تحليل.. ترقّب أردني للمرحلة الثانية من رفض خطة ترامب بشأن غزة

منذ 6 ساعة 13

عمّان، الأردن (CNN)-- وصف مراقبون عرب مهمة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الثلاثاء في واشنطن، خلال أول لقاء لزعيم عربي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأنها "وضعت الرفض المحصّن عربيًا ضد خطة تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة نقطة ارتكاز حاسمة"، لجولات التفاوض المقبلة، وفقًا لمضامين الخطة العربية التي تعد حاليًا بإشراف مصري ودعم سعودي وعربي.

اللقاء الذي تصدّر عناوين الأخبار عالميًا، حرص فيه العاهل الأردني أمام عدسات الكاميرات المباغتة، على إيصال رسائل سياسية محورية.

وكشف مراقبون عن طرح 7 سيناريوهات داخلية للنقاش مع حلولها استعدادًا لمسار المفاوضات، مُستندة إلى "متغيرات" الحل المستقبلي في غزة وفقًا للمنظور الأمريكي، في مقدمتها الاستعداد لمواجهة وقف المساعدات الأمريكية للمملكة، أو حتى مواجهة أي تضييق اقتصادي محتمل في حال استمرار الضغوط بشأن التهجير.

لكن التصريحات الأحدث لترامب، الثلاثاء، ذهبت مرحليًا لاستبعاد خيار تهديد قطع هذه المساعدات.

من جانبه، يعتقد نائب رئيس الوزراء الأردني السابق جواد العناني "أن الترتيب المسبق للإدارة الأمريكية في دعوة الصحفيين قبل المناقشات الموسعة" لطرح الأسئلة على الملك عبدالله وترامب في البيت الابيض، لم يمنع من تحقيق عدة غايات، من أهمها "الحصول على وعد بعدم التلويح بسلاح المساعدات الأمريكية ضد الأردن" و"الإبقاء على العلاقات الأمريكية الأردنية رغم الخلاف".

وأشار العناني إلى أن "الحكمة الملكية" في مخاطبة الرئيس الأمريكي و"كسب الوقت" للجولات القادمة، ستضاف إلى مسارات التنسيق العربي وزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي المرتقبة إلى واشنطن، بما في ذلك تقديم الخطة العربية وكذلك القمة العربية الطارئة المتوقعة في 27 فبراير/ شباط الجاري. 

وبشأن التوافقات العربية المحتملة المرتكزة على رفض خطة التهجير، مع توارد تسريبات عن رغبة الإدارة الأمريكية بخروج "قادة حماس" من غزة وإدارتها من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، وربما بتنسيق أممي وعربي، قال العناني: "بتقديري إن الموقف الأمريكي متشدد من إيران، وممن يعتبرهم أطراف إيران في المنطقة، مثل حركة حماس أو حزب الله أو الحوثيين. ولذلك يرى الأمريكيون أن إضعاف هذه الأطراف، هو إضعاف لإيران وربما قد يكون لهذا أيضًا مصلحة لدى بعض الأطراف العربية"، مشيرًا إلى أن الموقف العربي تجاه لبنان قد "أخذ هذا الاتجاه" في اختيار الرئيس اللبناني وتشكيل الحكومة بالمجمل.

لكن العناني رأى في الوقت ذاته، بأن حالة "قطاع غزة" قد تختلف رغم النقاشات العربية حولها، لاعتبارات تتعلق بصعود حماس في أعقاب الانتخابات التشريعية العام 2006. وقال: "الآن بعد 7 أكتوبر التي رافقها الكثير من تضحيات أهل قطاع غزة، يأتي السؤال ما إذا كان من المطلوب أن تبقى الأمور كما هي حتى تتجدد الحرب؟ وماذا لو انهار وقف إطلاق النار كما تقول إسرائيل؟ إذا أردنا حلا مع الأمريكيين فلا بد أن يكون حلا نهائيًا للقضية الفلسطينية، وعلى الأقل في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وأن تصبح ربما فيه فيه حماس حزبًا سياسيًا كما حركة فتح".

ولم يتحصن الملك عبدالله الثاني بالموقف العربي وحده في رفض خطة التهجير، بل بالموقف الشعبي الأردني الداعم للنهج الملكي، الذي اعتبره الأردنيون جزءًا من تقليد تاريخي حيال القضية الفلسطينية. وأصدرت العديد من العشائر الأردنية مواقف حازمة بشأن رفض التهجير. كما يبحث البرلمان الأردني مشروع قانون لمنع التهجير بصفة الاستعجال. 

ولم يغب التأكيد على التمسك بحق عودة الفلسطينيين إلى بلادهم، عن عن ردود الفعل المحلية الصادرة من قوى سياسية وحزبية وعن مخيمات اللجوء الفلسطينية، التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في المملكة، حيث يقدّر عدد اللاجئين المسجلين رسميًا لدى الوكالة قرابة 2 مليون لاجىء، يتمتع معظمهم بالمواطنة الكاملة.

وذهبت تعليقات أردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى "التندر" من الدعوة الأمريكية للتهجير.

إلى ذلك، يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، الدكتور حسن المومني، بأن لقاء الملك وترامب، يندرج ضمن مرحلة المفاوضات التمهيدية، وأن ما أثاره الرئيس الأمريكي "هو أسلوب تفاوضي يعتمد على طرح مطالب كبيرة للحصول على أكبر قدر منها".

وأشار المومني، في حديثه لموقع CNN بالعربية، إلى أن لقاء واشنطن الذي سبقه حراك دبلوماسي على أكثر من مستوى، دفع بأن تصبح الكرة الآن في ملعب الفلسطينيين والعرب والأردن لقبول الطرح الأمريكي أو رفضه. وقال: "في هذه الحالة يصبح الخيار إما القبول أو تقديم اقتراح مضاد"، خاصة أن أطروحات سابقة تم تداولها بشأن اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة، وتحدثت 6 أطراف عربية عن رؤيتها في هذا الجانب، بحسب المومني.

وأضاف المومني: "القضية الفلسطينية عربية وليست أردنية وحدها، وبالتالي تحدث الملك عن خطة مصرية سيتم تبنيها عربيًا في القمة العربية، التي ستُعقد بناء على عدة خطوط حمراء، في مقدمتها رفض التهجير من حيث المبدأ، ولذلك لا بد من عقد تسوية أو تفاهمات مضادة بشأن بعض القضايا التي قد لا تكون بالضرورة في سياق غزة بشكل مباشر".

وعن التقاطعات العربية الرئيسية في الخطة المرتقبة، وأية أطروحات سابقة أو متجددة أمريكية بشأن تدخل قوات عربية في غزة أو مناقشة وجود حركة حماس في قطاع غزة، قال المومني إنها من الأفكار التي طُرحت سابقًا. وأضاف: "الآن التفاوض هو عملية وخطوات مستمرة إلى حين انعقاد القمة العربية وتقديم الأطروحات المضادة العربية ورصد رد الفعل الأمريكي عليها"، وفقًا له، مشيرًا إلى أن رفض التهجير لا بديل عنه بأي حال من الأحوال ولا تقبل به أي دولة عربية.