نشرت في 24/08/2023 - 08:06•آخر تحديث 08:06
سمح النزاع في أوكرانيا لقائد مجموعة فاغنر المسلحة يفغيني بريغوجين بفرض نفسه لاعباً أساسياً في روسيا، لكن مع التمرّد الذي قاده ضد القيادة العسكرية في أوخر حزيران/يونيو، تجاوز هذا الرجل المتهور الذي يصعب التنبؤ بتحركاته، نقطة اللاعودة.
قال مسؤولون روس إن زعيم مجموعة فاغنر شبه العسكرية الذي حقق القسط الأكبر من انتصارات روسيا المحدودة في أوكرانيا منذ 2022، قتل في حادث تحطّم طائرة خاصة يوم أمس الأربعاء.
وكان بريغوجين ابتعد عن الأضواء منذ قاد تمرّداً مسلّحاً ضدّ وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف، أدّى إلى مقتل عدّة عسكريين روس.
ففي حزيران/يونيو الماضي، اتهم الملياردير الحليق الرأس الجيش الروسي بقصف معسكرات مجموعة فاغنر بطلب من شويغو وأقسم أن "يوقفه" بالقوة.
ولكن الأمور سلكت طريقاً لا يبدو أنه صبّ في مصلحته.
"فقد عقله"
تقول تاتيانا ستانوفايا مؤسسة موقع R.Politiks الإخباري المستقل إن بريغوجين لم يكن خائناً كلاسيكياً بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل "فقد عقله" وتضيف أن ما واجهه الرجل "رسالة لآخرين".
وكان قائد فاغنر قال بعد التمرّد أن لديه "25 ألف" مقاتل يتبعون أوامره وقد دعا الجيش والمواطنين الروس إلى الانضمام إليه نافياً أن يكون قد أقدم على "انقلاب عسكري".
رداً على ذلك، باشرت الأجهزة الأمنية الروسية النافذة جداً تحقيقاً في حقه بتهمة "الدعوة إلى تمرد مسلح" وهي تهمة خطرة يمكن أن تدخله السجن لفترة طويلة. لكن ما من شيء مضمون عندما يتعلق الأمر ببريغوجين المتمرس في فن الاستفزاز وتغيير المواقف.
سيد الاستفزاز
بدا أن النزاع في أوكرانيا وفر فرصة من ذهب لرجل الأعمال للخروج إلى دائرة الضوء بعدما عمل لسنوات في الظل، ليفرض نفسه لاعباً أساسياً في روسيا.
في أيار/مايو 2023 بعد معارك شرسة ودامية، وصل بريغوجين إلى القمة بإعلانه سيطرة فاغنر على باخموت في شرق أوكرانيا محتفياً بانتصار نادر للقوات الروسية على أرض المعركة.
كان باب الكرملين مفتوحاً له إلى حدّ ما والتقى بالرئيس الروسي أكثر من مرة، حتى بعد التمرّد.
لكن خلال معركة باخموا أيضاً تفاقم التوتر مع هيئة أركان الجيش الروسي. فبريغوجين اتهم الهيئة بحرمان فاغنر من الذخائر وأكثر من اللقطات المصورة التي يشتم فيها القادة العسكريين الروس.
وهذا أمر لا يمكن تصوره من أي شخص آخر في روسيا التي تشهد قمعاً شاملاً.
بدأ بريغوجين يظهر إلى دائرة الضوء في أيلول/سبتمبر الماضي بالتزامن مع تكبد الجيش الروسي هزيمة تلو الأخرى في أوكرانيا ما شكل انتكاسة لقارعي طبول الحرب على غراره.
وأكد يومها للمرة الأولى علناً أنه أسس في 2014 مجموعة فاغنر المسلحة الناشطة في أوكرانيا وسوريا وإفريقيا كذلك. وفرض نفسه قائداً أساسياً.
وشدد على أن هؤلاء "الشباب، هؤلاء الأبطال دافعوا عن الشعب السوري وشعوب دول عربية أخرى وعن الفقراء الأفارقة والأميركيين اللاتينيين وأصبحوا إحدى ركائز وطننا".
في تشرين الأول/أكتوبر ذهب أبعد من ذلك عندما دشن بحفاوة مقر "شركة فاغنر العسكرية الخاصة" في مبنى زجاجي في مدينة سان بطرسبرغ في شمال غرب روسيا.
ونشر بريغوجين سيد الاستفزاز في شباط/فبراير مقطعاً مصوراً يظهره في طائرة حربية يقترح على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تقرير مصير باخموت خلال منازلة جوية.
ملياردير
لكي يبني جيشاً على قدر طموحاته، راح بريغوجين المولود كما بوتين في سان بطرسبرغ، يجند آلاف السجناء ليقاتلوا في أوكرانيا في مقابل العفو عنهم.
ويعرف يفغيني بريغوجين أوساط السجون جيداً، فقد أمضى تسع سنوات في السجن في الحقبة السوفياتية لارتكابه جرائم. لقد خرج من السجن العام 1990 عندما كان الاتحاد السوفياتي على شفير الانهيار وأسس شركة ناجحة لبيع النقانق.
وأرتقى السلم بعد ذلك وصولاً إلى فتح مطعم فخم أصبح من أهم مطاعم سان بطرسبرغ، حين كان نجم بوتين يصعد.
بعد وصول فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة في العام 2000 راحت مجموعة بريغوجين توفر خدمات طعام للكرملين فلقب بـ"طاهي بوتين" وقيل إنه حقق المليارات بفضل عقود عامة.
ويبدو أنه استخدم هذه الأموال لتأسيس فاغنر وهو جيش خاص ضم في صفوفه أولا مقاتلين قدامى أصحاب خبرة من الجيش وأجهزة الاستخبارات الروسية.
في 2018، في حين كانت هذه المجموعة قد لفتت الانظار في أوكرانيا وسوريا وليبيا، بدأت تسري معلومات عن انتشارها في إفريقيا أيضاً.
وقد قتل ثلاثة صحافيين روس كانوا يجرون تحقيقاً حول هذه المجموعة في جمهورية إفريقيا الوسطى.