دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثار تشكيل المجلس الاستشاري الاقتصادي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، جدلًا بعدما ضم في عضويته يوسف بطرس غالي، وزير المالية في آخر حكومات الرئيس الأسبق حسني مبارك.
غادر غالي البلاد بعد "ثورة يناير 2011"، ولاحقته اتهامات في قضايا فساد عدة، قبل تبرئته منها جميعها على مدار السنوات الماضية. في وقت رحب مجتمع الأعمال بعودة "غالي" لعضوية المجلس الاستشاري، متمنين أن يساهم في وضع مقترحات لتشجيع جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قرارًا حمل رقم 222 لسنة 2024، بإعادة تشكيل المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية، الذي ضم في عضويته 9 أعضاء، ما بين اثنين وزراء مالية سابقين، وهما يوسف بطرس غالي، وهاني قدري دميان.
إلى جانب رجال أعمال ومديري كبرى الشركات الاقتصادية في مصر، وهم محمد زكي السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، وأحمد الوصيف، رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، وكريم عوض، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة إي أف جي القابضة، وأشرف صبري، رئيس مجلس إدارة شركة فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية وعدد من أساتذة الجامعات، وفق ما نقلته وسائل الإعلام.
ومجلس التنمية الاقتصادية هو واحد من أربعة مجالس تخصصية، شكلها الرئيس السيسي بعد عام من توليه الرئاسة. ويتولى هذا المجلس - وفق قرار التأسيس المنشور بالجريدة الرسمية - عدة مهام، أبرزها دراسة واقتراح السياسات الاقتصادية والإنتاجية العامة للبلاد في كافة المجالات، ووضع الخطط العلمية التي تستهدف زيادة الإنتاج وتعظيم الاقتصاد القومي، وبحث سبل القضاء على المعوقات المؤثرة على عملية النمو الاقتصادي، وتقديم الدراسات عن الأسواق الخارجية وإمكانيات التوسع في تصدير المنتجات المصرية لها.
وأثير الجدل حول يوسف بطرس غالي من بين الأعضاء التسعة بالمجلس الاستشاري للتنمية الاقتصادية، نظرًا لتاريخه خلال فترة توليه حقيبة المالية بحكومة أحمد نظيف منذ عام 2004 حتى رحليها بعد ثورة يناير 2011، وخلال هذه الفترة اتخذ عدة قرارات جدلية، أبرزها استثمار جزء من أموال صندوق التأمينات والمعاشات في البورصة المصرية وسد عجز الموازنة، وإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، وبعد اندلاع الثورة تقدمت ضده العديد من البلاغات، وتم التحقيق فيها لسنوات حتى صدرت المحاكم المصرية، أحكامًا نهائية ببراءته آخرها في يوليو/تموز من العام الماضي في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"فساد الجمارك"، وقبلها في قضية "اللوحات المعدنية".
بعد ثورة يناير/كانون الثاني، غادر "غالي" للخارج، وعمل في مؤسسات اقتصادية عدة، ونقلت وسائل إعلامية وصحفية تصريحات منسوبة إليه أكد فيها عزمه العودة للبلاد بعد الحصول على أحكام براءة في التهم الموجهة إليه.
وفي أول تعليق على قرار ضمه للمجلس الاستشاري للرئيس السيسي، كتب رجل الأعمال نجيب ساويرس في حسابه عبر منصة إكس: "قرار صائب، يوسف ضليع في الاقتصاد، ونحن في أزمة، وممكن يساعد جدًا". ورد أحد متابعيه الذي كتب "يسرق تاني قصدك يا هندسة"، وحينها قال نجيب: "عمره ما سرق افتراء وكذب، وبرأه القضاء المصري بعد سنين من المعاناة".
ويرى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، علي عيسى، أن وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي من أهم الشخصيات الاقتصادية في مصر خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، ولديه خبرات ضخمة محلية ودولية كونها من عمله في عدة وزارات وبمؤسسات اقتصادية كبرى خارج البلاد، مشيرًا لأبرز ما حققه سواء خلال فترة توليه وزارة التجارة الخارجية، ونجاحه في مضاعفة الصادرات المصرية، أو خلال فترة توليه وزارة المالية ونجاحه في قيادة المجموعة الاقتصادية للحكومة وقتها في تحقيق طفرة اقتصادية ومعدل نمو اقتصادي مرتفع خلال وقت قياسي.
وعمل يوسف بطرس غالي كوزير في حكومات مبارك المتعاقبة لمدة 18 عامًا، إذ شغل منصب وزير الدولة للتعاون الدولي وشئون مجلس الوزراء خلال الفترة من أبريل/نيسان 1998 وحتى ديسمبر/كانون الأول 1995، وبعدها تولى منصب وزير الاقتصاد لمدة عامين، ثم وزيرًا للتجارة الخارجية لمدة 3 أعوام، حتى أسندت إليه حقيبة المالية منذ يوليو/تموز 2004 وحتى إقالة الحكومة بعد "ثورة يناير".
وأضاف عيسى، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية: "نأمل أن يساهم يوسف بطرس غالي مع أعضاء المجلس الاستشاري للتنمية الاقتصادية في إعادة الاقتصاد المصري لمساره الصحيح، واقتراح ووضع سياسات جديدة من شأنها تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة"، مؤكدًا ضرورة أن يولي المجلس أولوية لملفات جذب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين مناخ الاستثمار عبر تبسيط وتسهيل الإجراءات للأنشطة الإنتاجية لمضاعفة الناتج القومي للبلاد".
من جانبه، أشاد رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، وعضو المجلس الأعلى للاستثمار، محرم هلال، باختيار يوسف بطرس غالي لعضوية تشكيل المجلس الاستشاري للتنمية الاقتصادية، مضيفًا أن عودة "غالي" مرة ثانية للمشاركة في صناعة القرار الاقتصادي في مصر كان أحد أهم المطالب لمجتمع الأعمال؛ بسبب خبراته المتميزة داخليًا وخارجيًا في الإصلاحات الاقتصادية، مستشهدًا بتجربته في إصلاح الاقتصاد التركي خلال فترة عمله بإحدى المؤسسات الدولية.
وأشار هلال، في تصريحات لـCNN بالعربية، إلى دور يوسف بطرس غالي بالتعاون مع زملائه بالمجموعة الاقتصادية، من بينهم رشيد محمد رشيد ومحمود محي الدين في تحقيق البلاد أعلى معدل نمو اقتصادي قبل عام 2011، مما يستوجب الاستعانة بهذه الخبرات الاقتصادية في إصلاح الوضع الاقتصادي الحالي، خاصة أن "غالي" يملك شبكة علاقات ضخمة بالمؤسسات الاقتصادية الكبرى في الخارج مما يسهم في وضع الأسس لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حسب قوله.
وقال هلال إن اختيار يوسف بطرس غالي لعضوية المجلس الاستشاري للتنمية الاقتصادية، قُوبل بشكل إيجابي لدى مجتمع الأعمال، الذي يأمل أن يسهم في وضع برنامج إصلاح للاقتصاد المصري حتى عام 2030، يتضمن قرارات وأهداف محددة لزيادة معدلات النمو وتوفير المزيد من فرص العمل، وتشجيع القطاعات الإنتاجية.