بعد زلزال تركيا وسوريا.. هل الدول العربية جاهزة لمواجهة الكوارث الطبيعية؟

منذ 1 سنة 233

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 10/02/2023 - 16:30

تسبب الزلزال في سوريا وتركيا إلى تدمير مئات المباني

تسبب الزلزال في سوريا وتركيا إلى تدمير مئات المباني   -  حقوق النشر  Ghaith Alsayed/Copyright 2023 The AP. All rights reserved

أثارت المشاهد التي انتشرت عقب الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا، الذعر بين مواطني الدول العربية، خوفًا من تكرار الكارثة في بلدانهم. إلا أن هذه الأزمات، قد تتسبب بها أمور أخرى غير الزلازل والهزات الأرضية، كالفيضانات والعواصف والأوبئة.

وبمعزل عن السبب، تبقى النتيجة التي يخاف منها المواطنون هو غضب الطبيعة، لتُطرح بعد ذلك أسئلة عن مدى جهوزية بعض المدن العربية لمثل هذه  الحالات الطارئة.

ففي لبنان على سبيل المثال، أدت الهزات الارتدادية التي أعقبت زلزال تركيا وسوريا، إلى تصدّع عدد من المنازل، إضافة لانتشار الذعر في مناطق طرابلس شمالي البلاد، نظرًا للفقر الذي يعيشه المواطنون هناك، وسط مبانٍ قديمة بعضها بات مهترئًا.

وللإجابة على هذه الأسئلة، كان أستاذ التخطيط الحضري بقسم الموارد الطبيعية والبيئة في كلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي أحمد الخولي، قد أجرى دراسة بعنوان "هل الدول العربية جاهزة لمواجهة خطر الكوارث؟"، درس من خلالها مدى استعداد بعض المدن العربية لمواجهة أي كارثة طبيعية.

وفي الدراسة التي نُشرت عام 2019، أكد الباحث أن المدن العربية غير مهيأة للكوارث الطبيعية، رغم التخطيط لذلك، عازيًا السبب إلى "محدودية القدرات والتمويل".

إضافة إلى ذلك، تحتاج المدن العربية، وفق البحث، إلى تحويل إطارها المؤسسي لتطوير ثقافة مواتية للحد من مخاطر الكوارث، توازيًا مع اعتماد أنظمة الإنذار المبكر.

أساسيات خطط المواجهة

في عام 2005، قامت الإستراتيجية الدولية للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNISDR) والدول الأعضاء في الأمم المتحدة بوضع واعتماد إطار عمل للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية.

تتضمن هذه الخطة خمسة مجالات:

  • ضمان أن يكون الحد من الكوارث أولوية وطنية ومحلية مع أساس مؤسسي متين للتنفيذ.
  • تحديد مخاطر الكوارث وتقييمها ورصدها وتحسين الإنذار المبكر.
  • استخدام المعرفة والابتكار والتعليم لتطوير ثقافة السلامة والمرونة على جميع المستويات.
  • تقليل عوامل الخطر.
  • تعزيز التأهب للكوارث من أجل الاستجابة الفعالة على جميع المستويات.

ووفقًا لـ UNISDR، تغطي الأساسيات العشر التالية المجالات الخمسة لإطار عمل الخطة:

  1. وضع التنظيم والتنسيق لفهْم مخاطر الكوارث والحدّ منها، بناءً على مشاركة المواطنين والمجتمع المدني، والتأكد من أن جميع الإدارات تفهم دورها في الحد من مخاطر الكوارث.
  2. تخصيص ميزانية للحد من مخاطر الكوارث وتقديم حوافز لأصحاب المنازل والأسر ذات الدخل المنخفض والمجتمعات والشركات والقطاع العام للاستثمار في الحد من المخاطر التي يواجهونها.
  3. الحفاظ على بيانات محدثة حول المخاطر ونقاط الضعف، وإعداد تقييمات المخاطر، ثم استخدامها كأساس لخطط التنمية الحضرية واتخاذ القرارات، إضافة للتأكد من أن هذه المعلومات والإستراتيجيات الخاصة متاحة بسهولة للجمهور.
  4. الاستثمار في البنية التحتية الحيوية والحفاظ عليها، مثل تصريف الفيضانات، وتعديلها عند الحاجة للتعامل مع تغير المناخ.
  5. تقييم سلامة جميع المدارس والمرافق الصحية.
  6. تطبيق وفرض لوائح بناء واقعية ومتوافقة مع المخاطر ومبادئ تخطيط استخدام الأراضي، توازيًا مع تحديد الأراضي الآمنة للمواطنين ذوي الدخل المنخفض وتطوير الارتقاء بالمناطق العشوائية.
  7. ضمان وجود برامج تعليمية وتدريب على الحد من مخاطر الكوارث في المدارس والمجتمعات.
  8. حماية النظم البيئية والحواجز الطبيعية للتخفيف من الفيضانات والعواصف والمخاطر الأخرى التي قد تكون المدينة معرضة لها.
  9. تثبيت أنظمة الإنذار المبكر وإجراء تدريبات عامة على التأهب.
  10. بعد أي كارثة، ضرورة التأكد من القدرة على سدّ احتياجات الناجين مع تقديم الدعم لهم، بما في ذلك إعادة بناء المنازل.

مدن عربية شملتها الدراسة

وركّزت الدراسة خلال عملية البحث، على تحليل قدرة 13 مدينة عربية على مواجهة الكوارث، وهي: بعلبك وعيناتا وبيروت والشوف والمتن في لبنان، الجرش والعقبة والبتراء في الأردن، مرناق وعين دراهم والحضرة في تونس، دبي في الإمارات، الإسماعيلية في مصر.

قسّمت الدراسة هذه المدن إلى 3 مجموعات وفق القدرة على مواجهة الكوارث. الأولى هي الأكثر استعدادًا وضمّت: الإسماعيلية والبتراء ودبي. 

أما المجموعة الثانية وهي الأقل استعدادًا فتشمل العقبة وعين دراهم والحضرة. وتعدّ المجموعة الثالثة الأضعف من ناحية الاستعدادات، وتشمل بعلبك، عيناتا، الجرش، المتن، بيروت، الشوف، ومرناق.

وخلصت الدراسة إلى نتيجة مفادُها أن الحكومات العربية في المنطقة العربية حاولت الإجابة على الأولويات الخمس المطروحة في خطة الأمم المتحدة، إلا أن ضعف القدرة على الإدارة والتنفيذ حالت دون نجاحها.

في معظم الحالات، وفق الدراسة، عملت السلطات المركزية والبلديات على بعض الترتيبات المؤسسية من خلال اللوائح القانونية وتعزيز الوعي، إلا أنها فشلت في الفهم العميق لمعنى الكوارث الطبيعية التي تشمل الأوبئة والتغير المناخي وغيرها من الأزمات.

وتُضاف إلى ذلك، حسب البحث، مجموعة من العوائق تحول دون تنفيذ الخطط، وتتمثل بمصادر التمويل، حيث وصفت الدراسة الذهنية العربية بالتعامل مع الكوارث الطبيعية بـ"القدرية"، ما يُعيق عمليات استشراف الأزمات.