في طفولتي، لم أسرق حتى من رف الحلوى غير المعلبة في متاجر "وولوورث". الفكرة وحدها كانت ترعبني. لكن، وبطريقة ما، تغيرت الأمور في الثلاثينيات من عمري.
أول مرة سرقت فيها من سوبرماركت كبير كانت منذ أعوام قليلة حين نزعت بطاقة تشير إلى أن الكرّاث عضوي "organic" وتظاهرت بأنه كراث عادي عندما دفعت ثمنه. شعرت ببعض الحماسة بعد إدراكي بأنني خدعت النظام وسلبت شيئاً من ذلك المتجر العملاق. أعلم أن الموضوع ليس عظيماً لكنني أسرق بوتيرة متواصلة الآن.
ربما لدي ضعف تجاه الكرّاث بالذات- إذ كانت آخر مغامراتي مع النشل في متجر كبير ليلة الإثنين، وشملت باقة من الكراث وعلبة كبيرة من اللبن اليوناني العضوي من ماركة "يو فالي". أعرف أنها ليست سلعاً باهظة الثمن لكن كما يقال: "أي شيء قليل يساعد" Every Little Help [وهو شعار متاجر "تيسكو"].
لم تمرّ ميول أمثالي من الأشخاص لسلب ما تيسّر لهم مرور الكرام- زعم رئيس متاجر "ماركس أند سبنسر" M&S آرشي نورمان أن الخلل في بعض نقاط الدفع الذاتي هو السبب وراء "تسلل" السرقة من المتاجر إلى أوساط الطبقة الوسطى.
وقال النائب السابق إن العملاء يشعرون بإغراء المغادرة من دون دفع ثمن بعض السلع عندما لا تتمكن الآلات من مسح المنتجات (Scan). وأضاف أنه "مع تقليص خدمات الزبائن الشخصية في عدد من المتاجر يفكر كثيرون 'هذا المنتج لم يُمسح ويسجل كما يجب أو أنه من الصعب جداً مسح هذه المنتجات وأنا أتبضّع من هذا المكان كل الوقت. الخطأ ليس خطأي وهم يدينون لي بذلك'". الرجل محق في هذا.
من وجهة نظري، أنا لا أعتبر الموضوع سرقة حتى: فأمثالي لا يرتكبون هذه الأعمال. أنا سيدة من الطبقة المتوسطة لديها أطفال صغار! أنا شخص عادي تماماً - لا نعاني لتأمين لقمة العيش لكن الطعام مع ذلك مكلف. نحن نلخص عبارة "الوسط المضغوط".
أدركت سهولة الموضوع بعد تحميل تطبيق لمتجر كبير رائد في السوق، يثق بك لكي تفعل كل شيء بنفسك. ما هذا السحر؟ يمكنك مسح الأغراض ووضعها في الأكياس وتسجيل خروجك بنفسك. في البداية لم أسرق أي شيء عن قصد أو وعي مني، بل كان خطأً حقيقياً- بسبب حال عدم التركيز التي يتسبب بها السير في المتجر برفقة "ولدين تحت عمر السنتين". أول مرة أدركت ما حصل، شعرت بالخجل الشديد، ثم بشيء من الحماسة. لكنني لم أمنع نفسي من تكرار فعلتي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الأمر سهل جداً، كما ترون. لقد سرقت ثياب نوم للأطفال ومراييل أطفال ومناديل مبللة وعلب طماطم (من الماركات الفخمة) وبذور مشكّلة من ماركة لينوودز وسمك سلمون عضوي (لا توضع عليها أبداً ملصقات تعقب ضد السرقة مثل اللحوم) وفطائر العجين المخمّر، والحليب العضوي وتشكيلة كبيرة من الخضراوات (لا أحد يتفقد الزنجبيل أبداً) وورق تواليت وزبدة (لقد ارتفع ثمنها جداً) واللائحة تطول. كنت دائماً محظوظة لأنني لم أضطر يوماً إلى القلق في شأن ما أنفقه على المؤونة لكن نفقات المعيشة مؤلمة وأصبحت أفكر فيها بلا ريب الآن.
في البداية، كان طفلاي الصغيران سبباً أصيلاً لتصرفاتي ثم أصبحا بعد ذلك عذراً مناسباً - يمكنني أن أضع أي شيء بسهولة في أسفل العربة من دون أن أفكر في الموضوع ملياً وإذا تفقّدها أحدهم يمكنني أن ألوم الأطفال ببساطة- أو بسبب الحرمان من النوم الذي أعانيه بسببهما.
في الوقت الحاضر، أصبح الموضوع مدروساً بصورة أكبر. يدقق المتجر في مشترياتي على ما يبدو مرة كل خمس مرات تقريباً، لذلك لا "أنشل" في كل مرة أتبضع فيها. ولا أفعل ذلك أبداً بعد غياب فترة عن المكان أو إن كنت في متجر ليس في "منطقتي". لدي قوانين. أحد أحدث الأساليب التي أتّبعها للسرقة من دون خوف هو أن أضع مجموعة مختارة من السلع في ناحية واحدة من عربة التسوق ولا أمسحها وأقول إن "الآلة لم تتعرف إلى" الغرض إذا تفقدوا مشترياتي. حتى إنني ألتقط صورة أي تحذير يصلني على الهاتف ويطلب مني أن أفعل ذلك- وهكذا يكون لدي دليل.
ماذا لو لم يتفقدوا الأغراض؟ في هذه الحال، أخرج بكل ثقة وأنا أشعر بحماسة شديدة في داخلي من كل المال الذي "وفّرته" وأبتسم ابتسامة عريضة للحراس أثناء مغادرتي المكان. لست حمقاء، وأعرف أن هذا التصرف لن يوفر المال على المدى البعيد- وأن المتاجر سترفع أسعار منتجاتها أكثر فأكثر وسوف نتأثر جميعاً بذلك. لكن الإحساس بالأثر الجماعي لا يوقفني. هذا سري المُخجل- شعر شريكي بالإحراج الشديد عندما أطلعته عليه. وهو يعتقد بأنني توقفت عن هذه الأفعال. لا شك في أن عائلتي وأصدقائي سيفزعون إن علموا بأن شخصاً مثلي يتصرف بهذه الطريقة لكنني أستمر بذلك.
لست سيئة تماماً. أنا لا أفعل ذلك سوى في متاجر كبيرة لديها فروع متعددة وليس متاجر عائلية صغيرة. وفي المقابل، إذا جاءتني فاتورة فيها خطأ في مقهى أو مطعم مستقل، ألفت نظرهم إليها دائماً. وفي حال تنبهت إلى خطأ في تسعير غرض في متجر ثياب صغير، لا أدع الأمر يمر مرور الكرام. بل إن نزاهتي تتضاعف دائماً في هذه الحالات لرغبتي في أن يكسب أصحاب الأعمال الصغيرة. ربما هذه هي مشكلتي. جشع الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات- وأريد أن أسلبها شيئاً، وهذه هي طريقتي.