انفجار مرفأ بيروت: لماذا لم يُحاسب أي مسؤول لبناني حتى الآن؟

منذ 1 سنة 181

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 26/01/2023 - 08:05

بعد انفجار الرابع من آب-أغسطس 2020 بلحظات

بعد انفجار الرابع من آب-أغسطس 2020 بلحظات   -   حقوق النشر  Hassan Ammar/AP

وجه المدعي العام اللبناني غسان عويدات يوم الأربعاء اتهامات للقاضي طارق بيطار الذي يحقق في انفجار مرفأ بيروت الكارثي الذي وقع عام 2020 وأودى بحياة 220 شخصاً على الأقل، ما أعلن بداية معركة قضائية غير مسبوقة تُهدّد بالإطاحة بالتحقيق. 

وأمر النائب العام، الذي رفض قرار البيطار باستئناف التحقيق، بالإفراج عن كل من جرى اعتقالهم فيما يتعلق بالانفجار.

ويعكس مسار التحقيق ثقافة الإفلات من العقاب التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، نادراً ما تمّت محاسبة المتورّطين فيها. 

كما تؤجّج التدخّلات السياسية المتكرّرة غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية.

وردّ بيطار سريعاً مؤكداً رفضه رفضه التنحي عن الملف مذكراً أنه لا يزال المحقق العدلي، وأن النائب العام التمييزي عويدات "لا صلاحية له للادعاء عليه وأن قرار عويدات لا يجب أن يُنفذ". 

وفيما يلي ملخص للأحداث منذ الانفجار والعقبات المستمرة التي تعرقل التحقيق.

ماذا حدث؟

يُعتقد أن سبب الانفجار هو حريق نشب في أحد المستودعات بعد الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت غرينتش) يوم الرابع من أغسطس-آب 2020، مما أدى إلى تفجير مئات الأطنان من نترات الأمونيوم.

وكانت المواد الكيميائية متجهة في الأصل إلى موزمبيق على متن سفينة مستأجرة من روسيا، وكانت موجودة في الميناء منذ عام 2013 حين أفرغت خلال توقف لم يكن في الحسبان لنقل شحنة إضافية.

ولم تغادر السفينة الميناء قط حيث لم يطالب أحد بالشحنة التي وقعت في حبائل نزاع قانوني حول رسوم الميناء التي لم تسدد وعيوب السفن.

وخلص مكتب التحقيقات الاتحادي "إف.بي.أي" إلى أن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت هي خمس ما إجماليه 2754 طناً تم تخزينها عام 2013، ما عزز الشكوك بشأن فقدان الكثير من الشحنة.

وكان الانفجار قوياً للحد الذي جعل سكان قبرص التي تبعد 250 كيلومتراً يشعرون به ودفع بسحابة غبار كبيرة فوق بيروت.

من كان يعلم بشأن المواد الكيميائية؟

كان كثيرون من المسؤولين اللبنانيين، من بينهم الرئيس السابق ميشال عون ورئيس الوزراء حينذاك، حسان دياب، على علم بأمر الشحنة. وقال عون بعد الانفجار إنه طلب من قيادات الأمن القيام بما هو ضروري بعد أن علم بوجود المواد الكيماوية. 

أما دياب فقال إن لا شيء يؤرق ضميره.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير العام الماضي إن مسؤولين أمنيين وحكوميين كبارا "توقعوا وجود خطر كبير على الحياة.. وقبلوا ضمناً احتمال حدوث وفيات".

كيف تم تعطيل التحقيق؟

تتمتع النخبة الحاكمة في لبنان بنفوذ كبير على القضاء لأن كثيرين من القضاة يدينون للسياسيين بالفضل في تعيينهم في مناصبهم.

  • في البداية، عُين وزير العدل القاضي فادي صوان محققاً بعد فترة قصيرة من وقوع الانفجار. ووجه صوان اتهامات إلى ثلاثة وزراء سابقين ودياب بالإهمال بشأن الانفجار في ديسمبر-كانون الأول 2020، لكنه واجه بعد ذلك انتكاسة سياسية قوية. وأبعدته محكمة من القضية في فبراير-شباط 2021 بعد أن شكا اثنان من الوزراء السابقين وهما علي حسن خليل وغازي زعيتر من تجاوز سلطاته.

  • بعد ذلك عُين طارق بيطار محققاً عدلياً في الملف. وسعى بيطار إلى استجواب شخصيات بارزة من بينها خليل وزعيتر، وكلاهما من أعضاء حركة أمل التي يرأسها نبيه بري وحلفاء لحزب الله المدعوم من إيران.

  • ينفي جميع المسؤولين بدون استثناء ارتكاب أي مخالفات، ويتهمون بيطار بتجاوز صلاحياته. ورفع المشتبه بهم الكثير من القضايا أمام المحاكم للمطالبة بتنحية بيطار بسبب ما يزعمون أنه تحيز وأخطاء، وهو ما أدى إلى وقف التحقيق عدة مرات. ووصل التحقيق إلى مرحلة من النسيان التام في 2022 عندما تقاعد بعض القضاة قبل البت في الشكاوى المرفوعة ضد بيطار والتي أوقفت تحقيقه. وأرجأت السلطات تعيين قضاة جدد، مما أثار القلق من تجميد التحقيق إلى أجل غير مسمى.

  • استأنف بيطار تحقيقه هذا الأسبوع بناء على رأي قانوني، موجهاً اتهامات لمسؤولين بينهم المسؤول الأمني الكبير اللواء عباس إبراهيم والنائب العام التمييزي غسان عويدات.

ما هو موقف حزب الله؟

لم يلاحق البيطار أياً من أعضاء حزب الله، الحزب المسلح والمدعوم من إيران. مع ذلك، شنّ حزب الله حملة شرسة ضده، إذ سعى لاستجواب حلفاء له، خصوصاً من حركة أمل [نبيه بري]. 

واتهم الحزب بيطار بالاستنسابية وبتسييس التحقيق. 

وفي 2021، حذر مسؤول في حزب الله بيطار من أن الحزب سيطيح به، وخرج أنصارها في مظاهرة مناهضة للقاضي في بيروت، أدت في نهاية المطاف إلى أعمال عنف دامية في منطقة الطيونة.

واتهم حزب الله الولايات المتحدة بالتدخل في التحقيق. ونفى السفير الأمريكي ذلك.

ونفى حزب الله اتهامات وجهت له بعد الانفجار بأنه قام بتخزين أسلحة في المرفأ، ويقول إنه لا علاقة له بالانفجار. ودأب خصوم الحزب على اتهامه بالسيطرة على الميناء، وهو ما ينفيه أيضاً.