ملخص
الرئيس دونالد ترمب يشبه نفسه بشخصيات تاريخية من دون أن يرف له جفن.
ليس من المفترض في هذه المرحلة أن يتفاجأ أي شخص بإحساس دونالد ترمب المتورم بأهميته الشخصية، لكن لا يسع المرء سوى أن يقف مشدوهاً أمام ضخامة الاعتبار الذي يوليه مرشح الحزب الجمهوري المفترض لنفسه.
ما عاد ترمب يكتفي بالتفاخر بأنه يتمتع بشعبية واسعة تسمح له بارتكاب جريمة قتل والإفلات من العقاب، ولا بأن ينسب لنفسه الفضل في رسم شكل أفق مدينة نيويورك أو يزعم بأن الحرب ما كانت لتنشب في أوكرانيا ولا غزة لو بقي في البيت الأبيض، إذ يبدو بأن الرجل يرى في نفسه درجة من العظمة تتخطى هذه الأمور حتى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قبل أن يصدر في حقه حكم إدانة بتهمة دفع رشوة لممثلة أفلام إباحية، خرج ترمب من المحكمة التي كانت تعقد فيها مداولات محاكمته بقضية دفع أموال الصمت، يوم الأربعاء، وقارن نفسه بالأم تيريزا، مصراً بأنها حتى هي لم تكن "لتستطيع الفوز في مواجهة هذه التهم".
أما السبب الذي قد يضطر الراهبة الكاثوليكية الأسطورية التي اشتهرت بعملها الإنساني إلى إسكات ستورمي دانيالز، فخارج الموضوع - وكان هذا أحدث مثال على المقارنات التي يقيمها الرئيس السابق لنفسه مع شخصيات شهيرة ومهمة على نطاق عالمي، من رؤساء أميركيين ونجوم موسيقى الروك أند رول إلى رجال العصابات سيئي السمعة.
نلقي نظرة في ما يلي على بعض الشخصيات الشهيرة التي شبه ترمب نفسه بها، على نحو غير متوقع، من نيلسون مانديلا إلى آل كابوني.
نيلسون مانديلا
قبل الطوباوية الأم تيريزا دي كالكوتا، شبه ترمب نفسه في أبريل (نيسان) بالرمز الجنوب أفريقي الشهير بمناهضته للفصل العنصري، ذلك الرجل الذي أمضى، خلال مسيرة نضاله لتحقيق المساواة، 27 عاماً وراء القضبان.
بكل وقاحة، زعم الرئيس السابق أنه يرى أوجه شبه بين نضال مانديلا من ناحية وقرار منع النشر الذي فرضه عليه القاضي خوان ميرشان في قضيته المتعلقة بدفع أموال الصمت من ناحية أخرى.
ونشر ترمب على منصته، تروث سوشال "إن كان هذا القاضي المتحزب أولاً وآخراً يريد أن يودعني 'السجن' لأنني قلت الحقيقة الواضحة والصريحة، فسأصبح بكل سرور نيلسون مانديلا العصر الحديث - وسيشرفني ذلك".
وفقاً لمعاون ترمب السابق مايكل كوهين، لم يكن المرشح الرئاسي الجمهوري دائماً من معجبي مانديلا.
في كتاب سيرته الذاتية الصادر في 2020 تحت عنوان خائن، كتب كوهين أن ترمب قال مرة عن الزعيم الجنوب أفريقي "خرب مانديلا البلاد تماماً. فأصبحت الآن مكاناً قذراً. لم يكن زعيماً".
يسوع المسيح
لطالما بين ترمب أنه يحمل عقدة المسيح المخلص، وهو غالباً ما يقيم مقارنات بين يسوع المسيح وبين شخصه حين يحاول التقرب من المسيحيين الإنجيليين للحصول على أصواتهم.
في مارس (آذار)، أعاد نشر رسالة من أحد متابعيه على تروث سوشال، عبر الأخير فيها عن تعاطفه مع ترمب في خضم معاناته مشكلات قضائية، وكتب "من دواعي السخرية أن المسيح سار على درب أكبر اضطهاد عاناه خلال الأسبوع نفسه الذين يحاولون فيه أن يسرقوا ممتلكاتك".
وفي عام 2023، ألمح إلى أنه عداه هو، لن يقدر أي أحد ما خلا يسوع المسيح، على تأمين الأصوات المطلوبة لكي يصبح رئيساً لمجلس النواب. ثم نشر صورة ولدها أحد مناصريه بالذكاء الاصطناعي، تظهر يسوع المسيح وهو جالس إلى جانبه في قاعة المحكمة.
لوحة الموناليزا
خلال مقابلة مع محطة ويلز التلفزيونية إس فور سي S4C في مار آ لاغو في يونيو (حزيران) الماضي، شبه ترمب نفسه بلوحة عصر النهضة التي رسمها ليوناردو دافنشي واشتهرت في كل العالم، في أثناء حديثه عن تفاني معجبيه من حركة ماغا (اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً) الذين يأتون إلى تجمعاته الانتخابية.
وقال في إشارة إلى قدرة الأشخاص الذين يواظبون على حضور فعالياته على "رؤية" حسناته "إن الوجوه الدائمة في الصف الأول يدركون الأمر ويرونه".
"لديك معجبون يلاحقون فرق موسيقى الروك، ويستمعون إلى الأغاني نفسها المرة تلو الأخرى. ثم لديك أشخاص يزورون لوحة موناليزا ويرونها مئات وآلاف المرات فتصبح أفضل في كل مرة يرونها. وآخرون يشاهدون مسرحيات برودواي 20 مرة".
إلفيس بريسلي
نشر ترمب صورة مركبة فيها دمج مخيف لصورة وجهه ووجه ملك الروك آند رول على تروث سوشال في فبراير (شباط).
وسأل متابعيه "يقول الناس منذ سنوات طويلة إنني أشبه إلفيس. والآن هذه الصورة منتشرة في كل مكان. ما رأيكم؟"
قوبل سؤال ترمب بالاستهزاء ولا سيما من مضيف البرنامج الحواري المسائي جيمي كيمل الذي مزح في برنامجه بعد يوم من المنشور فقال "أظنك أحرجت نفسك مجدداً".
لكن كيمل وجد بالفعل نقاط شبه بين الاثنين، فأضاف "يتشارك الاثنان الشعر المذهل والسكن في عقار فخم في الجنوب. ولديهما حركات رقص مميزة".
كما لحظ النجم التلفزيوني بأن الرجلين "واقعان تحت التأثير الكامل للكولونيل"، قبل أن يعرض صورة لترمب وهو يأكل دجاج كنتاكي على متن طائرته الخاصة.
وختم بقوله "إن القاسم المشترك الوحيد بين دونالد ترمب وإلفيس هو أنه سيموت بدوره وهو جالس على المرحاض يأكل شطيرة لحم وجبنة من آربيز عليها موز مقلي".
آل كابوني
في مؤتمر العمل السياسي للمحافظين الذي عقد في شهر فبراير من العام الحالي، قارن ترمب نفسه بزعيم العصابات سيئ السمعة الذي عاش في شيكاغو خلال فترة حظر الكحوليات.
وقال في تجمع الجمهوريين، وهو يستمتع بالتفاصيل الدموية التي رافقت سمعة رجل العصابات "تذكروا أنني اتهمت مرات أكثر من ألفونس كابوني، سكارفيس".
"لو تناولت معه طعام العشاء ولم تعجبه ابتسامتك - واعتقد أنك تسخر منه بهذه الابتسامة - فستموت قبل أن تصل بيتك وتلقي التحية على زوجتك".
وللمفارقة، ليس ترمب الوحيد الذي أقام هذه المقارنة مع كابوني.
ففي عام 2020، شبهه كاتب سيرته الذاتية تيموثي أوبراين بزعيم العصابات حين تكلم عن احتمال انقلاب المدير المالي السابق لمنظمة ترمب، آلن وايسلبيرغ، على مديره السابق.
وقال أوبراين لمحطة "إم إس إن بي سي" MSNBC "في نهاية المطاف، سقط آل كابوني لأنهم وصلوا إلى محاسبه. المحاسب هو من كشف للمحققين الفدراليين كيف تزور منظمات كابوني حساباتها".
في الوقت الحالي، يقضي وايلسبيرغ فترة حكمه الثانية في سجن جزيرة رايكرز وآخر التهم الموجهة إليه هي الحنث باليمين لصالح ترمب.
سير وينستون تشرشل
في خطابه أمام حشد في ميشيغان في سبتمبر (أيلول) 2020، نفى ترمب التقارير القائلة إنه استسخف بخطر كوفيد-19 في أوائل أيام الجائحة - وشبه نفسه برئيس الوزراء البريطاني في فترة الحرب العالمية على سبيل إثبات ذلك.
وقال ترمب للحضور "كما نصحت الحكومة البريطانية الشعب البريطاني الذي كان يواجه الحرب العالمية الثانية 'تحلوا بالهدوء واستمروا'. وهذا ما فعلته".
"عندما كان هتلر يقصف، لا أعلم إن كنتم تعرفون هذا، عندما كان هتلر يقصف لندن، غالباً ما كان تشرشل الزعيم العظيم يصعد إلى سطح في لندن ويخطب".
وتابع "وكان دائماً يتكلم بهدوء. قال إنه علينا أن نتحلى بالهدوء. كلا، تصرفنا بالطريقة الصحيحة وأفضل من أي أحد".
من الممكن أن ترمب فكر في هذا التشبيه مع تشرشل بسبب الصحافي بيرس مورغان الذي أهدى الرئيس السابق مرة قبعة تشبه قبعة هومبورغ التي كان يعتمرها تشرشل، خلال مقابلة أظهر خلالها قدر كبير من التملق في يونيو 2016.
لاحقاً، قوبلت مسؤولة الاتصالات في حملة ترمب الانتخابية 2024 ليز هارينغتون بالاستهزاء لأنها شاركت على منصات التواصل الاجتماعي غلاف مجلة "أميركان سبيكتاتور" التي اعتبرت مديرها "تشرشل الجديد".
جورج واشنطن
في يوليو (تموز) 2023، نشر ترمب صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي لنفسه مكان جورج واشنطن وهو يقود الجيش القاري خلال الحرب الثورية.
جاء المنشور لمناسبة احتفال الولايات المتحدة بعيد استقلالها الـ247 عن بريطانيا العظمى لكنه ولد موجة من السخرية على الإنترنت.
وكتب أحد المستخدمين، "كان ليبيعنا أسرع مما فعل بنديكت آرنولد"، في إشارة قوية إلى اللواء الذي خان قضية الثوار ليصطف مع البريطانيين.
أبراهام لينكولن
قبل فترة قصيرة من موعد الانتخابات في عام 2020، زعم ترمب على نحو لا يصدق خلال تجمع لحملته الانتخابية في بنسلفانيا بأنه كان "في منافسة دائمة" مع آيب الصادق.
وقال ترمب "تعلمون بأننا حزب أبراهام لينكولن، وكثيرون لا يعرفون ذلك. أبراهام لينكولن، ذلك الرجل العظيم الذي لطالما نافسته".
"قلت في السابق 'يمكنني أن أتمتع بصفات رئاسية أكثر من أي رئيس على الإطلاق، ربما في ما عدا أبراهام لينكولن عندما يعتمر القبعة'".
أقام ترمب هذه المقارنة مجدداً هذا العام، بشكل صادم أكثر.
خلال توقفه في إطار حملته الانتخابية في مطعم شيك آ فيليه في جورجيا، زعم بأنه حقق للأميركيين السود أكثر مما فعل لينكلون الذي وقع إعلان تحرير العبيد في عام 1863.
وادعى ترمب "بذلت جهداً أكبر لسكان أتلانتا من أي رئيس على الإطلاق".
"حققت للمجتمع الأسود أكثر من أي رئيس منذ أبراهام لينكولن - وللصراحة، ربما يشمل ذلك أبراهام لينكولن أيضاً".
رونالد ريغان
برر ترمب ولاءه السياسي السابق للحزب الديمقراطي عبر مقارنة نفسه بالممثل الهوليوودي الذي أصبح الرئيس الـ40 للولايات المتحدة.
وقال ترمب لدون ليمون على شبكة "سي إن إن" في سبتمبر 2015 "لو نظرت إلى رونالد ريغان، فهو كان ديمقراطياً، وفي الحقيقة يا دون، كان ديمقراطياً بميول ليبرالية شديدة أو كبيرة، ثم أصبح جمهورياً بميول محافظة - لا أعتبرها شديدة المحافظة، لكنه كان جمهورياً محافظاً".
بعد صدور كتاب النار والغضب غير المحمود للصحافي مايكل وولف في 2018، ذكر ترمب اسم ريغان مرة أخرى في إحدى نوبات غضبه على منصات التواصل الاجتماعي.
وصرح في تغريدة غاضبة تتكلم عن "الأنباء الكاذبة" "عانى رونالد ريغان المشكلة ذاتها وتعامل معها جيداً. وهذا ما سأفعله أنا أيضاً".
لكن بعد سنتين، خفت حماسته لإقامة هذه المقارنة بعدما اشتكت مؤسسة ومعهد رونالد ريغان الرئاسي من استخدام ترمب لصورة سلفه على قطع نقدية تذكارية تحمل صورتي ريغان وترمب، وهو ضرب احتيال بخس من الرجل الذي طرح أخيراً للبيع نسخاً شخصية من الكتاب المقدس وعطراً وأحذية ذهبية.