لمن شاهد سلسلة أفلام "استمر" أو المسلسل أو المسرحية، وهي سلسلة كوميدية تصور أحداثاً خلال الحرب العالمية الثانية، سيتذكر الممثل البريطاني بيتر بتروورث الذي توفي عام 1979. ومثل بتروورث في 16 فيلماً من أفلام السلسلة التي بلغت 31 فيلماً، وأنتجت أعمال السلسلة في الفترة من 1958 إلى 1992. من بين أفلام السلسلة الكوميدية فيلمان شهيران عن عمليات هروب في الحرب العالمية الثانية هما "الحصان الخشبي" والفيلم الشهير "الهروب الكبير".
لكن ما لا يعرفه كثيرون، ولا حتى عائلته إلا بعد وفاته، أن النجم السينمائي بيتر بتروورث كان أسير حرب وسجن في معسكر اعتقال ألماني خلال الحرب، وساعد فعلاً في هروب سجناء منه. ومع معرض لوثائق كشفت عنها السرية في مقرّ الأرشيف الوطني البريطاني بلندن، مطلع هذا الشهر، اكتشف العالم أن نجم سلسلة الأفلام التي ضمت فيلم "الهروب الكبير" كان سجيناً فعلاً في الحرب العالمية الثانية، وساعد 11 سجيناً على الهرب، أي أنه كان في الحياة الواقعية أحد أبطال العمليات التي أوحت للسينما بالعملين الشهيرين.
أفلام هزلية من وحي تجارب حقيقية
الآن، تعرض بطاقة تعريف له كأسير حرب لدى الألمان في الحرب ضمن معرض الوثائق، إذ كان يخدم في الجناح الجوي للأسطول الملكي، وأسقطت طائرته، عام 1940، ليقضي بقية العام أسير حرب. وخلال تلك الفترة، كان بالفعل المسؤول عن إخفاء التربة الناجمة عن حفر خنادق الهروب من المعسكر التي كانت محور فيلم الهروب الكبير، كما كان في اللجنة المنظمة لخنادق الهروب التي استوحى منها فيلم "الحصان الخشبي" قصته.
وكانت تجربة بتروورث في الحرب هي التي صقلت أداءه الساخر في سلسلة الأفلام الهزلية التي اشتهر بها، بخاصة عمله مع زميله في الحرب والسجن تالبوت روثويل الذي عمل على كتابة سيناريوهات أفلام "استمر". وكان تالبوت طياراً، أيضاً، اسقطت طائرته في الحرب مثل بتروورث.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتضمن المعرض الحالي مجموعة من الوثائق عن أسرى الحرب أفرج عنها من الأرشيف الألماني، ووصلت الوثائق إلى لندن وقامت مجموعة من المتطوعين بتصنيفها قبل أن تعرض الآن في مقر الأرشيف الوطني، غرب لندن.
"الهروب الكبير"
في فيلم "الهروب الكبير"، تدور الأحداث في معسكر أسرى الحرب "ستاغ لوفت 3"، كان بتروورث ضابطاً وكاتب شيفرة في "أم آي 19"، جهاز الاستخبارات العسكرية البريطاني المسؤول عن هروب السجناء من معسكرات المحور في الحرب. وتنقل "بي بي سي" عن نجله تايلر بتروورث أن أسرته لم تعرف بكل تلك التفاصيل إلا بعد عقود، وبعد وفاة النجم السينمائي.
ويقول تايلر بتروورث "كان (بيتر) يعاني مما نسميه اليوم اضطراب ما بعد الصدمة. لكنه لم يقل شيئاً أبداً عن ذلك لا لي ولا لأختي. لكن والدتي (الفنانة الانطباعية جانيت براون) أخبرتنا عن بعض الأمور التي حدثت بخاصة بعد زواجهما مباشرة في أعقاب نهاية الحرب. وقالت إنه كان، أحياناً، يقفز من السرير ليلاً ويلقي بنفسه على الأرض ويحاول الاختباء. واضطرت لتأمين باب غرفة النوم لأنه كان يفتح على سلالم البيت مباشرة".
كان بتروورث وروثويل أسيرَي حرب في "ستاغ لوفت 3"، وأقنعا قائد المعسكر أن يسمح لهما ببناء مسرح استغلاه في ما بعد لتخزين التربة الناتجة عن حفر الخنادق تحته، بينما كانت أصوات المسرح تغطي على عمليات الحفر. وكان بتروورث مسؤولاً عن إخفاء التربة. كان ذلك في الحقيقة، وإن ظهرت القصة في فيلم "الهروب الكبير" بطريقة هزلية.
تجربة السجن
يضيف الابن أن والده لم يحكِ عن تلك الأمور أبداً "كانت كل هذه الأمور تدور في ذهنه فقط طوال حياته. قالت لي أمي إنه بعد أن اشتروا البيت الذي تربينا فيه، كان والدي يرتدي معطفاً منزلياً، ويتمشى حول الحديقة كل صباح يومياً، ذلك لأن بإمكانه أن يفعل ذلك، بينما في معسكر أسرى الحرب حيث سجن لم يكن يستطيع فعل ذلك. لكننا لم نعرف كل ذلك إلا بعد وفاته".
لكن كيف تحولت تجربة السجن في معسكر اعتقال كأسير حرب إلى مخزون من الأداء التمثيلي الهزلي في أفلام سلسلة "استمر"، فتلك كانت عبقرية الممثل البريطاني الراحل بيتر بتروورث وزميله كاتب السيناريو تالبوت روثويل.