تواجه الدنمارك اليوم أحد أكبر التحديات الأمنية مع تصاعد التوتر في بحر البلطيق، والذي أصبح بؤرة تهديدات دولية منذ الحرب الأوكرانية الروسية. ويُعدّ التخريب الذي طال خطّي أنابيب الغاز "نورث ستريم 1 و2" نقطة تحول دفع الأنظار نحو هذا الممر البحري الحساس.
غير أن التهديدات لم تتوقف عند الاعتداء على البنية التحتية البحرية. والاتهامات الأخيرة الموجهة للسفينة الصينية "يي بينغ 3" بالتورط في تخريب جديد تؤكد تصاعد التوتر، ما دفع الدنمارك إلى اتخاذ خطوات حاسمة لتعزيز أمن المنطقة ومواجهة الواقع الجديد.
جهود الدنمارك لتعزيز المراقبة البحرية
للتصدي لهذه التحديات، بدأت الدنمارك بالاعتماد على مراقبة دقيقة لحركة السفن في منطقتها، خاصة عند عبور جسر الحزام العظيم، حيث يتوجب على السفن الإعلان عن تحركاتها.
ومع ذلك، تواجه البحرية الملكية الدنماركية صعوبات في مراقبة الأنشطة تحت الماء، حيث تمر الكابلات الحيوية. وأكد توبياس ليبتراو، الباحث في الأمن السيبراني بجامعة كوبنهاغن، أن تشديد المراقبة يمكن أن يردع محاولات التخريب المستقبلية ويوجه رسالة واضحة بأن الأنشطة المريبة لن تمر دون ملاحظة.
وقد شددت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن على أهمية التعاون مع دول البلطيق والناتو لتعزيز الأمن. وقالت: "علينا أن ندرك الواقع الجديد الذي نعيشه، حيث أصبح التخريب تهديداً حقيقياً في منطقتنا".
وأوضحت أن الدنمارك تساهم بشكل مباشر من خلال المراقبة البحرية والجوية، مشيرة إلى خطوات اتخذتها البلاد لتطوير ما يُعرف بـ"بحرية الظل"، لتعزيز قدراتها في التصدي لأي تهديدات طارئة.
تحديات قانونية وأمنية تواجه الدنمارك
رغم الجهود المبذولة، يبرز عائق قانوني يحول دون تدخل الدنمارك، حيث يُسمح بما يُعرف بـ"المرور غير المؤذي" للسفن، حتى داخل المياه الإقليمية، ما لم يتم إثبات انتهاكها للقوانين. وأوضحت كريستينا سيج، أستاذة بجامعة جنوب الدنمارك، أن القانون الدولي يحد من قدرة السلطات على اعتراض السفن، حتى في حالات الاشتباه.
وعلى الرغم من التحديات، تسعى الدنمارك لتعزيز التعاون مع شركائها الدوليين وتحسين أدواتها الاستخباراتية لمواجهة التهديدات في بحر البلطيق، حيث بات الأمن البحري أولوية قصوى في ظل تزايد التوترات الإقليمية.
من هنا، شددت فريدريكسن على أهمية ضمان المراقبة الفعّالة للأنشطة البحرية وتعزيز الجهود المشتركة لمواجهة التهديدات التخريبية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية في المنطقة.