في منتصف شهر أيار/ مايو، تجمع سيد عايد وعشرات من الرجال الفلسطينيين العاطلين عن العمل عند سفح الجدار الشاهق من الخرسانة والأسلاك الشائكة الذي يفصل الضفة الغربية المحتلة عن إسرائيل.
أخذ المهرب من كل واحد منهم ما يعادل 100 دولار أمريكي. وكان عايد، الذي لم يجد عملا منذ عام، ينتظر دوره، بينما كان الآخرون يتسلقون. ولم يكن يفصله عن مباشرة العمل في موقع للبناء، سوى عبور الجدار إلى الجانب الإسرائيلي.
يقول عايد: ”عندما تصل إلى النقطة التي ترى فيها أن أطفالك لا يملكون الطعام، ينكسر حاجز الخوف". وبينما كان يتسلق الجدار، انزلق السلم. فسقط عايد على الأرض على جانب الضفة الغربية، وكسرت ساقه، فما كان منه إلا أن عاد إلى منزله.
لقد ترددت أصداء الحرب في غزة في جميع أنحاء الضفة الغربية، مع تحذير البنك الدولي من أن الاقتصاد معرض لخطر الانهيار بسبب القيود الإسرائيلية التي تمنع العمال الفلسطينيين من دخول البلاد للعمل.
وقد ارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير، إذ وصلت إلى 30% بعد أن لم تكن تتجاوز 12% قبل الحرب. وتقول وزارة الاقتصاد الفلسطينية إن نحو 300,000 فلسطيني في الضفة الغربية فقدوا وظائفهم خلال العام الماضي، وكان الكثير منهم يعملون في إسرائيل، بحسب الوزارة. وخلال الربع الأول من عام 2024، انكمش اقتصاد الأراضي بنسبة 25%، وفقًا للبنك الدولي.
وجد العديد من الفلسطينيين أن سبل عيشهم قد دمرت بسبب القيود، وقد باع البعض ممتلكاتهم، بينما ينتشر على جوانب الطرقات في الضفة الغربية عدد من الأطفال من باعة لمناديل الورقية والمياه المعبأة ومعطرات الجو، كما جرب بعض الرجال بيع السندويشات في أكشاك الشوارع. وقد شدد الجيش أيضًا قبضته في الضفة الغربية، حيث أقام شبكة من نقاط التفتيش العسكرية الجديدة التي أعاقت حركة التجارة والعمال.
ويلجأ بعض الفلسطينيين اليائسين من الحصول على عمل إلى دخول الأراضي الإسرائيلية معرضين أنفسهم لمخاطر كبيرة عبر الجدار الخاضع للحراسة الإسرائيلية. فعندما يعثرون عليهم، تقوم قوات الأمن الإسرائيلية باعتقالهم أو إطلاق النار عليهم في بعض الأحيان.
ولا تتوفر أرقام رسمية لدى السلطات الفلسطينية حول عدد العمال الذين قتلوا ولا أولئك الذين أصيبوا بنيران إسرائيلية خلال محاولتهم عبور الجدار. وتحدثت وكالة أسوشيتد برس إلى عائلات ثلاثة فلسطينيين قالوا إن أقاربهم قُتلوا أثناء محاولات التسلل.
ففي 26 أغسطس/آب، تسلل إياد النجار عبر الأسلاك الشائكة بغية العمل لسد تكلفة زفاف ابنه، إلا أن القوات الإسرائيلية رصدته وأطلقت النار عليه وقتلته برصاصة في الرأس، كما يقول أقاربه.
وقال أساف أديف، مدير جمعية ”معا“، وهي جمعية عمالية تركز على حقوق العمال الفلسطينيين: ”هؤلاء الأشخاص الذين يحاولون الذهاب إلى العمل يتعرضون لإطلاق النار".
قبل الحرب، كان حوالي 150,000 فلسطيني من الضفة الغربية يعبرون بشكل قانوني كل يوم إلى إسرائيل للعمل، خاصة في مجالات البناء والتصنيع والزراعة.
بعد السابع من أكتوبر، قررت السلطات الإسرائيلية منع دخول معظم الفلسطينيين إلى إسرائيل، فأصبح عشرات الآلاف عاطلين عن العمل بين عشية وضحاها.