♦ الملخص:
فتاة مراهقة أحبت صديقتها، وتريد أن تمارس معها الجنس، وهذا الأمر مسيطر عليها، والسبب في ذلك تأثرها بالأفلام الإباحية، وتأثرها بمن هنَّ أكبر منها سنًّا ممن لهن حبيبات، وتسأل: ما الواجب عليها فعله؟ هل حرام عليها أن تحبها فقط دون فعل شيء معها؟
♦ التفاصيل:
أنا في عمر الثانية عشرة، أحببت فتاة من صفي، أشعر أنني أريد ممارسة الجنس معها، لم أكن كذلك إلا عندما بدأت متابعة الأشياء السيئة، ورأيت من هم أكبر مني سنًّا لديهن حبيبات، أنا على علاقة بها، وأحبها كثيرًا؛ فهي جميلة وثمة أشياء مشتركة بيننا، لكني لم أفعل معها شيئًا، سوى أنني أريد تقبيل فمها، وهي لا مشكلة لديها في ذلك؛ فهي (bisexual) مثلي، أنا غير محافظة على الصلاة، ولا أصدق أن الله موجود، إنما أنا نشأت مسلمة فحسب، وإن شاء أكمل ديني، أعرف أن إعجابي بهذه الفتاة حرام، لكن هل يمكن أن أحبها فقط، دون أن أفعل معها شيئًا؟ أخشى أن أكون من قوم لوط، وأخشى ربي وعذابه، فماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتك هو:
• لا تصدقين أن الله موجود؟
• غير محافظة على الصلاة.
• تحبين بنتًا في صفك الدراسي وتفكرين في عمل بعض الشذوذ معها.
• تقولين أنك تخافين من الله ومن عذابه؟
• كيف وقد قلت قبل قليل أنك لا تصدقين بوجوده؟
• ثم بعد هذا كل هذه الطامات تقولين أنك مسلمة وتكملين دينك إنشاء الله يعني مسلمة اسمًا ووراثةً لا عقيدةً، كيف هذا!؟
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: يبدو أنك متأثرة جدًّا بأحد أمرين؛ إما جليسات سيئات وملحدات كافرات، أو شاذات جنسيًّا، أو أنك دخلت مرارًا على تطبيقات ألعاب أو مواقع الكترونية، تزعزع الاعتقادات السليمة، وتشكك في الدين كله وتؤجج الشهوة الجنسية للشذوذ، ولذا لابد من الحزم في مقاطعتهم جميعًا، واستبدالهم بجليسات صالحات وبمواقع طيبة.
ثانيًا: ألْحَظ تناقضًا، فمرة تقولين أنك تخافين من الله ومن عذابه، ومرة تقولين أنك لا تؤمنين بوجود الله سبحانه! ويبدو أن منشأ هذا التناقض هو أنك مسلمة بالفطرة والتربية السابقة، ولا زال لهذه التربية السليمة بعض الآثار الحسنة عليك، ولكن دخولك على مواقع العفن ومجالستك للمنحرفات، شوشت على اعتقاداتك، وحرَّفت فطرتك السليمة؛ فاحذريهم أشد الحذر، وفرِّي منهم جميعًا فرارك من الذئب، فهم فتنة عظيمة لك، والسلامة من الفتن لا يعدلها شيء.
ثالثًا: عليك بالحلول الشرعية المؤثرة جدًّا في مثل وضعك وهي:
1- الدعاء بصدق بأن يصرف الله عنك الإلحاد والشذوذ.
2- طلب العلم الشرعي النافع، خاصة علم التوحيد، فهو من أعظم ما يقوي الإيمان، وما تدفع به الشُّبه والشكوك والشهوات المحرمة.
3- مجاهدة نفسك على التخلص من الخواطر السيئة، مع الابتعاد كليًّا عن جميع مسبباتها.
4- مما يطرد وساوس إنكار وجود الله عز وجل: التفكر في عظمة هذا الكون (السماء –الشمس - القمر - الأرض - الجبال - البحار….)، فهل يُمكن أن تكون هذه المخلوقات العظيمة أوجدت نفسها بدون خالق لها! وقد ندبنا الله سبحانه للتفكر في عظيم خلقه؛ حيث قال سبحانه: ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴾ [ق: 6 - 10]، وقال عز وجل: ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴾ [الشمس: 1 - 6].
ومما يدلك بشكل قاطع على وجود الرب سبحانه التفكر في خلقك، وخلق الناس كلهم من نقطة مني؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 17].
رابعًا: يبدو أنك تعولين كثيرًا على كونك نشأت مسلمة اسمًا فقط، فأقول مجرد الإسلام بالاسم لا ينفع صاحبه في الآخرة ما دام مُنكرًا وجودَ الله سبحانه، فهذا الإنكار كفر أكبر مُخرج من الإسلام، ومن مات على ذلك فمصيره نار جهنم خالدًا فيها؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 91].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 10].
ويُقال مثل ذلك للذي يدعي أنه مسلم وهو لا يصلي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه وعن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بين الرجل، وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وفي مسند أحمد والسنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن حصيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)؛ قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (وهذا وعيدٌ عظيم يدل على كفر تارك الصلاة - نسأل الله العافية - ولو لم يجحد وجوبها).
خامسًا: أما عشقك لزميلتك، فهو من وساوس الشيطان، ومن ثمرات حنظل إطلاق النظر والإعجاب، وهو أمر محرَّم، والله سبحانه أوجد الغريزة الجنسية بين الذكر والأنثى، وأباح فيها الزواج، وحرم الفاحشة سواء بعشقٍ أو نظر بشهوةٍ، أو تقبيل، أو أية ممارسة جنسية خارج نطاق الزواج بزنا أو سحاقٍ.
بل إن الله سبحانه عندما حرم الزنا ما قال: ولا تزنوا، بل قال: (﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]؛ ليعم النهي الزنا وكل ما قد يقرِّب إليه من نظر وخلوة وتبرج.
سادسًا: مع ما سبق، فباب التوبة مفتوح لك مهما عظُم ذنبك، فإن الله سبحانه ندب من قارفوا الطامات (الشرك والزنا وقتل النفس بغير حق)، ندبهم للتوبة ووعدهم بقبولها، وبإبدال سيئاتهم حسنات، فافرحي بإمهال له لك، وبادري للتوبة قبل الموت؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 68 - 71].
وقال تعالى مرغبًا عباده المسرفين على أنفسهم في المعاصي وحاثًّا لهم على التوبة، وواعدًا لهم بقبولها: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ *وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 53 - 56].
حفِظكِ الله وطهَّركِ من الشكوك والشبهات، ومن الفواحش والشذوذ.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.