تحذير من أخصائيي التغذية: فيديوهات "ماكبانغ" قد تهدّد صحّتنا

منذ 2 أشهر 44

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تشتق كلمة "mukbang" من المزج بين الكلمتين الكوريّتين "meokda"، وتعني "أكل"، و"bangsong"، وتعني البث. وبالتالي، تعرض مقاطع فيديو "ماكبانغ" شخصًا يتناول الكثير من الطعام أمام الكاميرا فيما يتحدث إلى جمهوره الافتراضي.

في الآونة الأخيرة، راج هذا المصطلح بين منشئي المحتوى على موقع "يوتيوب"، ومنصة "تيك توك"، الذين أعطوه بعدًا أوسع، كأن يدعون متابعينهم إلى "تناول الطعام معي" أو "تناول وجبة معي". 

بحلول منتصف أغسطس/ آب، كان هناك أكثر من 4 ملايين مقطع فيديو على "تيك توك" مع وسم (هاشتاغ) #mukbang.

يبث مؤثرو الطعام، وبعضهم لديهم ملايين المتابعين على المنصة، فيديو تلو آخر، يطلّون عبرها وهم يأكلون أطعمة متنوعة أمام الكاميرا، ويلتقط الميكروفون أصوات رشفاتهم وقرمشاتهم الصاخبة. بعض مجموعات الطعام غير متوقعة، وحتى غير شهية، لكن الكثير من الناس يقولون إنهم لم يتمكّنوا من تجاهلها.

ومع تزايد شعبية الماكبانغ، يُعرب اختصاصيو التغذية عن قلقهم بشأن الأثر المحتمل لهذا الاتجاه على جمهوره.

لماذا يحظى مصطلح "ماكبانغ" بشعبية كبيرة؟

بحسب مؤشرات محرّك البحث "غوغل"، بدأ مصطلح "ماكبانغ" يشهد إقبالًا خلال عمليات البحث على موقع "يوتيوب" في مطلع عام 2015، وحافظ البحث على وتيرة تصاعدية منذ ذلك الحين. لكن بالنسبة لعمليات البحث على الويب خارج النظام الأساسي، بلغ المصطلح ذروته  مع بداية جائحة فيروس كورونا العالمي، في مارس/ آذار 2020.

وفي هذا الإطار، قالت غريس ديروتشا، اختصاصية التغذية المسجلة في ميشيغان، إنّ ذلك قد يكون بسبب متابعة المشاهدين لبعض وسائل التواصل الاجتماعي، كما لو أنهم يجلسون إلى طاولة منشئ "ماكبانغ" من الجهة المقابلة.

وقالت كيانا، منشئة محتوى ماكبانغ التي بدأت تنشر مقاطع فيديو منذ أكتوبر/ تشرين الأول ولديها أكثر من مليون متابع، إن مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة غالبًا ما تعرض أطعمة تُصدر، عند تناولها، أصواتًا شبيهة بأصوات "استجابة القنوات الحسية الذاتية" (ASMR). 

قبل ثماني سنوات كانت كيانا مشاهدة لمحتوى ماكبانغ. وحاليًا، تسجّل بين 2 و5 مقاطع فيديو أسبوعيًا، وغالبًا ما تتصوّر في سيارتها مع مجموعة واسعة من عناصر القائمة المختلفة من سلاسل المطاعم الشهيرة، أو في منزلها فيما تتناول الوجبات التي طهتها. 

وتلفت إلى أنها أحيانًا، تجرّب أطعمة غير مألوفة، مثل البيتزا المغطاة بالحلوى أو النقانق، بغية توفير صوت مقرمش للميكروفون ورد فعل صادم لدى جمهورها.

لِمَ تثير حالة "ماكبانغ" مخاوف أهل الاختصاص؟ 

وجدت دراسة أجريت في يناير/ كانون الثاني 2020، حلّلت أكثر من 5000 مقطع فيديو ماكبانغ على موقع "يوتيوب"، أنّ الأطعمة غير الصحية التي تُظهر شخصًا يُفرط بتناولها في فترة زمنية قصيرة، أو يتناول أطعمة حارة أو مزعجة جدًا قد تُسبّب عدم الراحة أو الأذى، جمهورها أكبر بكثير من الفيديوهات المعتدلة. 

ووصفت ديروتشا، المتحدثة أيضًا باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية رد فعلها الأولي كالتالي: "واو، هذا طعام كثير لتناوله في جلسة واحدة". ولفتت إلى أنّ هذه الأطعمة لا تتألف في الغالب من "أكثر العناصر الغذائية كثافة أو صحية".

وأعربت عن قلقها من تشجيع مقاطع الفيديو الأكثر تطرفًا بعض المشاهدين على الإفراط في تناول الطعام، أو تجنب بعض الأطعمة، أو الفشل بتناول العناصر الغذائية المختلفة التي تحتاجها أجسادهم.

أما بالنسبة لسوزان فيشر، اختصاصية التغذية المسجلة ومقرها فلوريدا، التي تعمل مع المرضى الذين يحاولون تحسين علاقتهم بالطعام، إن الشخص الذي يعاني من اضطراب الأكل المقيّد يمكن أن يستخدم مقاطع الفيديو هذه لتطوير حاسة الأكل من دون تناول أي طعام.

وتعتقد فيشر "أنّ الكثير منها يمكن وضعه في إطار نوع من التلصّص، ويكاد يكون رومانسيًا لما سيكون عليه الأمر عند استهلاك مثل هذه الكمية الكبيرة من الطعام".

وأشارت إلى أنّ المشاهدين أيضًا لا يعرفون ما يجري خلف الكاميرا. 

وأضافت أنه يمكن تحرير بعض مقاطع الفيديو بطريقة تجعل المشاهدين يعتقدون أنه يتم استهلاك الطعام بأكمله، لكن منشئ "ماكبانغ" يقوم في الواقع بإزالتها بين اللقطات.

التفاوت بين فيديوهات الماكبانغ 

لفتت ديروتشا إلى أن لبعض الماكبانغ تأثير إيجابي، مثل مقطع فيديو يلهم الآخرين لتجربة وصفة مغذية. وأوضحت أنه "يمكن أن يكون مصدر إلهام لشخص ما ليخرج من صندوقه ويجرب طبقًا جديدًا".

بين هؤلاء روزماري ديهيسا. لديها أكثر من نصف مليون متابع على "تيك توك"، ونشرت مقاطع فيديو عن طبخها، وتناولها له، وممارستها للتمارين الرياضية، منذ عام 2022. تستمتع ديهيسا بإنشاء مقاطع الماكبانغ ونشرها للتواصل مع أشخاص آخرين ومشاركتهم الشغف بالطعام، من جميع أنحاء العالم.

ماكبانغوقالت روزماري ديهيسا إنها تنشر في كثير من الأحيان مقاطع فيديو وهي تتناول أطعمة مختلفة للتواصل مع أشخاص آخرين من جميع أنحاء العالم.Credit: Rosemarie Martin Dehesa

لدى ديهيسا إيمان بأن "الطعام يجمع الناس معًا. وطالما أنّ المحتوى إيجابي وممتع، فهو لا يشكل مشكلة".

وتُطلع ديهيسا متابعيها على أنها تمارس الصيام المتقطع، وتحقق هدفًا يوميًا، وتمارس التمارين الرياضية لمدة ثلاث ساعات تقريبًا، وبالتالي نمط حياتها اليومي قوامه النشاط.

وتلفت ديروتشا إلى أنه من المهم إعطاء أهدافك الصحية أولوية، وهي مختلفة عن تلك الخاصة بالشخص الذي يظهر على الشاشة. وأضافت: تأكد من إشباع شهيتك بتوازن الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، إلى جانب "الأطعمة الممتعة".

البقاء يقظًا أثناء مشاهدة فيديوهات "ماكبانغ"

يقول أليكس ديليا، اختصاصي التغذية المسجل في نيويورك، والخبير في كيفية تأثير التغذية على الصحة العقلية، إن الجميع سيستجيبون بشكل مختلف للماكبانغ.

وأضاف ديليا: "على المشاهد أن يتحمل مسؤولية نفسه، لجهة معرفة ما يثيره، وإدراك أنه عندما تصبح متابعة هذا الأمر قهرية يشكّل هذا الأمر علامة تحذيرية للحاجة إلى  الانسحاب". 

يوصي ديليا بممارسة اليقظة الذهنية، ليس فقط عند مشاهدة مقاطع الفيديو وملاحظة ما تشعر به، ولكن أيضًا انتبه لتأثيرات أنواع الطعام المختلفة التي تتناولها طوال اليوم، على صحتك العقلية.