يعتمد نصف سكان السودان البالغ عددهم 25 مليون شخص على المساعدات الإنسانية.
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين من أنّ السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة، وذلك في مؤتمر استضافته جنيف تعهّد فيه المانحون تقديم نحو 1,5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين فارين من القتال.
هذا المبلغ لا يمثل سوى نصف الإجمالي الذي تقدر الوكالات الإنسانية أنها بحاجة إليه في بلد يعتمد فيه 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، على المساعدات الإنسانية.
خلال شهرين من الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، قُتل أكثر من 2000 شخص بحسب منظمة "أكليد" غير الحكومية، واضطر أكثر من 2,5 مليون شخص للنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى دول أخرى.
وقال منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث في ختام المؤتمر الدولي "اليوم، أعلن مانحون عن قرابة 1,5 مليار دولار للاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة".
وأضاف "هذه الأزمة ستتطلب دعما ماليا مستداما وآمل أن نتمكن جميعا من إبقاء السودان على رأس أولوياتنا".
بحسب الأرقام التي أعلنتها الأمم المتحدة، تعهدت الولايات المتحدة تقديم 550 مليون دولار لتكون بذلك أبرز مساهم، بينما تعهدت فرنسا تقديم 44,77 مليون دولار.
وتعهدت ألمانيا المشاركة في تنظيم المؤتمر مع الاتحاد الأوروبي وقطر ومصر والسعودية، تقديم 200 مليون يورو بحلول عام 2024، ووعدت قطر بمبلغ 50 مليون دولار، وتعهد الاتحاد الأوروبي بدفع 190 مليون يورو.
تم تنظيم المؤتمر في منتصف هدنة لمدة ثلاثة أيام أعادت الهدوء إلى العاصمة الخرطوم.
وتوقفت الغارات الجوية والقصف المدفعي منذ صباح الأحد في الخرطوم حيث يعيش ملايين الأشخاص في ظل الحر الشديد.
كما لم يلاحظ قتال في المدينة الاثنين وفق ما أفاد عدد من السكان وكالة فرانس برس في اليوم الثاني من الهدنة التي من المقرر أن تنتهي الأربعاء في الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي.
بعد نحو عشر هدن انتُهكت بشكل منهجي، تعهد طرفا القتال السماح بإيصال المساعدات الإنسانية في الدولة التي تعد من أفقر دول العالم.
رغم ذلك، شجبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر "عدم احترام الهدنة" الاثنين عندما فشلت "عملية نقل جنود" أسرتهم قوات الدعم السريع بسبب "إطلاق النار".
تبادل الاتهامات
وتبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهام بانتهاك الهدنة.
وندد دقلو الاثنين بـ"الانتهاكات المستمرة" لوقف إطلاق النار التي يرتكبها الجيش الذي اتهم في المقابل قوات الدعم السريع "بخرق الهدنة" وقتل 15 شخصا وإصابة عشرات المدنيين في إقليم دارفور.
وقال غوتيريش أمام المشاركين في المؤتمر إنّ "حجم وسرعة غرق السودان في الموت والدمار غير مسبوق. من دون دعم إضافي قوي يمكن أن يصبح السودان بسرعة مكاناً لانعدام القانون ولنشر عدم الأمان في أنحاء المنطقة".
- مخاوف من الأوبئة -
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الاثنين إن وصول موسم الأمطار يثير مخاوف من انتشار الأوبئة، مشيرة إلى القمامة التي تتراكم والجثث التي لا تزال ملقاة في الشوارع في مناطق يصعب الوصول إليها.
كما لفتت إلى أنه بدافع اليأس يضطر العديد من السكان إلى شرب مياه غير آمنة من نهر النيل أو من مصادر أخرى.
كما يتعين على الصليب الأحمر ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الأخرى مساعدة البلدان المجاورة للسودان التي استقبلت لاجئين وتشهد بدورها أزمات اقتصادية أو أعمال العنف.
وتقوم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة منذ أسابيع بوساطة بين المعسكرين أفضت إلى هدن قصيرة لكنها فشلت حتى الآن في إنهاء الأزمة.
وقال رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني خلال المؤتمر إن حل النزاع لا يمكن أن يكون إلا سياسيا.
وأشاد بجهود الوساطة السعودية-الأميركية وكذلك جهود الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا "إيغاد" التي يشغل السودان عضويتها.
- تحذير من "كارثة" في دارفور -
الوضع مقلق خصوصا في إقليم دارفور (غرب) حيث تدور معارك بين الجيش والدعم السريع بمشاركة مقاتلين قبليين ومدنيين مسلحين.
في هذا السياق، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إنه على مدى الأيام الأربعة الماضية فرّ "15000 سوداني بينهم نحو 900 جريح" من أعمال العنف واسعة النطاق ضد المدنيين في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بحثا عن ملجأ في أدري في تشاد.
في الإجمال، فرّ أكثر من 150 ألف شخص من دارفور إلى تشاد، بحسب الأمم المتحدة.
من جهته، قال السفير البريطاني سيمون مانلي خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف خُصّصت للسودان الاثنين، "تروعني خصوصا قصص العنف العرقي المتزايد والعنف الجنسي والتمييز على أساس الجنس في أجزاء من دارفور".
وفي بيان الإثنين، أعربت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي و"إيغاد"، عن قلقها إزاء "التدهور السريع للأوضاع في دارفور".
واعتبرت الآلية الثلاثية أن النزاع أخذ بعدا عرقيا في دارفور، وهو ما أدى إلى هجمات ضد أشخاص بسبب هوياتهم وإلى تهجير فئات مجتمعية.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن دارفور يتجه نحو "كارثة إنسانية" جديدة، مشيرة إلى "جرائم محتملة ضد الإنسانية".
وسبق أن شهد الإقليم حربا دامية في العقد الأول من القرن الحالي خلفت حوالى 300 ألف قتيل ونحو 2,5 مليون لاجئ، وفق الأمم المتحدة.