قال وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن اليوم الخميس إن بلاده ستستمر في الدفع من أجل التوصل إلى تطبيع للعلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي جمعه بنظيره السعودي فيصل بن فرحان: "سنواصل العمل مع السعودية بشأن التطبيع مع إسرائيل".
وأكد بلينكن أن التطبيع بين الحليفين الأكبر لبلاده في الشرق الأوسط يعتبر أولوية بالنسبة لواشنطن، مضيفاً بأنه سيمهد لمنطقة أكثر تكاملاً.
وأضاف: "ناقشنا ذلك (تطبيع إسرائيل مع العرب) هنا وسنواصل العمل عليه لدفعه قدما في الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة".
ورد بن فرحان على تصريح بلينكن بقوله إن المملكة لن تسعى إلى سلام مع إسرائيل دون التوصل لحل للقضية الفلسطينية أولاً.
وقال وزير الخارجية السعودي خلال نفس المؤتمر الصحافي: "نعتقد أن التطبيع مع إسرائيل سيكون له مزايا كبيرة للجميع لكنها ستكون مزايا محدودة دون مسار إلى السلام مع الفلسطينيين".
ترحيب فلسطيني
ورحبت السلطة الفلسطينية بتصريحات بن فرحان، حيث شكره وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في بيان نُشر لاحقاً يوم الخميس.
وقال المالكي ردا على ذلك " كنا نتمنى لو استثمرت الادارة الامريكية ممثلة برئيسها ووزير خارجيتها عُشر ما تبذله من جهود لترغيب الدول في تطبيع علاقتها بدولة الاحتلال، من أجل إنهاء ذلك الاحتلال".
وأضاف قائلا "وإجبار إسرائيل على الجلوس إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى اتفاق ينهي الاحتلال ويجسد حل الدولتين عبر دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة ومتواصلة جغرافيا على حدود ما قبل الرابع من حزيران عام 67 والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية".
وتأمل الولايات المتحدة أيضًا أن تطبّع السعودية العلاقات مع إسرائيل التي سبق أن طبّعت دول عربية عدة بينها الإمارات والبحرين علاقاتها معها عام 2020 بموجب اتفاقات رعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
تشكيك أميركي بشأن الأسد
وفي ختام زيارة للسعودية استمرّت ثلاثة أيام وهدفت إلى تعزيز العلاقات مع المملكة النفطية الثرية، حاول بلينكن التخفيف من حدّة نقاط خلافية أخرى خصوصًا بشأن سوريا، بعد إعادتها إلى جامعة الدول العربية مؤخرًا وتطبيع الرياض العلاقات معها.
وأكد بلينكن أن بلاده لا تؤيّد إعادة سوريا إلى محيطها العربي، لكنها توافق على الأهداف المتمثلة بالعمل على آلية سلام والتصدي لظهور تنظيم الدولة الإسلامية من جديد والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية ومواجهة تهريب المخدّرات.
وقال "يجب أن أعترف بأننا نشكّ في استعداد (الرئيس السوري بشار) الأسد لاتخاذ الخطوات اللازمة، لكننا نتفق مع شركائنا هنا حول ماهية هذه الخطوات، وعلى الأهداف النهائية".
ودافع بن فرحان عن دعوة الأسد إلى القمة العربية التي انعقدت الشهر الماضي في جدّة.
فقال إن "الوضع الذي كان قائمًا لم يكن مجديًا، إنما كان يخلق عبئًا متزايدًا على دول المنطقة وعلى الشعب السوري".
ووضعت الدول العربية مسائل أساسية على طاولة النقاشات مع دمشق بينها أزمة اللجوء السوري خصوصاً في دول الجوار، ومكافحة تهريب المخدرات التي تُعد أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة لدول خليجية وخصوصاً السعودية التي باتت سوقاً رئيسية لحبوب الكبتاغون المصنّعة بشكل رئيسي في سوريا.
واعتبر بن فرحان أن هذه المسائل تتطلب "حوارًا مع دمشق" مضيفًا "نعتقد أن هذا المسار يمكن أن يحقق نتائج، لم تحققها مسارات أخرى".
وفي ملفّ حقوق الإنسان الذي يشكل نقطة خلاف أخرى بين واشنطن والرياض، رفض بن فرحان خضوع المملكة لأي "ضغط".
وبعيد وصوله الثلاثاء إلى جدّة، أجرى بلينكن مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "محادثة مفتوحة وصريحة" وأثار معه قضية حقوق الإنسان، وفق مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه.
300 مليون دولار
جاءت تصريحات بلينكن وبن فرحان في ختام اجتماع وزاري للتحالف الدولي ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية سعيا خلاله أيضًا إلى إظهار موقف موحد في ما يخصّ مكافحة الجهاديين.
وكان هدف الاجتماع جمع 601 مليون دولار لتمويل صندوق مخصص لإرساء الاستقرار في العراق وسوريا. وقد تمّ جمع 300 مليون دولار حتى الآن، وفق ما جاء في بيان مشترك.
وتعهّدت الولايات المتحدة بتخصيص 148 مليون دولار لهذا الصندوق.
لا خيار بين واشنطن وبكين
وشدد بلينكن على أن واشنطن لا تخيّر أحدًا بينها وبكين، ساعيًا إلى إظهار جبهة موحّدة مع السعودية، حليف بلاده الاستراتيجي، رغم الخلافات بينهما.
وبرز دور بكين، خصم واشنطن، في الشرق الأوسط في آذار/مارس الماضي عندما رعت اتفاقًا مفاجئًا بين الرياض وطهران، خصمها اللدود، على استئناف العلاقات بين أبرز قوّتين إقليميّتين في الخليج بعد سبع سنوات من القطيعة.
وفي ختام زيارة للسعودية استمرّت ثلاثة أيام وهدفت إلى تعزيز العلاقات مع المملكة النفطية الثرية، أكد بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي، "أننا لا نطلب من أحد الاختيار بين الولايات المتحدة والصين" مضيفًا "نحاول ببساطة إظهار فوائد شراكتنا والأجندة المتوافق عليها التي نقدمها".
من جانبه، قلّل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من أهمّية التحليلات التي تفيد بأن بلاده تتقرّب من بكين على حساب العلاقة مع واشنطن. وقال "لا يزال لدينا شراكة أمنية قوية مع الولايات المتحدة يتم تجديدها بشكل يومي تقريبًا"، رغم ترجيحه تنامي التعاون مع الصين.
في السنوات الأخيرة، توتّرت العلاقات الأميركية السعودية بسبب قتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، ورفض أكبر مصدّر للنفط في العالم المساهمة في تخفيف ارتفاع أسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأضاف الوزير السعودي "نحن جميعًا قادرون على إقامة شراكات والتزامات متعددة".