شهدت فرنسا عام 2024 أدنى معدل مواليد في تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية، مع ولادة 663,000 طفل فقط. هذه النسبة تمثل انخفاضاً مقلقاً بنسبة 2.2% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لتقرير المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية والاجتماعية، ما ينذر بتغيرات جذرية في التوازن الديموغرافي للبلاد.
أسباب التراجع السكاني
يوضح التقرير أن هذا التراجع الحاد يرتبط بانخفاض معدل الخصوبة إلى 1.62 طفل لكل امرأة، وهو الأدنى منذ أكثر من قرن. ولا يُعزى الانخفاض الحاد في عدد المواليد فقط إلى تقلص معدل الخصوبة، بل أيضاً إلى تناقص أعداد النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و40 عاماً، وهي الفئة العمرية الأهم للإنجاب.
ومنذ عام 2011، يشهد عدد الولادات في فرنسا تراجعاً مستمراً، باستثناء عام 2021 الذي شهد انتعاشاً طفيفاً عقب فترة العزل العام المرتبطة بجائحة كوفيد-19.
وبالرغم من التحذير الذي أطلقه الرئيس إيمانويل ماكرون عام 2023 بشأن هذا التراجع ودعوته إلى "إعادة التسلح الديموغرافي"، إلا أن نمو عدد سكان فرنسا، الذي بلغ 68.6 مليون نسمة في عام 2023، اعتمد بشكل كبير على الهجرة.
اتجاه تنازلي في أوروبا
إنّ التراجع في معدلات المواليد ليس ظاهرة فرنسية فحسب، بل هو جزء من اتجاه أوسع في أوروبا. عام 2022، سجل الاتحاد الأوروبي أدنى عدد مواليد منذ عام 1960، مع ولادة 3.88 مليون طفل فقط، وهي المرة الأولى التي ينخفض فيها هذا الرقم إلى أقل من 4 ملايين.
كما انخفض معدل الخصوبة في الاتحاد الأوروبي إلى 1.46 ولادة لكل امرأة، وهو مستوى يقترب من تلك المسجلة في أوائل العقد الأول من الألفية الجديدة. ووفقاً لدراسات البنك الدولي، شهد الاتحاد الأوروبي تغيرات ملحوظة في معدلات الخصوبة على مدار العقود الماضية.
وعام 1970، كان المؤشر عند 2.35، وهو أعلى مستوى مسجل، لكنه انخفض تدريجياً إلى 1.4 في أواخر التسعينيات، قبل أن يرتفع إلى 1.57 في عام 2016. غير أن الاتجاه التنازلي عاد مجدداً، ليصل معدل الخصوبة في عام 2022 إلى مستويات لم تُسجل منذ 20 عاماً.