انقسام عالمي حول محاكمة إسرائيل أمام العدل الدولية.. تعرّف على الدول المؤيدة والمعارضة لجنوب أفريقيا

منذ 10 أشهر 110

يظهر رد فعل العالم على القضية التاريخية التي تم الاستماع إليها يومي الخميس والجمعة في محكمة العدل الدولية في لاهاي انقساما عالميا حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القائم منذ 75 عاما

قالت جنوب إفريقيا إن أكثر من 50 دولة أعربت عن دعمها لقضيتها أمام أعلى هيئة قضائية أممية والتي تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في الحرب على غزة.

ورفضت دول أخرى بشدة اتهام إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. فيما لاذت بالصمت دول أخرى كثيرة.

"إسرائيل تدافع عن نفسها"

ولم تعلن أي دولة غربية دعمها لجنوب إفريقيا ضد تل أبيب. وقد رفضتها الولايات المتحدة، وهي حليف وثيق للدولة العبرية، باعتبار أن تلك الاتهامات لا أساس لها من الصحة، ووصفتها بريطانيا بأنها غير مبررة، وقالت ألمانيا إنها "ترفضها صراحة".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد صرح خلال زيارة لإسرائيل قبل يوم من بدء إجراءات المحكمة بقوله إن مزاعم جنوب إفريقيا "لا أساس لها" وأن القضية "تشتت انتباه العالم" عن الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للصراع.

وقال الوزير الأمريكي إن قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل "مزعجة بشكل خاص" بالنظر إلى أن حماس وجماعات أخرى "تواصل الدعوة علنا إلى إبادة إسرائيل والقتل الجماعي لليهود".

بدوره، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، إن الإبادة الجماعية "ليست كلمة يجب الاستخفاف بها، ونحن بالتأكيد لا نعتقد أنها تنطبق هنا".

أما وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، فقد علق على القضية قائلا: "نحن لا نتفق مع ما تفعله جنوب إفريقيا".

الكاب كانت أدانت هجوم حماس في 7 أكتوبر، لكنها تقول إنه لا يبرر رد إسرائيل.

وأعلنت برلين عن دعمها لتل أبيب يوم الجمعة، وهو اليوم الذي اختتمت فيه جلسات الاستماع، وهو دعم يكتسي أهمية رمزية بالنظر إلى تاريخ ألمانيا النازية ومسؤوليتها عن المحرقة، عندما قتل نظام هتلر 6 ملايين يهودي في أوروبا. قامت بعدها دولة إسرائيل إثر الحرب العالمية الثانية كملاذ لليهود في ظل تلك الفظائع.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت: "إسرائيل تدافع عن نفسها"، كما استحضر بيانه جريمة الهولوكوست، الذي حفز إلى حد كبير على إنشاء اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية في عام 1948.

وأضاف هيبستريت "في ضوء تاريخ ألمانيا.. تعتبر الحكومة الاتحادية نفسها ملتزمة بشكل خاص باتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية". ووصف المزاعم ضد إسرائيل بأنها "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق". وذهبت برلين أبعد من ذلك حين قالت إنها تعتزم التدخل في القضية نيابة عن إسرائيل.

واكتفى الاتحاد الأوروبي بالقول إن للدول الحق في رفع قضايا إلى محكمة الأمم المتحدة. فيما امتنعت معظم الدول الأعضاء في التكتل عن اتخاذ موقف.

الدول المؤيدة لقضية جنوب أفريقيا

وكانت تركيا، التي تسعى منذ عقود إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، هي الصوت الوحيد في المنطقة الذي دعم موقف جنوب إفريقيا وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن بلاده قدمت وثائق تستخدم ضد إسرائيل في القضية.

وقال: "مع هذه الوثائق، ستتم إدانة إسرائيل".

وكانت منظمة التعاون الإسلامي التي مقرها جدة بالسعودية، من أوائل التكتلات التي دعمت القضية علنا عندما رفعتها جنوب إفريقيا أواخر الشهر الماضي. وقالت إن هناك "إبادة جماعية ترتكبها القوات الإسرائيلية" واتهمت إسرائيل "بالاستهداف العشوائي" للسكان المدنيين في غزة.

وتتكون منظمة التعاون الإسلامي من 57 دولة تشمل: إيران والعراق والسعودية وقطر ومصر. كما دعمت القضية جامعةُ الدول العربية التي تعد جميع دولها الأعضاء البالغ عددها 22 دولة تقريبا جزءا من منظمة التعاون الإسلامي.

ومن خارج إطار الدول العربية، حصلت جنوب إفريقيا على بعض الدعم، إذ اتفقت ناميبيا وباكستان على تأييد القضية أثناء جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أعربت ماليزيا أيضا عن تأييدها وأعلنت بنغلاديش تأييدها لدعوى مقاضاة إسرائيل بتهم إبادة جماعية في غزة.

وقال الرئيس الناميبي هاغي جينجوب في صحيفة "ذا ناميبيا": "لا يمكن لأي إنسان محب للسلام أن يتجاهل المذبحة التي تُرتكب ضد الفلسطينيين في غزة".

وطالبت الخارجية الماليزية "بالمساءلة القانونية عن الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في غزة".

لا تعليق لروسيا والصين

وظلت الصين وروسيا، التي تواجه أيضا مزاعم الإبادة الجماعية في المحكمة الدولية، والقوة الناشئة للهند صامتة إلى حد كبير، إدراكا منها أن اتخاذ موقف في مثل هذه القضية الحساسة ليس له جانب إيجابي كبير.

الهند كانت تاريخيا داعمة للقضية الفلسطيني، لكن رئيس الوزراء القومي ناريندرا مودي كان من أوائل قادة العالم الذين أعربوا عن تضامنهم مع إسرائيل ووصفوا هجوم حماس بالإرهاب.

وقف اطلاق النار في قطاع غزة

وأعربت حفنة من دول أميركا الجنوبية عن رأيها صراحة. فالبرازيل أكبر اقتصاد في القارة، قالت وزارة خارجيتها إن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أيد قضية جنوب أفريقيا. ومع ذلك، لم تتهم الوزارة إسرائيل مباشرة بالإبادة الجماعية، لكنها ركزت على الحاجة إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وقضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل ذات شقين: فهي تريد من المحكمة أن تقول إن تل أبيب ترتكب إبادة جماعية وأن تصدر حكما مؤقتا يأمر بإنهاء حملتها العسكرية في غزة.

وقالت الحيئة القضائية الأممية إنها ستقرر حكما مؤقتا قريبا، لكن ما يعكس خطورة القضية أن الأمر قد يستغرق سنوات لإصدار حكم نهائي بشأن تهمة الإبادة الجماعية.

وأشارت البرازيل إلى أنها تأمل في أن تدفع القضية إسرائيل إلى "الوقف الفوري لجميع الأعمال والإجراءات التي يمكن أن تشكل إبادة جماعية".

ولم تصل دول أخرى إلى حد الاتفاق مع جنوب إفريقيا. وقال رئيس وزراء أيرلندا ليو فارادكار إن قضية الإبادة الجماعية "أبعد ما تكون عن الوضوح" لكنه أعرب عن أمله في أن تقضي المحكمة بوقف إطلاق النار في غزة.

ومن المستبعد أن تستجيب إسرائيل إلى أي أمر بوقف عملها العسكري، على غرار ماجرى مع روسيا، حيث تجاهلت موسكو طلب المحكمة وقف غزوها لأوكرانيا الذين شنته عل جارتها الغربية قبل عامين تقريبا.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة عن مقتل أكثر من 24 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة حيث أن أكثر من ثلثي الضحايا هم من النساء والأطفال.