لفرانس برس، مشيرًا إلى أن الإجراءات المتبعة لا بد أنها بسيطة. ولتأكيد ما يقوله يضيف قوله: "لا نعرف شيئا على الاطلاق عما يجري داخل القاعدةن من حيث اجراءات اختيار زعيم جديد".