عندما ترشح دونالد ترمب للرئاسة عام 2016، لم يكن هناك شغف كبير للتعريفات الجمركية في واشنطن. كان كثير من الجمهوريين والديمقراطيين يعتقدون أن فرض الضرائب على الواردات يؤدي إلى خلل اقتصادي، وأن التجارة الحرة هي الوصفة الفضلى للنمو.
بيد أن هذا الرأي أصبح عتيقاً إلى حد كبير عام 2024. وفي حين أن ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، يختلفان إلى حد كبير في مقترحات حملتهما الانتخابية، فإن كلا الحزبين يتبنيان التعريفات الجمركية على نحو متزايد كأداة أساسية في حماية المُصنّعين الأميركيين من المنافسين الصينيين، وغيرهم من المنافسين العالميين. كان ذلك تحولاً حاداً عن العقود السابقة، عندما ناضل أغلب الساسة من أجل خفض التعريفات الجمركية، بدلاً من رفعها. ولكن خسارة وظائف التصنيع الأميركية نتيجة للعولمة، وتركيز الصين على تصدير الصادرات الرخيصة، خلق ردة فعل من قبل الحزبين ضد مزيد من التجارة المفتوحة. ونظراً إلى أن فوز ترمب عام 2016 استفاد من هذه المشاعر، يسعى الديمقراطيون جاهدين إلى تجنب خسارة الناخبين المعارضين للتجارة الحرة.
يقول نيك ياكوفيلا، نائب رئيس التحالف من أجل أميركا المزدهرة، الذي يدعو إلى التعريفات الجمركية والاستثمارات المحلية في الصناعة، «في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والقضايا التجارية، فإن الحزبين الرئيسيين يتحركان في نفس الاتجاه». وأضاف: «إن ترمب سيذهب على الأرجح إلى ما هو أبعد من هاريس بشأن التعريفات الجمركية...».
وسعت هاريس إلى تمييز نفسها عن المقترحات التجارية التي قدّمها ترمب، والتي تشمل تعريفات جمركية تتراوح بين 10 و20 بالمائة على معظم الواردات، فضلاً عن ضرائب تزيد على 60 بالمائة على الصين.
وفي المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، الذي عُقد في شيكاغو مؤخراً، وصفت هاريس هذه المقترحات بأنها «ضريبة مبيعات وطنية، ولنسمها ضريبة ترمب». وقالت إن الخطط «سترفع الأسعار على أسر الطبقة المتوسطة بما يقرب من 4000 دولار سنوياً».
وتختلف تقديرات خبراء الاقتصاد، ولكن صندوق العمل التقدمي الأميركي اليساري قام بحساب أن الرسوم الجمركية يمكن أن تزيد التكاليف على الأسرة المتوسطة الدخل بمقدار 3900 دولار سنوياً.
وعلى رغم الانتقادات المبكرة لسياسة ترمب التجارية، أبقت إدارة بايدن الرسوم الجمركية الأولية التي فرضها الرئيس السابق على الصين، واقترحت إضافة 18 مليار دولار أخرى من الرسوم الجديدة على بعض المنتجات الصينية، بما في ذلك فرض ضريبة بنسبة 100 بالمائة على السيارات الكهربائية. كما اقترحت الإدارة فرض رسوم جمركية جديدة على بطاريات السيارات الكهربائية، وأشباه الموصلات، والصلب، والمنتجات الطبية، في محاولة لضمان استمرار نشاط المصانع الأميركية المستثمرة حديثاً.
وقالت إينو ماناك، خبيرة السياسة التجارية في مجلس العلاقات الخارجية، إن السياسيين من كلا الحزبين أصبحوا الآن أكثر رغبة في القول إنهم يستطيعون زيادة الرسوم الجمركية من دون أي آثار سلبية.
التعريفات الجمركية التي طرحها ترمب أكبر حجماً مما اقترحته إدارة الرئيس جو بايدن، التي من المفترض أن تغطي أكثر من 3 تريليونات دولار من التجارة، والتي تعني ضمناً تأثيراً أكبر على الاقتصاد.
وإضافة إلى الرسوم الجمركية العالمية على جميع الواردات والتعريفات الجمركية العليا المفروضة على الصين، اقترح ترمب سياسة متبادلة تقوم فيها الولايات المتحدة بمضاهاة الرسوم الجمركية التي تفرضها دولة أخرى على الصادرات الأميركية.
وقال ترمب في آشفيل (كارولاينا الشمالية) مؤخراً إنه قد يضاعف تعريفة الـ10 بالمائة التي اقترحها على معظم السلع الأجنبية. وأوضح للحشود: «سوف نحصل على تعريفات جمركية بنسبة 10 إلى 20 بالمائة على الدول الأجنبية التي كانت تستغلنا لسنوات».
ويتفق خبراء الاقتصاد عموماً على أن التعريفات بهذا الحجم من شأنها أن تخلف تأثيراً ملحوظاً على أسعار المستهلك، في حين تعمل أيضاً على رفع تكاليف الشركات المصنعة التي تشتري قطع الغيار أو المواد المستوردة. ويشكل نحو ثلث واردات الولايات المتحدة مدخلات تدخل إلى المزارع والمصانع الأميركية.
وقالت ماري لوفلي، الخبيرة الاقتصادية في معهد بيترسون، إن التعريفات الجمركية تبدو وكأنها «الحل المثالي والعلاج المفترض لقطاع صناعي مفرغ، ومجتمعات متخلفة عن الركب، وعدم المساواة في الدخل».
لكن الرسوم الجمركية أثبتت شعبيتها مع الصناعات التي واجهت منافسة شديدة من الشركات الصينية، مثل شركات تصنيع خزائن المطبخ. وقد عزا بول ويلبورن، رئيس شركة «ويلبورن كابينت»، وهي شركة مُصنعة لخزائن المطبخ والاستحمام في آشلاند، ألاباما، الرسوم الجمركية إلى إنقاذ شركته والصناعة.
وانخفضت مبيعات شركة «ويلبورن» بعد الركود العظيم، عندما انهارت سوق الإسكان رفقة الطلب على الخزائن الجديدة. ولكن مع بدء الاقتصاد في التعافي، كان العمل لا يزال بطيئاً، كما قال ويلبورن. وأدركت الصناعة أن الشركات الصينية قد استحوذت على نحو 40 بالمائة من السوق، وأن حصتها في نمو مستمر.
*خدمة «نيويورك تايمز»