تصعيد بين إسرائيل وحلفاء إيران.. لماذا الآن؟

منذ 1 سنة 128

أوحت صور لقاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، بأن الشرق الأوسط مقبل نحو فترة من التهدئة، بعد اتفاق أبرز خصمين في المنطقة.

لكن صواريخ لم تتبناها أي جهة، أُطلقت من جنوب لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية، أعادت إلى الأذهان حقيقة أن صراعات الشرق الأوسط أصعب من أن تحل باتفاقيات بين دولتين.

ورغم السبب المباشر لهذه الصواريخ، وهو اعتداءات الجيش الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى بالقدس لـ3 أيام على التوالي، إلا أنه لا يمكن عزلها عن سياقات أخرى في إسرائيل وخارجها.

تصاعد المواجهات في الضفة الغربية

تعيش مناطق الضفة الغربية المحتلة منذ مطلع العام الحالي حالة تصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في وقت سابق عن سقوط ما يقارب الـ90 شخصاً منذ بداية 2023 بسبب هجمات القوات الإسرائيلية.

وزادت الحكومة التي توصف بأنها "الأكثر تطرفًا" في تاريخ إسرائيل من عملياتها في بلدات الضفة الغربية، واعتقال العشرات في عمليات اقتحامات تسبب بمواجهات عنيفة.

في المقابل، ارتفعت وتيرة العمليات التي قام بها الفلسطينيون، حيث قتل عدد من الإسرائيليين في حوادث دهس وإطلاق نار.

توازيًا مع ذلك، صعّد المستوطنون من عملياتهم في البلدات الفلسطينية، ما أدى إلى مواجهات غير مسبوقة وصفها البعض بأنها "حرب أهلية" في الداخل الإسرائيلي.

وفي 26 فبراير/ شباط الماضي، شهدت بلدة حوارة جنوبي نابلس هجمات غير مسبوقة شنها مستوطنون، أسفرت عن استشهاد فلسطيني وإصابة عشرات آخرين وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات، وذلك بعد مقتل مستوطنين اثنين في إطلاق نار قرب البلدة.

انقسام داخلي إسرائيلي

منذ الرابع من كانون الثاني/ يناير الماضي، تعيش إسرائيل واحدة من أسوأ أزماتها السياسية والقضائية، حيث يسعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإدخال تغييرات جذرية على النظام القضائي، لا سيما أن العديد من اليمينيين في إسرائيل يرون أن المحكمة العليا تميل إلى اليسار ونخبوية وتتدخل بصورة كبيرة في الشؤون السياسية، وكذلك تقدم حقوق الأقليات على المصالح الوطنية في كثير من الأحيان.

لذا تضغط الحكومة من أجل إدخال تغييرات من شأنها الحد من سلطات هذه المحكمة في إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تمنح النواب سلطة أكبر في تعيين القضاة، الذي يتطلب حاليًا موافقة السياسيين والقضاة أعضاء اللجنة المعنية.

ورغم تعليق البحث في هذه التعديلات إلى ما بعد أعياد الفصح اليهودية، تستمر الاعتراضات والمظاهرات في تل أبيب، وسط تمسك الائتلاف الحاكم بزعامة نتنياهو بالتصديق النهائي على التغييرات.

كما تتصاعد المخاوف من انقسام فعلي خطير في البلاد، لاسيما بعد الدعوات من داخل حزب الليكود للتمرد، ومن صفوف الجيش أيضاً، ما دفع الرئيس إسحاق هرتسوغ إلى التحذير من حرب أهلية.

مواجهة مع حزب الله

وبالعودة إلى الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان، فإن تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله وحماس، يزيد من فرصة التصعيد على جبهات مختلفة.

وعقب عمليات الإطلاق، تم إطلاع وزير الدفاع يوآف غالانت على الأحداث الأمنية الأخيرة على الحدود الشمالية وأعطى توجيهات أولية لرئيس الأركان ومؤسسة الدفاع للتجهيز لتصعيد أكبر.

من هنا، رأت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن "السياق العام للأحداث يوحي بأن حزب الله وإيران يبدوان مستعدين لتحمل المزيد من المخاطر في مواجهتهما مع إسرائيل".

وتذكّر الصحيفة بإسقاط الجيش الإسرائيلي لطائرة مسيّرة مجهولة المصدر انطلقت من لبنان، ما يلمّح إلى نوايا حزب الله التصعيدية.

وتأتي هذه الأحداث توازيًا مع زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية إلى لبنان، حيث التقى مع أمين عام حزب الله حسن نصرالله.

مواجهة مع إيران؟

إضافة لكل ما سبق، يرتفع منسوب المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب، حيث تتوالى الضربات الإسرائيلية الجوية على الأراضي السورية خلال الأيام الأخيرة، وكان آخرها في ساعة مبكرة من أمس الأحد بمنطقة حمص وريفها وسط البلاد.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية عن مصدر عسكري أن 5 عسكريين أصيبوا أمس الأحد، إضافة إلى وقوع خسائر مادية نتيجة ما وصفه المصدر بعدوان إسرائيلي بالصواريخ على مواقع في مدينة حمص وريفها وسط سوريا.

وقبل ذلك أعلن الحرس الثوري الإيراني مقتل أحد مستشاريه العسكريين برتبة نقيب ويدعى مقداد مهقاني في غارة إسرائيلية على ضواحي دمشق فجر يوم الجمعة الماضي.

وشدد الحرس الثوري على أن ما سماها "جريمة الكيان الصهيوني المجرم" لن تمر دون رد، كما توعد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بأن دماء المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا لن تضيع، وأن بلاده تحتفظ بحقها في الرد على إسرائيل في الزمان والمكان المناسبين.

وكان رئيس نتنياهو قال إن إسرائيل ستكبد الأنظمة التي تؤيد ما وصفه بالإرهاب خارج حدود إسرائيل ثمنا باهظا، مؤكدا أن الخلاف الداخلي في بلاده لن يمنع حكومته من محاربة أعداء إسرائيل أينما كانوا.

وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة هآرتس أن إسرائيل كثفت غاراتها وهجماتها على أهداف الحرس الثوري الإيراني في سوريا بعد عملية تسلل نفذها شخص قدم من لبنان وزرع عبوة وفجرها جنوب حيفا في 13 آذار/ إسرائيل الماضي.

وأضافت الصحيفة أن إسرائيل كثفت هجماتها في العمق السوري خلال العقد الأخير، إذ ركزت في السنوات الأولى على قوافل الإمدادات التي تهرب السلاح والذخيرة إلى حزب الله، وخلال السنوات الخمس الأخيرة استهدفت مصانع الأسلحة ومخازن الذخيرة الخاصة بإيران والمليشيات المحلية المتعاونة معها في سوريا.

وتابعت أن إسرائيل تفضل أن تدير الحرب ضد إيران فوق الأرض السورية على أن تواجه حزب الله، خشية اندلاع مواجهة مباشرة مع الحزب في لبنان قد تتحول إلى حرب لا يرغب فيها الفرقاء.

في محصلة ما سبق، يبقى أن نرى ما إذا كانت المنطقة ستبقى في مسارها الدبلوماسي، أم أنها ستتوجه إلى تصعيد لا يمكن لأحد توقع نهاياته.