بكر وسأتزوج للمرة الثالثة

منذ 3 أشهر 70

بكر وسأتزوج للمرة الثالثة


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/8/2024 ميلادي - 2/2/1446 هجري

الزيارات: 253


السؤال:

الملخص:

امرأة تزوجت مرتين، وطُلِّقت، والآن تقدَّم إليها رجل معدِّد، وهي تخشى تكرار الفشل، وتخشى أيضًا فكرة الزواج من رجل معدِّد، ولديها مخاوف كثيرة، وتسأل: كيف تتهيَّأ للحياة مع رجل معدِّد؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياكم الله.

أنا في التاسعة والعشرين من عمري، تزوجت منذ ست سنوات، وفي الشهر الأول وقع الانفصال، ثم تزوجت العام الماضي، وانفصلت في الأسبوع الأول، مما أصابني بصدمة أخرى، وكأن الأيام تعود، والمشاعر القبيحة تتجدد، تجاوزت المحنة - ولله الحمد - بالصلاة وحفظ القرآن، حتى انشغلت بهما، والآن أنا مخطوبة لرجل فيه كل الصفات الجميلة التي أتمناها، وأنا مرتاحة، لكنه مُعدِّدٌ، فاجتمع عليَّ خوفان؛ الأول الخوف من تَكرارَ التجرِبة، والثاني الخوف من الحياة كزوجة ثانية؛ فثمة أسئلة كثيرة في ذهني تخص حقوقي، ونظرة المجتمع لي، ومدى تقبُّل أبنائه لي، هل سيعدل بيني وبين زوجته الأولى؟ وهل سأُدمِّر بيتًا متماسكًا؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تشغلني، فكيف أخرج من دائرة الخوف من الفشل؟ وكيف أُهيِّئ نفسي للدخول في حياة زوج معدِّدٍ؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فإن التوفيق بيد الله سبحانه، لا مانعَ لِما أعطى، ولا مُعطِيَ لِما منع، تبارك وتعالى؛ ولذلك فإن الواجب علينا - معشر المؤمنين - أن نؤمن بقضاء الله وقدره، وأن نؤمن بحكمته ورحمته ولطفه في قضائه جل في علاه، وعلينا كذلك أن ندعوه ونرجوه سبحانه؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ويقول تبارك وتعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

ثم اعلمي - بارك الله فيكِ - أن العاقل هو من يستفيد من ماضيه لحاضره، ويستمد من ماضيه ما يُعينه على تخطِّي العقبات والمصاعب، لا أن يجعل عثرات الماضي تُفسِد عليه حاضره ومستقبله؛ ولذلك عليكِ النظر في أسباب فشل تلك الزيجات السابقة، أهو لسبب فيكِ؟ ومن ثَمَّ تسعين لتغييره، أم هو لسبب عائد للزوج؟ ومن ثَمَّ تتلافين الاقتران بمن يشابهه، وهكذا.

المقصود أنه لا بد من الاعتبار بما مضى، والتأكد من فهمنا واستعدادنا الحقيقي لهذه الحياة الزوجية؛ ولذلك أوصيكِ وأوصي كل من هو مقبل على الحياة الزوجية بتصحيح المفاهيم تجاه هذه العلاقة، وهذا الارتباط، عبر تكوين وعي جيد لدور كل طرف في هذه العلاقة، وما له وما عليه، وكيفية التعايش والتناغم مع شريك الحياة، وطرق التعامل مع المشكلات، وخصوصًا ما يتعلق بالتقبل لطباع شريكِ الحياة، والتأكد من ملاءمته ومناسبته للارتباط بكِ، ومدى القدرة على التوافق بينكما، وقد بسطت الحديث بإسهاب حول مراحل الحياة الزوجية في برنامجي الذي أعددته وقدمته في إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، الذي أسميته "لتسكنوا إليها"، وهو متاح في وسائل التواصل كذلك، أو الاطلاع على ما قدمه غيري كذلك من مختصين في هذا المجال عبر شتى الطرق، والوسائل المقروءة والمرئية والمسموعة.

واعلمي - أيتها الفاضلة - أنه كلما جمعتِ من المعلومات المتعلقة بهذا الارتباط عبر الوعي الذي أشرت إليه آنفًا، أو ما يتعلق بصفات وأحوال هذا الزوج - خفَّ القلق، وكنت أكثر استعدادًا لتحمُّل مسؤولية هذا الزواج بإذن الله تعالى.

ولعلي أعرج هنا على ما ذكرت في سؤالكِ من مخاوف تجاه الزواج من معدِّدٍ، فأقول: إن الله سبحانه قيَّد إباحة التعدد بالقدرة على العدل؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء: 3]، ولذلك عليكم السؤال الجيد عن استعداده للعدل؛ من حيث قدرته المالية والصحية، وكذلك ديانته وخُلُقه وأمانته، أما خوفكِ من هدم أسرته، فليس في التعدد جناية على الزوجة الأولى، إن راعى الزوج حقَّ الله سبحانه، وكنتِ له معينة على عدم الميل والجور في حقها وحق أبنائهما، وكنتِ حسنة التعامل مع أسرته الأولى.

وأنصحكِ بعدم الاكتراث بنظرة من لا يحسن النظر إلى خصوصيات الآخرين، ولا يحترم اختياراتهم؛ فهذه حياتكِ، وهذه فرصة قد لا تتكرر، وليس من العقل تفويتها لأجل نظرة الآخرين، بل عليكِ التركيز على هذه الفرصة وتفحصها، والتأكد من ملاءمتها لكِ، وسؤال الله التوفيق والسعادة؛ فأنت لم تقترفي ما يخدش المروءة ويضر بالدين، بل هو أمر مشروع وفيه مصلحة مشتركة للطرفين.

وقبل العزم على أي قرار ينبغي العمل بما جاءت به السنة في هذا الشأن؛ عن جابر رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا همَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علَّام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به، ويسمي حاجته))؛ [رواه البخاري].

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.