♦ الملخص:
فتاة تقدم إليها شاب من عائلتها، وكان أهلها مرحِّبين بالأمر في بدايته، ثم لما صلت الاستخارة، واقتنعت، وأخبرت والدته بالقبول، تغير رأي أهلها، وهي لا تعلم ما السبب، وتسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
تقدم لي منذ مدة فردٌ من أفراد العائلة، وقد زارتنا والدتُه وأخوه نيابةً عنه؛ كونه يسكن في بلد أجنبي، بعد قطع مسافة طويلة، علِم كل أفراد العائلة بهذه القصة، الأمر الذي أزعجني؛ لأني أودُّ الاحتفاظ بخصوصية الموضوع، استقبلنا الوالدة وابنها كما ينبغي، وقد أُعجبتْ بي إلى حدٍّ كبير، تقبَّلت ما كان يحدث خلال تلك الفترة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ﴾ [البقرة: 189]، وقد اتضح لي أن الله يفعل ما يشاء، في الوقت الذي يشاء، فاللهم لا اعتراض، وإن كنت في سنٍّ لا تسمح لي بالارتباط، وقد تعاملت معهم بوصفهم ضيوفًا عاديين، فلم أنتبه للبحث عن الأمور التي يجب مناقشتها في أول لقاء، وباستشارة الوالدين تحدثت مع الشخص المعنيِّ بالأمر عبر مكالمة فيديو، وقد تمكَّنت إلى حدٍّ ما من توضيح وجهة نظري؛ بأن لديَّ أهدافًا وأولوياتٍ، كما تحدثنا طويلًا بشأن عدد السنوات الواجب انتظارها؛ حتى أكون قادرة على تحمُّل مسؤولية الزواج، لم نتوصل لقرار نهائي خلال الجلسة، فاقترحت أن أصليَ صلاة الاستخارة، وقد أيَّدني الطرف الثاني، كان النقاش جادًّا، ولاحظت تشابه أساليبنا في الحديث، واشتراكنا في بعض النقاط، وبعد صلاة الاستخارة، تمكَّنت في اليوم التالي من اتخاذ قرار حول الموضوع، وأجبت والدته بالقبول عندما سألتني، ولم يعلم أحدٌ بهذا الذي دار بيني وبين الوالدة الكريمة، اعتمدت في قَبولي بهذا الارتباط على مدى الراحة التي شعرت بها من ناحية أفراد العائلة، فقد توافقتُ مع الوالدة بشكلٍ ظريف، كما أن أكثر ما أثار إعجابي بهم حرصهم على أداء الصلاة، كما أنني وضعت بعين الاعتبار الرؤيا التي رأيتها، وبحثت عن تفسير لها، فوجدت أنها من الممكن أن تكون تنبيهًا وتحذيرًا من ضياع فرصة، وبعد صلاة الاستخارة مرة أخرى رأيت في المنام أن هذه العائلة عادت لبيتي مجددًا، كما حدث في أول مرة، كان أهلي في البداية يؤيدون هذه العلاقة، وقد كانوا على استعداد بإقناعي بالموضوع، لكن سَرعان ما تغير رأيهم، والحقيقة لم أسأل عن السبب؛ حتى لا أبديَ اهتمامًا بالموضوع أمام أهلي، خاصة وأني قلت رأيي بصريح العبارة، أعتقد أني إذا ما كنت أرغب في هذا الارتباط، فإن الله معيني، أفكر كثيرًا حول هذا الموضوع مؤخرًا، وأجهل تمامًا الغاية من هذا النصيب إن لم يُقدَّر، فما الذي بإمكانكم اقتراحه عليَّ؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: لا بد من معرفة سبب تغيُّر رأي أهلكِ في الخاطب، فإن كان له أسباب مقنعة لملحوظات عليه، أو على أهله، في الدين، أو الأخلاق، فتُؤخَذ بعين الاعتبار.
ثانيًا: ثم إن انصراف أهلكِ عنه، بل ربما كراهيتهم للزواج من هذا الشاب قد تُسبِّب لكِ متاعبَ مستقبليةً، أنتِ في غنًى عنها.
ثالثًا: المهم ألَّا تُخاطري بمستقبلكِ.
رابعًا: واعلمي - وفقكِ الله - أن الاستخارة الصحيحة ينبغي أن تأتي بعد تأكد صلاحية الخاطب دينًا وخُلُقًا، وأن يفوِّض المستخير أمره لله سبحانه تمامًا، مبتعدًا كليًّا أثناء الاستخارة عن دغدغة العواطف، والمَيل القلبي، وعن التأثر بحجم المديح الذي تَمَّ كَيْلُه للخاطب من أهله.
خامسًا: لا بد أن تجلسي مع أهلكِ جِلسة مصارحة؛ لبيان أسباب تغير رأيهم، وأن يتم النقاش معهم بهدوء، بعيدًا عن عاصفة العاطفة، فإما أن يقنعوكِ، أو تقنيعهم.
سادسًا: واعلمي - زادكِ الله توفيقًا - أن المستخير بإحدى النتائج الثلاثة الآتية:
١- إما أن يستخير ويرتاح ويقدم، وهذا في الغالب خير له.
٢- وإما أن يستخير وينصرف، وهذا أيضًا خير.
٣- وإما أن يستخير ويرتاح جدًّا، ولكن يُمنع مما يريده بصوارفَ أخرى، فيكون ارتياحه ابتلاءً وامتحانًا، وصرف المستخار فيه عنه هو الخير، وتأملي كلمات الاستخارة، وستجدينها كلمات توحيد عظيمة، وتفويض الأمر لله وحده سبحانه.
حفظكِ الله، ودلكِ على أرشد أمركِ.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد.