بعد رحلة شاقة للوصول إلى ضفاف جنوب المتوسط.. مهاجرون يعودون على أعقابهم إلى جحيم صحراء النيجر

منذ 1 سنة 129

كل أسبوع، ينتهي المطاف بمئات المهاجرين الذين تطردهم الجزائر إلى أساماكا، أول قرية على حدود النيجر، يصلون إليها بعد مسير أيام في الصحراء، وفي هذه القرية الصغيرة النائية، بلغ عدد هؤلاء المهاجرين القادمين من مالي وغينيا وسوريا وبنغلادش وساحل العاج وغيرها أكثر من 4500 مهاجر.

بعد أن قطعوا 15 كيلومتراً سيراً على الأقدام، يعيش هؤلاء اختباراً جديداً، فمركز العبور الذي تديره منظمة الهجرة الدولية، لم يعد يقدر على استيعاب سوى ثلث المطرودين.

وقال عبد الكريم بامبارا الذي جاء من ساحل العاج، غاضباً: "عندما وصلنا إلى هنا قيل لنا إنه لم يتم الاعتراف بنا كمهاجرين من قبل منظمة الهجرة الدولية، وبالتالي لا حل سوى دفع تكاليف ترحيلنا إلى بلداننا".

خزانات المياه فارغة ووجبات الطعام غير كافية والملاجئ نادرة في أسامكا، بينما تصل درجة الحرارة أحياناً إلى 48 درجة مئوية خلال النهار. ويصطف آلاف الأشخاص أمام الجدران أو تحت أقمشة بحثاً عن الظل. 

وبعد تجريدهم من كل ممتلكاتهم في الجزائر، على حد قولهم، لم يعد ممكنا لهؤلاء الاتصال بأقاربهم أو دفع تكاليف رحلة العودة، وأصبحت حياتنهم رهينة بقائهم في هذا السجن الرملي إلى أجل غير مسمى.

"أصبحنا قطيع ماشية"

بعض المهاجرين أطباء وبعضهم طلاب أو تجار، لكن حول جدران الأسلاك الشائكة في المركز تختقي كل الفروقات، ويجمع بينهم اليأس والجروح الملتهبة والمعاناة من الجوع والمرض، ويقول هيرمان المهاجر من ساحل العاج: "أصبحنا قطيع ماشية!"، ويقاطعه آخر قائلاً: "هل رأيت ذلك؟" مشيراً إلى حفنة من الأرز اللزج الذي يغطيه الذباب، ويتساءل: "هل يمكنك أن تأكل ذلك؟ نحن نمرض بسببه!".

المشاجرات هنا لا تتوقف، وقبل أيام قليلة، أثار مقتل مهاجر كاميروني أعمال شغب، وتم تفريق المهاجرين بالغاز المسيل للدموع. كما تعرّض مركز العبور التابع للمنظمة نفسها لهجوم ونهب من قبل متظاهرين. 

وقال أبو بكر شريف سيسي القادم من سيراليون: "نحن جميعاً مصدومون. لم يعد الناس يستطيعون التحكم بأنفسهم واحتمال الوضع هذا الوضع، لا يوجد شيء هنا! الناس يموتون!".

ويؤكد محمد مامبو ممثل السيراليونيين عند معبر أرليت: "لو كان هناك ما يكفي من الطعام لما تقاتل الناس بهذا الشكل، لكن لا يوجد طعام فماذا يمكنهم أن يفعلوا؟ إنهم يصارعون للبقاء على قيد الحياة".

أما سكان أساماكا البالغ عددهم نحو 1500 نسمة، فهم غارقون وسط هذا الحشد الذي لا يمكن السيطرة عليه. وقال فرنسوا إبراهيم ممثل المنظمة غير الحكومية المحلية "الارم فون ساهارا التي تقدم إسعافات أولية للمهاجرين في الصحراء إن المهاجرين: "موجودون في كل مكان في القرية، باتجاه المركز الصحي وتحت الأسوار". وأضاف القول: "إن المهاجرين يسرقون حيوانات السكان لذبحها. ليس لأنهم لصوص ولكن عندما تكون البطون فارغة ...".

الاتحاد الأوروبي مسؤول

تواصل ارتفاع عدد المهاجرين المرفوضين على أبواب النيجر منذ بداية العام. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إنه "وضع غير مسبوق". ومن الحدود الجزائرية إلى أغاديز عاصمة المنطقة الواقعة على بعد 350 كيلومتراً، تعاني جميع مراكز العبور من الازدحام. أما الطرق المؤدية إلى الجنوب فتواجه خطر الجماعات الجهادية مما يدفع إلى استئجار رحلات طيران مكلفة لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.

ويوضح عثمان أتير مدير مركز عبور أرليت في المنظمة الدولية قائلا: "غالباً ما يتم إلغاء الرحلات الجوية، مع ذلك تجري عمليات ترحيل كل أسبوع". وتقع منطقة أغاديز في شمال النيجر. وقال رئيس بلدية أرليت عبد الرحمن مولي: "إن "محور أساماكا -أرليت هو الأكثر أمانًا ولهذا السبب تسير كل مجموعات المهاجرين في هذا الاتجاه".

وتؤدي أزمات أمنية وإنسانية أخرى إلى حشد المساعدات في أماكن أخرى. وتُعتبر الجهة المانحة الرئيسية لمنظمة الهجرة الدولية في المنطقة هي الاتحاد الأوروبي الذي يمول معظم الرحلات الجوية، التي تعيد المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.

وقالت المنظمة غير الحكومية المحلية إن المنظمة الدولية "تلعب دورا رئيسياً في سياسة دول الاتحاد الأوروبي، بنقل الحدود إلى الأراضي الأفريقية"، وذلك حرصاً على إبعاد ضغوط الهجرة عن القارة الأوروبية.