ملخص
قد تواجه شركات الطيران التي تسمح لمسافريها بالسفر إلى المملكة المتحدة دون حصولهم مسبقاً على "تصريح السفر الإلكتروني" غراماتٍ قد تصل إلى ألفي جنيه استرليني
أثار قرار الحكومة البريطانية إلزام جميع المسافرين الأجانب تقريباً بالحصول - بدءاً من السنة المالية المقبلة - على إذن عبر الإنترنت لعبور المملكة المتحدة إلى وجهاتٍ أخرى (ترانزيت)، مخاوف إدارة مطار هيثرو اللندني، التي حذرت من خسائر مالية كبيرة نتيجة احتمال لجوء ما يصل إلى 4 ملايين مسافر سنوياً إلى مطاراتٍ رئيسة أخرى لتجنب قيود بيروقراطية إضافية على رحلاتهم.
وسيكون لزاماً على ركاب الترانزيت الدوليين اعتباراً من مطلع أبريل (نيسان) من العام 2025، أن يقوموا بالتسجيل مسبقاً ودفع مبلغ 10 جنيهات استرلينية (13 دولاراً أميركياً)، للحصول على "تصريح سفر إلكتروني" Electronic Travel Authorisation (ETA)، حتى لو كان عبورهم في المطار لساعتين فقط بين الرحلات، علماً أن أياً من المطارات الرئيسة الأخرى لا تفرض مثل هذا الشرط. ومن شأن هذا الإجراء أن يهدد بخسارةٍ محتملة لركاب الترانزيت، وجعل بعض المسارات الجوية عديمة الجدوى مالياً، ما قد يؤثر بالتالي بشكلٍ أكبر في السياحة الوافدة إلى المملكة المتحدة.
يُشار إلى أن حزب "العمال" تبنى مخططاً كانت قد وضعته حكومة حزب "المحافظين"، يفرض على جميع الأفراد الذين هم من غير المواطنين البريطانيين والإيرلنديين، الحصول على تصريح إلكتروني قبل السفر إلى المملكة المتحدة.
وأكدت سيما مالوترا وزيرة الدولة البريطانية لشؤون الهجرة والمواطنة يوم الثلاثاء الفائت، أن مخطط "تصريح السفر الإلكتروني" سيتم تطبيقه على معظم الوافدين الدوليين إلى المملكة المتحدة، اعتباراً من الثاني من أبريل العام 2025.
وفي إطار تبني مقترحات الحكومة "المحافظة" السابقة، قالت مالوترا إن "رقمنة التصاريح تمنح ملايين الأفراد الذين يعبرون حدودنا كل سنة تجربةً سلسة، بمَن فيهم الزوار الذين نرحب بهم بحرارة، والذين من المتوقع أن يضخوا أكثر من 32 مليار جنيه استرليني (41 ملياراً و600 مليون دولار) في اقتصادنا السياحي هذه السنة.
إلا أن تحليلاً أجرته "اندبندنت" خلص إلى أن المخطط كما تم تصميمه قد تترتب عنه عواقب مالية كبيرة على مطار هيثرو، وعلى تجار التجزئة الذين يعملون فيه، وشركات الطيران في المملكة المتحدة.
كما أن من شأن إلزام ركاب الترانزيت بتقديم طلبٍ عبر الإنترنت ودفع رسم الحصول على تصريح، أن يجعل مطار هيثرو في لندن حالةً نافرة بين مراكز السفر العالمية الكبرى الأخرى - مثل أمستردام وفرانكفورت وإسطنبول و"باريس شارل ديغول" ودبي وسنغافورة - التي لا تفرض على المسافرين سوى الحصول على تصريح دخول إلى وجهتهم النهائية.
لكن الحكومة البريطانية تزعم أن مطالبة الأشخاص بالحصول على "تصريح سفرٍ إلكتروني"، يحول دون استغلالهم رحلات الترانزيت الجوية لدخولٍ موقت إلى المملكة المتحدة، من دون الحصول على الإذن المناسب لدخول البلاد.
حالياً، يُطلب الحصول على تصريح السفر الإلكتروني من مواطني ست دول خليجية هي البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ـ
وكان مطار هيثرو قد أفاد في يوليو (تموز) الفائت، بأنه بعد أشهر قليلة من تاريخ البدء بتطبيق هذا الإجراء على مواطني تلك الدول، اختار نحو 90 ألف مسافر تحويل وجهاتهم واستخدام مطاراتٍ أخرى.
وقال متحدث باسم المطار: "سبق أن شهدنا تراجعاً كبيراً في عدد ركاب الترانزيت".
تجدر الإشارة هنا إلى أن "اندبندنت" كانت قد توقعت هذه الأرقام والتأثير المحتمل (لـ "تصريح السفر الإلكتروني") من خلال تقدير ما قد يحدث إذا بدأ الركاب من بلدان أخرى إظهار سلوكٍ مماثل.
في الوقت الراهن، يحتاج معظم ركاب الترانزيت في مطار هيثرو - الذين يشكلون نحو 30 في المئة من إجمالي حركة الركاب في المطار – إلى وثائق تثبت وجهتهم النهائية فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلا أن البيانات الأولية المتعلقة بالمسافرين من دول الخليج تشير إلى أن مسافر ترانزيت من كل ستةٍ محتملين، اختار استخدام مطار مختلف بدلاً من هيثرو، بسبب إجراء "تصريح السفر الإلكتروني" الجديد.
لكن اعتباراً من أبريل المقبل، سيُطلب من جميع ركاب الترانزيت تقريباً الذين يمرون عبر مطار هيثرو من دون الدخول إلى المملكة المتحدة، الحصول على "تصريح سفرٍ إلكتروني". وإذا ما انسحبت النسبة المئوية نفسها على ركاب الدول الأخرى بسبب هذا الشرط، فقد يشهد مطار هيثرو انخفاضاً في حركة المسافرين عبره يُقدر بـ 4 ملايين شخص.
ونتيجةً لذلك، ستكون "الخطوط الجوية البريطانية" الشركة الأكثر تضرراً من تراجع عدد ركاب الترانزيت، مع تأثر شركة "فيرجن أتلانتيك" هي أيضاً بشكلٍ كبير. ويُعَد مطار هيثرو كذلك مركزاً رئيسياً لـ "ستار ألاينس" Star Alliance (وهو أكبر تحالفٍ لشركات الطيران، يضم 5 شركات طيران عالمية)، ما يسهل رحلات الترانزيت بين شركات طيران مثل "لوفتهانزا" و"يونايتد" و"إير كندا" و"الخطوط الجوية السنغافورية".
جدير بالذكر أن عدداً كبيراً من الرحلات الجوية في مطار هيثرو تعتمد على ركاب الترانزيت لتحقيق الأرباح، وقد تكون بعض المسارات مهددةً إذا ما انخفض عدد مسافري الترانزيت عليها. كما أن الكثير من تجار التجزئة في المطارات يعتمدون على إنفاق ركاب الترانزيت أثناء توقفهم لبعض الوقت قبل متابعة رحلاتهم.
وفي حين يظل تحديد التأثير الاقتصادي الدقيق لهذه السياسة على المملكة المتحدة أمراً معقداً، تقدر "اندبندنت" أن الخسارة السنوية المحتملة قد تتفاوت ما بين مليارين ونصف المليار جنيه استرليني (3 مليارات و250 مليون دولار) و5 مليارات جنيه استرليني (6 مليارات ونصف المليار دولار)، بما في ذلك انخفاض إيرادات شركات الطيران، وتراجع الإنفاق في متاجر المطارات.
وفي ما يتعلق بمخالفة الركاب هذا الإجراء، قد تواجه شركات الطيران التي تسمح لهم بالسفر إلى المملكة المتحدة - من دون حصولهم مسبقاً على "تصريح السفر الإلكتروني" - غراماتٍ تصل إلى ألفي جنيه استرليني (ألفين و600 دولار).
وفي حين لم يشأ مطار هيثرو ووزارة الداخلية البريطانية التعليق على تقديرات "اندبندنت"، قال متحدث باسم المطار: "نحن لا نرفض تنفيذاً تدريجياً للمخطط على المدى الطويل، لكن تطبيقه على ركاب الترانزيت في المطار من شأنه أن يؤثر في قدرة المملكة المتحدة على المنافسة، وأن ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي".
وأضاف: "نسعى إلى التعاون في الأشهر المقبلة مع وزارة الداخلية البريطانية لحل هذه المشكلة".
يُشار أخيراً إلى أنه على رغم أن مطار هيثرو ليس المطار الوحيد في المملكة المتحدة الذي يتعامل مع ركاب الترانزيت الجوي، فإن عدد هؤلاء الركاب في المطارات الأخرى هو قليلٌ للغاية. ونتيجةً لذلك، من المتوقع أن يكون تأثير شرط "تصريح السفر الإلكتروني" محدوداً في المطارات الأخرى.