تحقيق في الجول - "مستريح" أم مظلوم؟ حارس الزرقا من المرمى إلى الجبل

منذ 1 سنة 101

حسنا.. لدينا قصة غريبة للغاية.

إذا نظرت لها من جانب ستجد لاعبا كادحا لم يوفق من الناحية المادية مع كرة القدم، فاتجه لعمل آخر بين الجبال الشاهقة، أكثر إرهاقا بالطبع وأسوأ ظروفا من ممارسة الرياضة، ولكنه مربح أكثر.. ففي نهاية المطاف، هل هناك هدف أسمى من الاستقرار المادي؟

أما إذا نظرت لها من الجانب الآخر.. فهذا الرجل نفسه متهم بالهروب بأموال ناديه وزملائه اللاعبين بل وأهالي المنطقة! تسأل عنه في ناد آخر تجده هرب أيضا، فتجرب مرة أخرى لتصطدم بشائعات عن تورطه في أنشطة المراهنات والتلاعب بالمباريات.. قائمة ذنوب تكفي 3 أشخاص على الأقل.

بالطبع لا يمكننا الجزم بشيء، هل فعل شخص واحد كل ذلك في عدة أماكن مختلفة؟ أم حُكي لنا لنا للتو ملخص الحلقات الأولى من مسلسل العراف؟

في البدء كان بيان نادي الزرقا الذي فجر تلك الأزمة:

"نادي الزرقا الرياضي يبحث عن الحارس محمود صديق الذي نصب على الأهالى بمدينة الزرقا بمبلغ كبير. عندما حضر الأهالي عرفوا أنه هرب من النادي وجاري البحث عنه. الحارس كان يلعب لنادي مكادي والموسم الحالي وأول موسم له مع الزرقا هو الموسم الحالي".

في تلك الحالة لا توجد سوى طريقة واحدة.. تواصلنا مع كافة الأطراف التي تمكننا من الوصول إليها، بما فيها بطل القصة نفسه: محمود صديق حارس مرمى الزرقا حتى إشعار آخر.

سنطلع معا على ما قاله كل طرف، وعلى ردود صديق في كل ما نسب إليه.. وليخرج كل من يشاء بقناعاته، ففي النهاية إما سيصل الطرفان لحل ودي، وإما ستخبرنا الشرطة وجهات التحقيق بما ينقص هذه القصة.

الشرارة من الزرقا..

تبدأ الحكاية حين وضع محمود صديق قدمه للمرة الأولى في نادي الزرقا، ليس كلاعب مرشح، بل ضمن فريق دكرنس الذي أتى ليجري تدريباته هناك.

صديق كان قد رحل لتوه عن نادي مكادي الذي ينافس حاليا في دوري المحترفين، وبدأ يتدرب مع دكرنس تمهيدا للتعاقد معه، ولكن النادي لم يستكمل تلك الإجراءات

دون أسباب واضحة، وحتى الآن لا تحتاج مثل هذه الأمور إلى أسباب: المدرب ليس مقتنعا - الميزانية لا تسمح.. أي سبب سيفي بالغرض.

هنا تدخل سمير موسى رئيس نادي الزرقا كما روى لـ FilGoal.com:

"تحدثت مع مدرب دكرنس عن احتياجي لحارس مرمى فرشح لي محمود صديق. وقعت معه وتدرب معنا وحصل على 35 ألف جنيه كمقدم تعاقد".

"لاحقا حصل الحارس على سلفة بقيمة 10 آلاف جنيه حين ادعى مرض والده، ثم فوجئت باختفائه. تمهلنا في البداية لمعرفة ما حدث، فعلمنا أنه اقترض أموال من اللاعبين ومن بعض الأهالي أيضا دون أن يرد أي منها".

"نجلي أحمد سمير موسى قائد الفريق حاول التواصل معه، ولكن لم يستطع، حيث أغلق صديق هاتفه".

"الخطوة المقبلة ستكون شكوى اللاعب في مركز الشرطة واتحاد الكرة للحصول على حقوقنا".

.. ولكنه ليس الأول

كما نعرف فإن نادي الزرقا هو الخصم المباشر وصاحب الادعاء الأول ضد اللاعب، الذي سبق له ارتداء قميص عدة فرق أخرى، مثل مركز شباب كوم أمبو وقنا والبداري وبورفؤاد وسبورتنج ومكادي، والثلاثي الأخير تحديدا مر معه صديق بنفس الموقف، اختلفت الوقائع ولكن في النهاية لم يستكمل عقده مع أي منهم.

خضنا التجربة مع 3 أندية سبق لمحمود صديق تمثيلها: سبورتنج - بورفؤاد - قنا. وإليكم ما توصلنا إليه.. أولا الزرقا ليس النادي الأول الذي يشكو من هروب اللاعب، وثانيا هناك تهمة أخرى ولكنها لا ترقى لاتهام فعلي.

قال مصدر من نادي سبورتنج لـ FilGoal.com: "اللاعب وقع معنا وحصل على مقدم التعاقد والتحق بمعسكر الفريق في الأكاديمية البحرية ثم هرب. بعد محاولات حصلنا منه على مقدم التعاقد".

في بورفؤاد اختلفت القصة، حيث قال مصدر لـ FilGoal.com: "الحارس انضم للنادي ووقع وحصل على مقدم التعاقد، ولكن النادي لم يرغب في استكمال التعاقد وبالتالي رحل دون مطالبته برد أي شيء، لأن النادي هو من قرر عدم قيده".

لم يفعل شيئا في بورفؤاد، ولكن ما حدث في قنا كان الأغرب والأكثر خطورة، والأضعف سندا، إذ قال مصدر من نادي قنا لـ FilGoal.com: "أثناء لعبه معنا انتشرت اتهامات عن تورطه مع شركة للمراهنات وتعمده للخسارة بعدد أهداف كبيرة في مباريات لعبها، ولكن بالطبع لا يمكن إثبات ذلك".

ها أنا ذا

لا يبدو أن أحدا ممن تواصلنا معهم قد دافع عن الحارس محور كل هذه الاتهامات والمشاكل، بالكاد بورفؤاد هو الطرف الذي لم يطعن به، ولكن من يدافع عنه؟ إليكم محمود صديق نفسه.. فهو الأجدر بهذه المهمة.

"انضممت لنادي الزرقا بعد عدم إتمام تعاقدي مع دكرنس، وحصلت على مقدم تعاقد 35 ألف جنيه مع الاتفاق على راتب شهري".

أول نقطة اتفاق مع رواية سمير موسى رئيس الزرقا، ولكن.. "بعد مرور شهرين لم أحصل على شيء من الراتب الشهري. شاركت في أول مباراة أمام ساحة دمياط في انتظار حصولي على مستحقاتي ولكنها لم تصلني أبدا، فقررت العودة إلى مسقط رأسي كوم أمبو لأن زفاف شقيقي في نهاية الشهر ووالدي خضع لعملية جراحية ولديه عملية أخرى يوم 20 ديسمبر".

ماذا عن السلفة المقدرة بـ 10 آلاف جنيه؟ "طلبت سلفة من النادي بالفعل ولكني لم أحصل عليها ولا على راتبي الشهري حتى الآن".

ماذا عن الاقتراض من الزملاء والأهالي؟ "قبل سفري اقترضت من أحد زملائي ثمن المواصلات للعودة إلى كوم أمبو. لدي زملاء وطلبت منهم اقتراض المال أيضا ولكني لم أحصل على شيء، وسافرت سريعا لارتباطي بحفل الزفاف وجراحة والدي".

الحارس أعلن أيضا أنه ترك كرة القدم تماما.. "قررت الاتجاه للعمل في منطقة جبلية بمجال استخراج المعادن لأن كرة القدم راتبها أقل. كما قررت اعتزال كرة القدم لأني لم أستطع توفير المال منها. عملي الخاص أفضل بطبيعة الحال".

رئيس الزرقا قال إن نجله قائد الفريق حاول التواصل مع محمود صديق ولكن لم يستطع، ولكن يبدو أن ذلك الوضع قد تغير بعد ظهور تصريحاته الأولى.. "أحمد سمير موسى تواصل معي وأبلغته بأن الحوار كان يجب أن يكون في إطاره الطبيعي، لاعب حصل على مقدم تعاقده ورحل لا أكثر، وليس أن يتم اتهامي بالحصول على أموال من الأهالي واللاعبين".

أخيرا هدد سمير موسى باللجوء للشرطة قبل اتحاد الكرة، ولكن صديق له مطالبه أيضا.. "إذا تقدم نادي الزرقا باعتذار رسمي عن طريق رئيس النادي، سأذهب إليه وأتجه للحل الودي وأعيد مقدم التعاقد للنادي".

الأمر واضح.. الحل الودي يتطلب اعتذار سمير موسى الذي يهدد أصلا باللجوء للسلطات القانونية والكروية.. هنا يمكننا أن نترك ملف الزرقا، ونتجه لما أثارته أندية أخرى.

سبورتنج اتهمه بالهروب فكان هذا هو رده.. "التحقت بالنادي وحصلت على مقدم التعاقد وبعد فترة لم يرغبوا في استكمال تعاقدي قبل غلق القيد بفترة قصيرة، وفوجئت برغبتهم في استرداد المقدم. قلت إن هذا لا يليق لأن هم من قرروا فسخ التعاقد، وفي النهاية تم تسوية المسألة بإعادة جزء من المقدم".

أما في فترة بورفؤاد فلا مشكلة على الإطلاق، فقد أكد اللاعب نفس الرواية التي حصلنا عليها من ناديه السابق.. "حصلت على مقدم التعاقد وهم من رغبوا في عدم الاستمرار، ولم تحدث أي مشاكل معهم".

ماذا إذاً عن مراهنات قنا؟ "صعدت مع قنا من الدرجة الثالثة إلى الثانية وضمنت البقاء معهم أيضا، ثم صدمت بوجود لاعبين يعملون في مجال المراهنات. اكتشفت الأمر بعد رحيلي من النادي. قدمت مع هذا الفريق أداء جيدا وكل المدربين أشادوا بي، والدليل أني تلقيت عرضين من الترسانة والداخلية عقب تألقي".

هنا سنترككم ما لم يجد جديد.. فيبدو أن أيام محمود صديق مع كرة القدم قد انتهت بقراره أو بغيره، والآن إما سنستيقظ على خبر نهاية الأزمة بالتراضي، وإما تنتقل متابعتها إلى صفحات الحوادث. كل طرف أدلى بدلوه، والحكم لمن استمع، ولسلطات في حال اللجوء إليها.