أعمال الشغب المتصاعدة من قبل اليمين المتطرف تدفع بالوضع الأمني إلى مزيد من السوء في بريطانيا. فالشرطة التي تستعد لأيام صعبة من العنف و"البلطجة"، أكدت أن الجماعات المتطرفة تخطط لاستهداف ما يصل إلى 30 موقعًا في المملكة المتحدة يوم الأربعاء.
على مدى الأسبوع الماضي، فجّر المتطرفون الذين يرددون شعارات معادية للمهاجرين والجالية المسلمة والفنادق التي تأوي طالبي اللجوء عنصريتهم، مشعلين النار في كل مكان يسيرون نحوه. وبحسب الشرطة فقد تم اكتشاف ما يزيد عن 100 مخطط لأعمال الشغب، فيما أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي دعوات من بلطجية اليمين المتطرف لمهاجمة بعض مكاتب المحامين المتخصصة في الهجرة، مع توصية "الحضور" بارتداء الأقنعة.
كيف ستتعامل الشرطة مع الوضع "السيء"؟
الشرطة التي وصفت الوضع بـ"السيء" أكدت كذلك أنها على جهوزية تامة للتعامل مع أعمال الشغب، إذ قامت بنشر حوالي 6,000 ضابط مدربين خصيصًا للتعامل مع الفوضى في جميع أنحاء المملكة المتحدة. وأفادت شرطة العاصمة لندن بأنها ستفعل كل ما في وسعها لحماية العاصمة. وقد عقد رئيس الوزراء كير ستارمر اجتماعًا ثانيًا للجنة الاستجابة الطارئة "COBRA" يوم الثلاثاء لتنسيق الاستجابة للأزمة، التي وصفها بـ"البلطجة اليمينية المتطرفة". فيما طلب رئيس مجلس العموم ليندسي هويل من أعضاء البرلمان ضرورة توخي الحذر والعمل عن بعد حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية.
من جهته، عبّر نائب مساعد المفوض في شرطة العاصمة، آندي فالنتين، عن أن الشرطة "على علم بالأحداث التي تخطط لها الجماعات الحاقدة"، وأضاف: "لقد أوضحوا نيتهم في إحداث اضطراب وانقسام... لن نتسامح مع ذلك في شوارعنا."
وقد ألقت العناصر الأمنية القبض على أكثر من 400 شخص في جميع أنحاء البلاد، منهم أربعة رجال ومراهقان، متهمون بالتخريب في "بليموث" ليلة الاثنين، وسيمثلون أمام المحكمة اليوم. كما تعهدت الحكومة بمحاكمة وسجن المسؤولين عن الفوضى، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير جديدة لحماية المساجد.
هل تكفي التدابير الأمنية؟
رغم سلسلة الاعتقالات التي نفذتها السلطات، إلا أن البعض اعتبر أن أدائها لن يتسم بفعالية طويلة في توقع مكان التجمعات، رغم اعتمادها على مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة أساسية لتتبع المخربين. إذ قال نائب مفوض الشرطة السابق في مانشستر إيان ويجيت إن الشرطة قد تكون قادرة في بعض المناطق "على تتبع التجمعات، بينما في مناطق أخرى سيكون الوضع غير فعال وقد لا يوفر معلومات وافية". فيما أبدا وزير المجتمعات، جيم مكماهون تحفظاته عن الأداء، مع إشارته إلى تفهم منابع الفكرة.
أمام خطابات الإسلاموفوبيا: لندن تدعو إلى إظهار المحبة
ضمن هذا السياق، أثار تصريح الوزير البريطاني السابق روبرت جينريك لقناة "سكاي نيوز" الجدل عندما قال أن الأشخاص الذين يصرخون "الله أكبر" يجب أن يتم اعتقالهم. المجلس الإسلامي البريطاني أدان التصريح الذي وجده "صادمًا" بالقول إنها العبارة التي يرددها نحو ملياري مسلم في أنحاء العالم.
من جهته دعا عمدة لندن صادق خان الناس إلى إظهار المحبة أمام موجة الكراهية، حاثا إياهم على العناية بأصدقائهم وجيرانهم في ظل أعمال الشغب العنيفة، مدينًا الفوضى والعنصرية التي شهدتها الشوارع. وقال :"أعلم أن المشاهد الصادمة قد تركت العديد من المسلمين والمجتمعات العرقية الأخرى خائفة، لذا أطلب من زملائي اللندنيين إظهار الرعاية والتعاطف وهو ما يميزكم."
ورغم تضرر السياحة، وتحذير عدة دول مثل أستراليا والإمارات وتايلاند وغيرها الرعايا من التجول في الشوارع البريطانية، والطلب منهم الامتناع عن السفر إلى المملكة المتحدة، تستمر الجهود البريطانية لاستعادة العافية وإعادة ترميم ما خلفه بلطجية اليمين المتطرف. فقد جمع تمويل لمكتبة مجتمع "سبيلو" في ليفربول، التي تعرضت للضرر بعد أن أضرم المشاغبون النار فيها يوم السبت، أكثر من 170,000 جنيه إسترليني. وتم إعداد حملة جمع التبرعات للمساعدة في تعويض الكتب التالفة وغيرها مما يهم السكان المحليين.