بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس "هيئة الاتصالات" الأردنية يتحدث لـCNN

منذ 7 أشهر 68

عمّان، الأردن  (CNN)-- أكد رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأردنية، المهندس بسام السرحان، إن "حالة التشويش التي رصدت مؤخرا على ترددات نظام تحديد المواقع الجغرافية العالمي GPS  في الأردن، مصدرها  دولة حدودية مجاورة"، نتيجة "حالة وضع  الحرب الراهنة في الإقليم"، منوها إلى أن التشويش ازداد منذ السابع من أكتوبر الماضي، واتخذ "مستويات أكثر قوّة" في الآونة الأخيرة.

وبيّن السرحان في تصريحات لموقع CNN بالعربية، مساء الخميس، بأن هناك "ترددات لبعض الأقمار الصناعية تعرضت للتشويش نتيجة الوضع الأمني الراهن في المنطقة" مع إطلاق المسيّرات لأغراض عسكرية في أجواء المنطقة، وقال: "يمكن الحديث اليوم عن منحنين في مشكلة التشويش على الأردن، المشكلة الأولى تم رصدها من عمق إحدى الدول المجاورة منذ نحو عام أو عام ونصف، والتشويش الثاني الذي تزامن مع الحرب على غزة، وقد ازدادت قوته في الآونة الأخيرة بحسب المتغيّرات الأحدث لمساء الخميس وبطرق مختلفة من دولة مجاورة أيضا، وتم رصد ذلك في عدة مناطق أهمها المناطق الغربية من المملكة".

وبشأن مخاطبة الأردن الرسمي للدولة المجاورة مصدر التشويش مؤخرا، أكد السرحان، بأن المخاطبات "تمت عبر القنوات الرسمية"، فيما أردف قائلا: "الوضع الذي تمر به المنطقة من حيث التشويش والمسيرّات حالة غير مسبوقة ونحن نتعامل مع وضع جديد بالكامل".

كما نوه السرحان إلى أن أنظمة الملاحة الجوية والبحرية لم تتأثر بعملية التشويش، نظرا لاختلاف الأنظمة المعمول بها من جهة، وتوفر أنظمة بديلة لها من جهة أخرى.

ونقلت إذاعة الجامعة الأردنية، صباح الخميس، تصريحات لمدير مديرية إدارة الطيف الترددي في هيئة الاتصالات، نضال سمارة، قال فيها إن مصدر "التشويش" الذي تتأثر به المملكة بشدة مؤخرا مصدره "دولة الاحتلال"، مبينا أن ما تم رصده من تشويش يستهدف دول منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط"، ومن أبرزها "الأردن وسوريا ولبنان ومصر إضافة إلى قبرص".

وقال سمارة في تصريحاته: "الهدف من التشويش هو الحد من التطبيقات التي تستخدم نظام GPS، لتحديد المسارات أو الأهداف وهنا التطبيقات التي تتعلق بالطائرات المسيّرة والأهداف العسكرية".

وخلال الأيام الماضية اشتكى أردنيون من تعطّل عمل نظام الـGPS لتحديد المواقع،  وإظهار مواقع جغرافية في دول مثل لبنان ومصر بدلا من مناطق المملكة، فيما أشارت مصادرة متعددة إلى أن تأثيرات التعطّل ظهرت للسكان، في مناطق شمال الأردن وغربه بشكل أكبر.

وأرجع خبراء في الأمن السيبراني، حدوث بعض أزمات المرور خلال الأشهر الأخيرة، بسبب التشويش، عدا عن رصد عدة "أضرار نتيجة زيادة قوة التشويش".

وقال رئيس لجنة الأمن السيبراني في نقابة المهندسين الأردنيين، مجدي القبالين، إن "أضرار التشويش" انسحبت على "سوق الإعلانات والدعايات التجارية عبر مواقع التواصل الاجتماعي" في المملكة، التي "أصبح بعضها يعرض إعلانات موجهّة لأسواق دول مجاورة منها مصر أو لبنان، بدلا من الأردن".

ونوّه القبالين لموقع CNN بالعربية بالقول، إلى أن ما يستخدمه "الكيان الإسرائيلي" هو "الخداع أو الانتحال SPOOFING " وهو "أخطر من التشويش"، مبينا أن ذروته بلغت حتى الآن  ليل السبت الرابع عشر من شهر نيسان الحالي، في الهجوم الإيراني العسكري على إسرائيل، الذي وصفه القبالين "بالمسرحية الإيرانية".

وأضاف القبالين بالقول: "ما يفعله الكيان الاسرائيلي يعد أكثر خطورة من مجرد التشويش على أنظمة الملاحة العالمية GNSS مثل GPS فهو في الواقع ينتحل هوية الإشارات بطريقة تسمى "Spoofing Meaconer". ما يعني أن استقبال رسالة حسب معايير الالكترونيات الملاحية العالمية لدى National Marine Electronics Association أو (NMEA)، سيتضح أن درجة نقائها 100%، لكن الموقع سيتم تحويله إلى مواقع مدنية وعسكرية في دول مجاورة".

وأضاف: "على سبيل المثال، إذا كنت في شمال الأردن، ستلاحظ أن الموقع الجغرافي يظهر في لبنان، لكن ليس بشكل عشوائي، بل لمواقع عسكرية في لبنان أو نقاط في جنوب لبنان لصالح جماعة حزب الله. وإذا كنت في العقبة، فسيظهر لك الموقع كمواقع عسكرية في مصر أو سكنات عسكرية. وهذا يعني توجيه وخداع أنظمة التوجيه للصواريخ أو الطائرات المسيرة لهذه المواقع بدلاً من الأهداف الحقيقية، ولهذا سقطت صواريخ مرسلة فعلياً من العراق على لبنان وأخرى في سيناء المصرية. يتم ذلك باستخدام أجهزة أرضية وأقمار صناعية، ويسبب ذلك أضرارًا كبيرة في الأردن ويحمل مخاطر كبيرة. حالياً، الخداع في أعلى مستوياته منذ بداية الحرب. ما يجري هو مثال عملي على الحرب السيبرانية الحقيقية!".

ورأى القبالين بأن "استمرار عمليات التشويش والانتحال أو الخداع"، من شأنها "تتسبب بخسائر بملايين الدنانير محليا على عديد من الشركات والقطاعات التجارية".

وأردف بالقول: "باعتقادي أن هناك مخاطر أيضا طويلة الأمد، على خرائط الملاحة الجغرافية نتيجة هذا التشويش، بسبب ضخ حجم هائل من المعلومات المزيفة للمواقع الجغرافية، وهذا بحسب رأيي سيتطلب أشهرا لضبطه".

ونوه القبالين، إلى أن ازدحامات مرورية رصدت في شهر مارس المنصرم، وفقا لبيانات تم جمعها من GOOGLE traffic ، ومعلومات حول التشويش على نظام المواقع الجغرافية، أظهر أن التشويش الصادر من "الكيان الاسرائيلي" على إشارات أنظمة GPS ، أظهرت بأنها "عامل أساسي في الازدحامات"، مضيفا: "كانت استخدامات تطبيق تحديد المواقع الجغرافية تظهر للمركبات مسارات محددة للخروج إلى الشوارع الرئيسية بدلا من استخدام الطرق الفرعية، خاصة للزوار القادمين إلى عمّان من خارج المحافظات الذين لا يعرفون الطرقات ويستخدمون هذه التطبيقات".

أما خبير الاتصالات وتقنية المعلومات وصفي الصفدي، فيشير في حديث لموقع CNN بالعربية، إلى أن هناك 5 أنظمة ملاحة عالمية عاملة عبر الأقمار الصناعية من أبرزها نظام تحديد المواقع الجغرافية GPS الأمريكي، والنظام العالمي للملاحة عبر الأقمار الصناعية (GLONASS) التابع لروسيا، والنظام الإقليمي الهندي للملاحة عبر الأقمار الصناعية (IRNSS)، ونظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية بيدو (BDS) التابع للصين، ونظام ( Galileo ) غاليليو التابع للاتحاد الأوروبي.

وعن عملية التشويش الحالية من النواحي التقنية، قال الصفدي: "تُستخدم هنا أجهزة تشويش، قادرة على تعطيل أطياف التردد الخاصة بأنظمة الملاحة العالمية، وبالتالي إعطاء معلومات غير دقيقة للمستخدم. مثل تلك الأجهزة غير مصرح بها إلا من قبل السلطات أو الجهات الامنية داخل الدولة، لأنها تمس السلامة وأمن الدولة وأي استخدام غير مصرح لغير تلك الجهات يدخل ضمن الاستخدام غير القانوني ويعاقب عليه القانون حسب لوائح الدولة."

وتابع الصفدي، تعليقا على حق الأردن بالشكوى على أي مصدر تشويش موجه لأنظمتها، إن بإمكان المملكة اللجوء إلى "الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، وهي المنظمة الدولية الرئيسية التي تشرف على تكنولوجيات الاتصالات، بما في ذلك استخدام الطيف الراديوي"، وأنه "يمكن لأي بلد أن يقدم شكوى إلى الاتحاد الدولي للاتصالات إذا كان لديه دليل على أن التشويش الذي تقوم به دولة أخرى يعطل الاستخدام المشروع لنظام تحديد المواقع العالمي GPS  وينتهك الاتفاقيات الدولية".