تحليل لـCNN: تركيا تتطلع إلى إعادة تقويم علاقاتها مع الغرب مع تزايد عزلة روسيا

منذ 1 سنة 150

تحليل من زينة صيفي، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)

CNN)-- بدأ الأمل في انضمام السويد الوشيك إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في التلاشي، الاثنين، عندما وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقبة في اللحظة الأخيرة بربط موافقته على طلب الدولة الاسكندنافية بانضمام تركيا الذي طال انتظاره إلى الاتحاد الأوروبي.

ولكن بعد ساعات قليلة، قام أردوغان بتحول مفاجئ من خلال إسقاط معارضته، مما مهد الطريق لحلف شمال الأطلسي لتوسيع حصنه ضد روسيا في الوقت الذي تخوض فيه موسكو حربا في أوكرانيا.

وهذه الخطوة، التي نالت إشادة الغرب وتوبيخا من موسكو، أظهرت كيف أن حرب أوكرانيا كانت لحظة حاسمة لدور تركيا على المسرح الدولي.

فقد ظل أردوغان على صلة بالموضوع من خلال الإبقاء على روسيا قريبة والتأكيد على التزامه بحلف شمال الأطلسي، مع انتزاع أقصى قدر من التنازلات من كل جانب، ولقد منح هذا التوازن الدقيق الذي قام به تركيا مكانة فريدة من نوعها لكونها الدولة الوحيدة في "الناتو" التي يمكن أن تستمع لها روسيا.

لكن المحللين يقولون إن في عقده الثالث في السلطة، وفترة ولايته الأخيرة، ربما يكون الرجل التركي القوي في طريق التصالح مع الغرب.

وقال مميت سيليك، منسق التحرير في صحيفة ديلي صباح الموالية للحكومة: "من خلال دعم محاولة السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي تشير أنقرة إلى إعادة تقويم العلاقات مع الغرب، والتي توترت منذ فترة، وبطريقة ما، هذه حركة متوازنة بالنسبة لموقف تركيا بين الغرب وروسيا."

إن التغيير بدأ بالفعل في جني الثمار.

ففي فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، حيث بدأت قمة الناتو، الاثنين، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن وأعضاء آخرون في الناتو على الوحدة غير المسبوقة داخل الحلف في مواجهة الحرب الروسية، وأثنوا على أردوغان لقراره.

وبعد ساعات من الإعلان، قالت واشنطن إنها تعتزم المضي قدما في نقل الطائرات المقاتلة F-16 التي تطالب بها تركيا منذ سنوات، متوجة بذلك شهورا من الجهود الدبلوماسية التي دارت وراء الكواليس لدفع أنقرة إلى المضي قدما نحو الموافقة على انضمام السويد إلى الناتو.

وخلال اجتماع في فيلنيوس يوم الثلاثاء، وصف أردوغان بايدن بأنه "صديق عزيز"، وقال إن الوقت قد حان لكي يجتمعا لإجراء مزيد من المشاورات، واصفا اجتماع يوم الثلاثاء بأنه "خطوة أولى إلى الأمام".

ولم يقم أردوغان بزيارة البيت الأبيض خلال فترة رئاسة بايدن بعد.

وقال ريتش أوزن، وهو زميل كبير غير مقيم في في مركز أبحاث المجلس الأطلسي، لشبكة CNN، إن صفقة المقاتلات F-16 تمثل "فائدة كبيرة" لتركيا.

وأضاف: "بمعنى أوسع، ذكرت حرب روسيا غير المبررة ضد أوكرانيا الغرب بأهمية الجغرافيا والقوة العسكرية الصارمة والتزامات التحالف - وبالتالي قيمة تركيا".

وتابع أنه "كان هناك القليل من الشك في أن تركيا ستقبل في النهاية طلب السويد، فلطالما فضلت أنقرة توسع الناتو في ظل ظروف تعزز موقفها، وامتلاك حق النقض (الفيتو) على أعمال أكبر تحالف أمني في العالم- يتوسع الآن- هو فوز لأنقرة."

وكان رد الفعل من روسيا حادا، حيث قال مسؤول دفاعي روسي إن تركيا تتحول إلى "دولة غير صديقة بعد سلسلة من القرارات الاستفزازية".

وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن التابعة لمجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف: "لا يمكن وصف مثل هذا السلوك بأي شيء سوى طعنة في الظهر"، واصفا الخطوة "غير الودية" بأنها نتيجة ضغوط من الناتو.

وقال إن تلك القرارات "الاستفزازية" تشمل إعادة تركيا للجنود الأوكرانيين الذين أسرتهم روسيا إلى بلادهم على الرغم من وعد موسكو بعدم القيام بذلك حتى انتهاء الحرب.

وعاد الجنود، الذين سلمتهم روسيا إلى تركيا في سبتمبر/ أيلول، بالطائرة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد اجتماعه مع أردوغان هذا الشهر، وقالوا إنهم يخططون للعودة إلى ساحة المعركة.

سمعة روسيا العسكرية تتراجع

ويأتي كل هذا بعد أسابيع فقط من محاولة التمرد في روسيا من قبل رئيس مجموعة المرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوجين، والتي كشفت عن تصدعات في القيادة العسكرية لموسكو وتمسك بوتين بالسلطة.

وقال أوزن إن "تضاؤل سمعة روسيا العسكرية" كان جيدا لتركيا، مضيفًا أن التمرد ربما أثر على تصور أنقرة عن بوتين كزعيم يسيطر بشكل كامل على النخب السياسية والعسكرية في بلاده.

وقال الدبلوماسي التركي السابق ورئيس مركز أبحاث إيدام في إسطنبول، سنان أولجن، لـ CNN، إنه منذ إعادة انتخاب أردوغان لمدة 5 سنوات أخرى، حدث تغيير بشأن كيفية تبني تركيا لسياسة متوازنة لتصبح "أكثر موالاة لأوكرانيا بشكل صريح".

وأضاف أن "تركيا تشعر الآن بمزيد من الثقة وتعتقد أن لديها مساحة أكبر للمناورة بالنظر إلى أن روسيا معزولة وتحتاج إلى تركيا باعتبارها الدولة الوحيدة في الناتو التي لم تطبق العقوبات".

وكما يقول المحللون، قد تكون هذه الحسابات أكثر دلالة على أسلوب أردوغان البراغماتي من تحول في السياسة.

وقال سيليك إن "العلاقات مع روسيا مثال جيد، إنهم يختلفون حول العديد من القضايا ولكن عندما تتماشى مصالحهم، فإنهم قادرون على المضي قدما والغرب يفتقر إلى تلك العلاقة مع تركيا، والتي أعتقد أنها فرصة ضائعة."

وأضاف أن "تركيا أقرب إلى المحور الغربي، لكن الغرب لا يريد قبول شراكة متساوية مع تركيا، الأمر الذي يجعل أنقرة تضع عائقا لحماية مصالحها".

وكما يقول المحللون إنه على الرغم من إعادة تقويم أردوغان للعلاقة مع الغرب، من غير المرجح أن تتأثر العلاقات مع روسيا بشكل كبير، ومع ذلك، فمن المرجح أن تظل تركيا على علاقة بكل من روسيا والغرب.

وقال أوزن: "نظرا للقرب والقوة والعلاقات مع كل من كييف وموسكو، ستكون تركيا لاعبا رئيسيا في حل النزاع وأي اتفاق سلام يتم التوصل إليه في نهاية المطاف".