أمضى أليكسي نافالني أيامه الأخيرة في مستعمرة جزائية "جهنمية" داخل الدائرة القطبية الشمالية، هذا ما نعرفه عن هذه المؤسسة الأمنية المشددة التي تم إنشاؤها في عهد ستالين، خلال عصر معسكرات الاعتقال.
توفي زعيم المعارضة أثناء قضائه عقوبة السجن لمدة 19 عاماً في منشأة FKU IK-3، المعروفة باسم "بولار وولف"، والتي تضم أكثر من 1000 من أسوأ المجرمين في البلاد، إلى جانب حفنة من السجناء السياسيين الذين تجرؤوا على تحدي نظام فلاديمر بوتين.
تنخفض درجات الحرارة إلى 22 درجة مئوية تحت الصفر، ولا تُسمع في دهاليز السجن سوى أقدام العساكر وهي تطأ الثلج.
يشتهر "بولار وولف" بظروف الاحتجاز القاسية، وعادةً ما يكون هذا النوع من المؤسسات مخصصاً للسجناء المحكوم عليهم بالمؤبد، ناهيك عمّا يتم تداوله من معاملة وحشية للسجناء.
في رسالة ساخرة نُشرت في 26 ديسمبر/كانون الأول 2023 على مواقع التواصل الاجتماعي، قدم أليكسي نافالني أخبارا "مطمئنة" لمؤيديه. وقال بتهكم : هناك كلاب حراسة ضخمة ذات فرو سميك وجميل جدا".
تم بناء السجن في مدينة خارب الواقعة في مقاطعة يامالو-نينتسيا، على بعد أكثر من 3000 كيلومتر من موسكو. يبلغ عدد سكان هذه المنطقة النائية في شمال روسيا حوالي 5000 نسمة وتُعرف بالعديد من المستعمرات العقابية، إنها منطقة متجمدة ومعزولة، معروفة بظروف الاحتجاز الأقسى في العالم.
وصف سجناء سابقون كيف تم تصميم هذه المستعمرة الجزائية، لجعل السجناء يشعرون بـ"اليأس التام" ولسحق أي "روح متمردة". ويمكن للمنشأة الواقعة في خارب، وهي جزء من دائرة السجون الفيدرالية الروسية، أن تستوعب ما يصل إلى 1085 شخصًا.
في بعض الأيام لا يبق ضوء النهار سوى ساعتين يومياً، قبل أن يغرق كل شيء في الظلام، ويُقال الكثير عن هذه المؤسسة التي تخضع لنظام صارم، ويراقبها رجال مسلحون وكلاب، لكن الطبيعة القاسية تظل أفضل حارس للمكان، فمن جهة ثمة مئات الكيلومترات من الطبيعة القاحلة ومن الجانب الآخر جبال الأورال القطبية.
وسبق لمحامي نافالني، أن قال إن الحراس في المستعمرة الجزائية حاولوا "تدمير صحة نافالني بكل القوى والوسائل"، حيث فقد 7 كيلوغرامات من وزنه وأُصيب بمرض تنفسي فيروسي حاد غير معروف أثناء وجوده في زنزانة العقاب "في حفرة الجحيم".
وتم بناء هذا السجن المعزول في عام 1961، كجزء مما كان يعرف في السابق بنظام معسكرات العمل القسري السوفيتية.
وفي "بولار وولف" يرن المنبه ليوقظ السجناء في الساعة الخامسة صباحاً، ويمشون وأيديهم خلف ظهورهم، بعد ذلك يقضي المعتقلون يومهم في مصنع للأخشاب أو لخياطة الملابس.
وذكر نافالني ساخراً مشهدًا في فيلم "العائد" لعام 2015، حيث يختبئ ليوناردو دي كابريو في جثة حصان، وقال: "لا أعتقد أن هذا كان سينجح هنا الحصان الميت سيتجمد خلال 15 دقيقة، نحن بحاجة إلى فيل هنا".
ذكر سجناء سابقون أنه يقال إن الحبس الانفرادي الذي يُعاقب فيه السجناء، صغير الحجم، ولا يوجد فيه سوى ثقب في الأرض مخصص للمرحاض.
وقالوا إن من أساليب التعذيب المعروفة، أن يُجبر السجناء على الوقوف في طوابير في الخارج، في ذروة الشتاء لمدة تزيد على أربعين دقيقة، مرتدين ملابس خفيفة، وإذا قام شخص واحد بالتحرك أو فرك يديه للحصول على بعض الدفء، يتم غمر المجموعة بأكملها بالماء البارد.