تأرجح صيحات الموضة عبر الزمن: عودة قوية لتيارات بداية الألفية

منذ 11 أشهر 124

بين فينة وأخرى عندما أكون عالقة في قلب فترة من التسويف الشديد، غالباً ما أجد أنني ألهي نفسي بتصفح ألبومات الصور القديمة على حسابي الذي يكاد يكون معطلاً على "فيسبوك".

تحمل الألبومات عناوين هي عبارة عن مزيج من نكات منسية من أيام المراهقة وكلمات أغنيات كانت محبوبة ذات يوم (لا شك في أنها آثار من عصر ماي سبيس Myspace [موقع تواصل اجتماعي اشتهر قبل ’فيسبوك‘] قبل أن يقتحم مارك زوكربيرغ عالم الـ "سوشيال ميديا"، وتبدو الصور الملتقطة بكاميرا رقمية كانت ترافقني كلما خرجت غبشة قليلاً الآن، مقارنة بصور "آيفون" فائقة الدقة، لكنها لا تزال واضحة بما يكفي لتمييز جميع سمات موضة العشرية الأولى من القرن الحالي في كل لقطة جماعية.

تبرز في إطلالتنا أحذية باليه مسطحة رثة وطبقات من سلاسل اللؤلؤ الصناعي وجزمات "أغ" Ugg المقلدة الرخوة وبناطيل ديسكو ذات خصر عال وشديدة اللمعان لدرجة أنها تعكس وميض كاميرا "كانون" الخاصة بي، وعدد من أحزمة الخصر يفوق ذلك الذي يظهر في حلقة عادية من برنامج "نصائح غوك للموضة" Gok’s Fashion Fix. أستطيع حرفياً شم رائحة الشعر المحترق المتناثر الذي خضع لعمليات تمسيد كادت تتلفه، وكلها عناصر تبعث شعوراً شديداً بالحنين وكذلك بالإحراج، والتي تعود الآن لعالم الموضة الحديثة بصورة إيجابية بعدما كنت أعتقد بسذاجة بأنها لن تعود مرة أخرى، لكن دورة الاتجاهات الرائجة في عالم الموضة لا تتوقف، ويبدو أن هذا الحنين قد استقر هذا العام عند عام 2007 بصورة خاصة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شوهدت بيلا حديد وإيميلي راتايكوفسكي وهما تتجولان في مدينة نيويورك مرتديتين جزمات "أغ" باللون البيج، وباتت الصدرية [قطعة ملابس علوية بلا أكمام تلبس فوق القمصان والكنزات وتلبس أيضاً تحت الستر أو المعاطف] مقبولة وحتى أنيقة عند ارتدائها في سهرة، ولم تعد حكراً على ستيف أرنوت من مسلسل "واجبات المهنة" Line of Duty، كما عادت قريبتها الأكثر عملية، السترة التي تغطي الصدر فقط، مستعدة لتدفئة جذعك وترك ذراعيك باردتين. ترتدي كايلي جينر بنطال ديسكو مع بلوزات للخروج بأطوال غير محددة، لكن ما هو العنصر الأكثر إثارة؟ اكتشاف أن علامة "غاني" التجارية الإسكندنافية المحبوبة تبيع الآن تصميماً عالي الجودة من أحذية الباليه المسطحة المؤذية للقدمين التي كنت أرتديها في سن المراهقة إلى أن تهترئ (وهو ما كان يحدث عادة بعد حوالى شهرين من الاستخدام المتواصل).

كان أمراً يقيناً أن يعاد تصميم اتجاهات الموضة الرائجة في أيام مراهقتي لتناسب جيلاً جديداً في وقت ما من المستقبل، فهذه هي وتيرة الموضة، لكنني بالتأكيد لم أتوقع حدوث ذلك بهذه السرعة أو أن يسبب مثل هذا الشعور المرهق بالدوار.

تفاقمت المشكلة فقط بسبب عودة مجموعة من الشخصيات الثقافية في تلك الحقبة إلى الوعي العام، بيت دورتي، الذي كان في يوم من الأيام شاعراً حائزاً على جائزة الشعراء المراهقين المستقلين يظهر في كل مكان ("هل تشاهدين الثنائي ’بيت ولويس ثيروكس‘؟".

سألتني صديقة دربي المفضلة في رسالة عبر تطبيق "واتساب" في تلك الليلة تذكرني بهاجسي بفرقة "ليبرتينز" Libertines لموسيقى الروك أيام مراهقتي، وربما ستقوم عضوات فرقة "غيرزل ألاود" Girls Aloud لموسيقى البوب الأسطوريات اللواتي يرتدين أحزمة الخصر ويحببن الفساتين الضيقة بلم شملهن وربما لا (أرجوكن قمن بذلك)، وديفيد كاميرون يعود للخطوط الأمامية في عالم السياسة، وهذا كاف لجعلك تشعر وكأن بوابة قد انفتحت بطريقة ما على الماضي، بأسلوب "دكتور هو" Doctor Who (بطبيعة الحال سيعود ديفيد تينانت الذي جسد شخصية الدكتور في النصف الأخير من العقد الأول من القرن الـ 20 إلى هذا الدور في وقت لاحق هذا العام).

كما أن موضة العقد الأول من الألفية تتألق على الشاشة أيضاً، ففيلم المخرجة إميرالد فينيل الجديد "سالتبرن" Saltburn من بطولة باري كوغان في دور أوليفر، طالب من الطبقة العاملة في جامعة أكسفورد يصادقه الأرستقراطي فيليكس الذي يجسده جاكوب إلوردي، ويقوم فيليكس لاحقاً بدعوة صديقه الجديد لقضاء الصيف بين أفراد عائلته المجتمعين.

تجري أحداثه بين عامي 2006 و2007 ويرتدي هؤلاء الطلاب الجدد الخياليون ملابس أصلية من العصر القديم: علامات الأزياء الثلاثة الشهيرة التي بدأ أسماؤها بحرف (ج) جين نورمان وجوسي كوتيور وجاك ويلز، وقلائد خرزية زائدة عن الحاجة وأساور مطاطية تحمل أزهار النرجس البري الصفراء، علامة جمعية ليف سترونغ LiveStrong الخيرية.

كانت هذه الأخيرة طبعاً بمثابة تحية إجلال مطاطية لراكب الدراجات لانس أرمسترونغ الذي تعرض للفضيحة وأصبحت عنصراً لا بد منه لسبب لا يمكن فهمه، وعندما نفدت من البيع عبر الإنترنت كنا نبذل قصارى جهدنا للحصول على واحدة منها.

أتذكر بدقة كيف أرسلت مظروفاً مغطى بطوابع خدمة التوصيل من الدرجة الأولى إلى صديقة صديقة صديقتي، ثم حصلت على سوار مطاطي وصلني بالبريد بعد حوالى شهر، ولم تكن لدي سوى فكرة غامضة عن هوية آرمسترونغ بالضبط، لكني أحببت تباين الألوان مع سواري الآخر الأبيض الذي يحمل شعار "اجعلوا الفقر من الماضي".

بيونسيه تنتعل حذاء "أغ" في العقد الأول من القرن الـ 20 وإميلي راتايكوسكي وهي تنتعل "أغ" أخيراً مثال على عودة هذه الموضة (غيتي/جي سي)

وللوصول إلى الإطلالة المميزة لهذه الفترة المحددة قامت مصممة الأزياء في فيلم "سالتبيرن" صوفي كانيل بإعداد "لوحات تعكس بصورة رئيس أمزجة أصدقائي السكارى على ’فيسبوك‘ كمصدر إلهام"، كما قالت أخيراً لمجلة "وومينز وير ديلي" Women’s Wear Daily إنها تبدو كامرأة تمتلك أفكاراً مشابهة لأفكاري، ومثلي أنا وأصدقائي، تحب شخصيات فينيل ارتداء جزمات "أغ" الجميلة أو في الأقل نسخاً مقلدة من العلامة التجارية.

لقد كنت أعشق للغاية جزمتي المقلدة ذات اللون البني الفاتح التي كنت أرتديها لما كنت في الـ 16 من عمري على الفور تقريباً بعد خضوعي لتنظير مفصل الركبة (جزمة "أغ" مزيفة وعكازات، بصمة متفردة حقيقية في عالم الموضة).

أصيب اختصاصي العلاج الطبيعي الخاص بي بالرعب لسبب وجيه، وفي عام 2010 أصدرت الكلية البريطانية لطب تقويم العظام بياناً ناشدت فيه الفتيات المراهقات مثلي التخلص من الأحذية المقلدة رديئة الصنع، محذرة من أن الافتقار إلى دعم القدم يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تآكل الكاحلين والركبتين والوركين، وحذر رئيس المنظمة آنذاك الدكتور إيان درايزديل من أن "مجرد تحول شيء ما إلى اتجاه أو موضة لا يعني أنه جيد أو صحيح". كلمات حكيمة حقاً لكن لو سمعتها في ذلك الوقت لربما تذمرت وعدت لمحاولة العثور على جوارب طويلة لا تغطي القدم تتماشى بصورة مثالية مع حذائي المصنوع من الفراء المزيف، وكانت أحذية الباليه المسطحة مع عدم توفيرها دعماً للقدم هي الأخرى سيئة جداً لصحتك أيضاً، لكنها كانت تضحية كنا على استعداد للقيام بها كي نبدو مثل كيت موس بعض الشيء.

قد تكون الإطلالة الجميلة مؤلمة بعد حضور مأدبة لمناسبة عيد الميلاد الـ 16 لإحدى الصديقات، اضطررت إلى العودة للمنزل والاستلقاء على الأرض بسبب عسر الهضم الناجم عن الحزام المحيط بخصري.

وبالطبع كانت موس، راعية أسلوب العشرية الأولى من العقد الحالي، في ذهن كانيل عند اختيارها أزياء الطلاب في ’سالتبرن‘ تتبعت مصممة الأزياء الأنماط من التشكيلة الأولى التي عرضتها موس لمصلحة علامة توب شوب التي من الممكن أنها كانت تلقى رواجاً شديداً خلال الفترة التي تدور فيها أحداث الفيلم، وبعد مرور أكثر من 15 عاماً ما زلت أتذكر كل قطعة أزياء تماماً تقريباً، لأنني كنت أرغب فيها بشدة، الفستان الفضي ذو الياقة المعلقة بالرقبة والجينز الأحمر الضيق والسراويل القصيرة المزخرفة التي تجعلني أرتديها فوق جوارب شفافة سميكة.

أنا متأكدة تماماً من أن هذه التصاميم ربما تكون محفورة في ذاكرة أمي المسكينة التي عانتها مطولاً أيضاً، مثل نسخة صغيرة من محررة الأزياء المتسلطة في فيلم "الشيطان يرتدي برادا" The Devil Wears Prada، ميراندا بريستلي أرسلتها لتجوب على جميع متاجر "توب شوب" في منطقة ليفربول سيتي في محاولة للعثور على الفستان النهاري المغطى برسومات مطبوعة من تشكيلة كيت.

لماذا لم أفعل ذلك بنفسي؟

كنت مشغولة جداً بالتجول في سنودونيا محاولة الحصول على جائزة دوق إدنبرة البرونزية [جائزة تمنح للشباب على الإنجازات الفردية في المهارات والراضة والخدمات الاجتماعية والرحلات الاستكشافية] بعدما اعتقدت مخدوعة بأن هذا من شأنه أن يثير نوبة إعجاب من موظفي القبول بالجامعات.

لم تعثر أمي على الفستان مطلقاً لكنني تمكنت من الحصول عليه بعد عام واحد عندما أعادت موس إصدار بعض من قطعها الرائجة لمناسبة آخر تعاون بينها وبين "توب شوب".

لقد تقلص الثوب إلى حجم لا يمكنني ارتداؤه بعد غسلات عدة، لكنه لا يزال معلقاً في خزانة ملابسي مثل كأس زهرية صغيرة.

ربما سأبيعه يوماً ما على موقع "فينتد" Vinted [موقع للتجارة الإلكترونية لشراء وبيع الحاجات الجديدة أو المستعملة وبخاصة الملابس والأكسسوارات] إلى فتاة من الجيلZ  [جيل مواليد ما بين عامي 1995 و2015] لا تستطيع تذكر العقد الأول من الألفية لكنها تحب الجمال الرجعي. (على كل حال عليّ إرفاق ملاحظة بأن الفستان مستعمل ويحمل بعض بقع كريم التسمير)، لكنني سأحتفظ به على الأرجح، فالملابس التي ارتديناها لما كنا لا نعرف تماماً من نحن أو ما نفعله في حياتنا هي ملابس محرجة بعض الشيء، نعم لكنها أيضاً محببة بصورة غريب. بقدر ما قد يكون الجزء العقلاني من ذهني مرعوباً من تصاميمها الفظيعة وأكسسواراتها الغريبة سأظل أعشق أزياء العشرية الأولى دائماً، فقط لا تتوقعوا رؤيتي أرتدي صدرية في أي وقت قريب.