بوذا المصري... استنارة قديمة على البحر الأحمر

منذ 1 سنة 166

في حدث غير مسبوق، اكتشف تمثال لبوذا من العصر الروماني، عمره نحو 1900 عام، في جنوب غربي مصر خلال أعمال حفر نفذتها بعثة أثرية بولندية - أميركية، ما اعتبره أثريون دليلاً على التبادل التجاري بين الإمبراطورية الرومانية والهند في العصر القديم الذي كانت مصر حلقة الوصل فيه.

التمثال المُكتشف في معبد المدينة الأثرية برنيكي بمحافظة البحر الأحمر المصرية يبلغ ارتفاعه 71 سنتيمتراً، ويصور بوذا واقفاً يحمل جزءاً من ملابسه في يده اليسرى وحول رأسه هالة من أشعة الشمس المصورة تشير إلى عقله المشع، كما توجد إلى جانبه زهرة اللوتس، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار المصرية.

ونقل البيان عن رئيس البعثة الأثرية من الجانب البولندي ماريوس جويازدا قوله إن "التمثال المكتشف مصنوع من الحجر الذي ربما جرى استخراجه من المنطقة الواقعة جنوب إسطنبول في تركيا حالياً، أو ربما نحت في المدينة المكتشف بها برنيكي، وتخصيصه للمعبد من قبل أحد التجار الأثرياء في الهند".

حلقة وصل

قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، مصطفى وزيري، في بيان "موسم حفائر البعثة الأثرية البولندية - الأميركية الحالي بموقع برنيكي شهد دلائل مهمة عدة على وجود صلات تجارية بين مصر والهند خلال العصر الروماني، إذ كانت مصر في موقع مركزي على الطريق التجاري الذي يربط الإمبراطورية الرومانية بعدد من مناطق العالم القديم بما فيها الهند، وتعمل تلك البعثة في الموقع منذ عام 1994 تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار".

كانت برنيكي أهم الموانئ على ساحل البحر الأحمر خلال العصر الروماني، وتشارك في التجارة بين الإمبراطورية الرومانية والهند، بحيث كانت السفن تصل إليها من الهند محمّلة بمنتجات مثل الفلفل والأحجار شبه الكريمة والمنسوجات والعاج ليتم تفريغها ونقل الشحنات براً عبر الصحراء بواسطة الجمال إلى النيل، ومن ثم تنقلها سفن أخرى إلى الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط، ومن هناك إلى بقية الإمبراطورية الرومانية.

حدث نادر

المتخصص الأثري في علم المصريات أحمد عامر قال لـ"اندبندنت عربية" إن "هذا الكشف سيعيد كتابة تاريخ منطقة البحر الأحمر مرة أخرى، وسيجعل المنطقة ذات أهمية كبيرة مع الاكتشافات الأخرى لتكون مقصداً سياحياً وثقافياً مهماً خلال الفترات المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار عامر إلى أن "اكتشاف تمثال للمعبود بوذا يرجع إلى العصر الروماني يعد حدثاً نادراً في البحر الأحمر، فللمرة الأولى يعثر على مثل هذا التمثال في البلاد، فتم التأكد من وجود صلات تجارية بين مصر والهند خلال العصر الروماني، إذ كانت الأولى في موقع مركزي يربط الإمبراطورية الرومانية بعدد من مناطق العالم القديم، بما في ذلك الهند عبر الموانئ المصرية على ساحل البحر الأحمر".

تمثال بوذا لم يكن الاكتشاف الوحيد للبعثة، إذ أعلن رئيسها من الجانب الأميركي ستيفين سيدبوثام أن بعثته نجحت في الكشف عن نقش في المعبد الأثري باللغة الهندية (السنسكريتية) يعود تاريخه إلى الإمبراطور الروماني فيليب العربي أو ماركوس يوليوس فيلبس (244 - 249 ق. م)، وفق بيان الوزارة.

وأضاف أن هذا النقش يبدو أنه ليس من عمر التمثال، وربما يكون أقدم بكثير، إذ كانت النقوش الأخرى في المعبد باللغة اليونانية التي يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الأول الميلادي، كما عثر على عملتين معدنيتين من القرن الثاني الميلادي من مملكة "ساتافاهانا" الهندية الوسطى.

وخلال الأعوام الماضية كشفت مصر عن كنوز أثرية عدة في مختلف أنحاء البلاد، خصوصاً بمنطقة سقارة غرب القاهرة، حيث اكتشف أكثر من 150 تابوتاً أثرياً يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 عام.

وظلت مصر تحت حكم الرومان منذ هزيمة جيش الملكة كليوباترا السابعة على يد القائد الروماني أوكتافيوس الذي تمكن من ضم الدولة البطلمية إلى الإمبراطورية الرومانية عام 30 قبل الميلاد، واستمرت مصر مقاطعة رومانية حتى الفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص عام 642 من الميلاد.