بينما يفر اللاجئون السودانيون من أهوال الحرب.. تكافح تشاد المنكوبة بالفقر للمساعدة

منذ 1 سنة 129

مخيم غاغا، تشاد (CNN)-- تبلغ مستيورا إشاخ يوسف 22 عامًا فقط، ولكنها نزحت داخليا في منطقة دارفور السودانية طوال معظم حياتها. لكن هذه منطقة جديدة حتى بالنسبة لشخص لم يعرف موطنا دائما، وهي مخيم اللاجئين في شرق تشاد، إحدى أكثر دول العالم فقرا.

وأُجبرت مستيورا على عبور الحدود بعد اشتداد القتال في غرب دارفور، ولم تحضر سوى طفلها الصغير والأغراض الشخصية القليلة التي يمكن أن تحملها.

وقالت مستيورا: "أنا قلقة بشأن كل الأشخاص الذين تُركوا ورائي، وخاصة والدتي، التي لم تتمكن من عبور الحدود لأنها أضعف من أن تقوم بالرحلة".

وأضافت لشبكة CNN، في مخيم غاغا للاجئين في منطقة واداي في الدولة الواقعة في وسط إفريقيا: "سأظل أسأل نفسي باستمرار كيف يمكنني إيصالها إلى تشاد".

وقُتل المئات في غرب دارفور، مع تصاعد القتال بين الفصيلين العسكريين المتناحرين في البلاد في صراع مميت على السلطة. وتظهر أرقام الأمم المتحدة أن 60 ألف سوداني على الأقل، عبروا الحدود إلى تشاد منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل/ نيسان الماضي.

وحتى قبل اشتداد القتال، أدت سنوات من عدم الاستقرار السياسي إلى نزوح عدة ملايين من الأشخاص داخل السودان، واستضافت البلاد أيضا 1.13 مليون لاجئ من دول أخرى تعاني من النزاعات، بما في ذلك جنوب السودان وإريتريا وسوريا، بحسب بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وكشفت بيانات المفوضية أن اندلاع العنف الجديد أجبر ما يقرب من 850 ألف مدني، حتى الآن، على مغادرة منازلهم والانتقال إلى أماكن أخرى في السودان، بينما غادر أكثر من 250 ألف شخص البلاد بحثا عن الأمان.

وتشعر تشاد بضغوط النزوح على مواردها وكانت بالفعل موطناً لـ400 ألف لاجئ سوداني قبل هذا الصراع الأخير.

وأدت الزيادة الحالية في عدد العاملين في المجال الإنساني إلى السعي لتقديم الخدمات للوافدين الجدد، ونقلهم بعيدا عن البلدات الحدودية، وتقديم المساعدات إلى مدن اللاجئين الآخذة في الازدياد، في منطقة نائية من دولة فقيرة تواجه تحدياتها الأمنية الخاصة.

ومع ندرة الأموال لرعايتهم جميعا، لكن الناس يواصلون القدوم خوفا من أن يُقتلوا إذا ظلوا في السودان.

وقالت المفوضية لشبكة CNN، إن ما يقرب من 90٪ من الوافدين الجدد إلى مخيم غاغا هم من النساء والأطفال.

وأضافت مستيورا يوسف: "قال لنا الشباب والرجال أن نأخذ الأطفال ونعبر الحدود في الوقت الحالي حتى يتمكنوا من البقاء للدفاع عن أنفسهم وممتلكاتنا، إذا لزم الأمر".

وسافرت CNN إلى شرق تشاد مع سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي أعلنت عن تقديم 103 ملايين دولار لدعم أكثر من مليون شخص نزحوا من السودان والدول المجاورة، منذ اندلاع الصراع.

ولقد كانت لحظة كاملة للمسؤولة الأمريكية، والتي أفادت من تشاد في عام 2004 بفرار مدنيين سودانيين من ميليشيات الجنجويد العربية الذين اتُهموا بارتكاب انتهاكات وفظائع جسيمة لحقوق الإنسان في إقليم دارفور. وفي هذه الرحلة الأخيرة، سمعت قصصا مروعة من لاجئين أجبروا على العبور إلى تشاد في مواجهة عنف غير مسبوق.

وكان الجنرال محمد حمدان دقلو، الشهير باسم حميدتي، قائدا للجنجويد خلال السنوات الدموية من النزاع في دارفور.

وقُتل مئات الآلاف من الأشخاص خلال أعمال العنف التي وقعت قبل عقدين من الزمن على أيدي مقاتلي الجنجويد، الذين قتلوا واغتصبوا وعذبوا سكان دارفور فيما يُعرف على نطاق واسع بأنه إبادة جماعية.

ويقود حميدتي، الآن، قوات الدعم السريع، وهي المجموعة شبه العسكرية التي تقاتل القوات المسلحة السودانية، في هذا الصراع الأخير.

ووقع ممثلو الجانبين على اتفاق وقف إطلاق النار الإنساني لمدة سبعة أيام في جدة بالمملكة العربية السعودية، خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي بدأت مساء الاثنين الماضي، بالتوقيت المحلي. لكن الجانبين انتهكا كل هدنة سابقة اتفقا عليها، منذ أن بدآ القتال في 15 أبريل/ نيسان الماضي.

وقالت سامنتا باور لـCNN: "لا يوجد في أي مكان في العالم حل إنساني لمشكلة سياسية، لا يوجد في أي مكان في العالم حل إنساني للجنرالات المستعدين لتدمير بلادهم من أجل الاستيلاء على السلطة أو تعزيز السلطة".

ومن جانبها، قالت كبرى عبد الله، 23 سنة، لشبكة CNN إنها غادرت مدينة الجنينة بغرب دارفور فجأة لدرجة أنها انفصلت عن ابنها الصغير الذي ضاع وسط الفوضى.

وأضافت وهي في مخيم غاغا: "أخي لا يزال هناك، سمعت أنه مصاب"، وقالت: "لقد أُجبرت على القدوم إلى تشاد بحثا عن الأمان". وأكدت أنها لن تعود إلى السودان إلا لإعادة ابنها وشقيقها إلى بر الأمان.

ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن القانون التشادي يقضي بإيواء اللاجئين على مسافات معقولة من البلدات الحدودية. لذلك يتم نقلهم إلى معسكرات مثل غاغا بعيدا عن الحدود.

وتم نقل حوالي 1000 شخص، وخلال زيارة CNN، ظهرت عشرات الهياكل الصغيرة المصنوعة من ألواح الحديد المكونة من غرفة واحدة والملفوفة بشعارات مفوضية شؤون اللاجئين.

وجلست النساء وأطفالهن الصغار أو ناموا تحت الأشجار هربا من الحرارة البالغة 45 درجة بينما كان بعض الأطفال يلعبون بالقرب من الصنبور بينما تتدفق المياه. ولا توجد مياه أو كهرباء في المساكن التي تستضيف عائلة واحدة، لكنهم يشعرون بالأمان في هذه المدينة. فالأشخاص الذين يعبرون الحدود إلى تشاد هم أفقر ضحايا عدم الاستقرار في السودان وأكثرهم ضعفا.