♦ الملخص:
سائل يسأل عن طريقة التخلص من الهموم التي تطارده أثناء صلاته.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حينما أصلي لا أستطيع التركيز في الصلاة؛ بسبب الهموم، فكيف التخلص من هذا الأمر؟ وهل عليَّ إثم في ذلك، رغم أن هذا أمر خارج عن إرادتي؟ أحيانًا أحاول التركيز في الصلاة، وأنجح في هذا، لكن هذا الأمر لا يدوم؛ فربما أركز في ركعة من الصلاة، وأفقد تركيزي في سائر الصلاة، فما طريقة التخلص من الهموم في الصلاة، أو تقليصها؟ وهل من طريقة للتركيز في الصلاة؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
أخي الكريم، أنت تسأل عن أمرين؛ هما:
كيف تركز في صلاتك؟
وكيف تتخلص من الهموم؟
فأقول مستعينًا بالله سبحانه: يتخلص الأمر في الآتي:
أولًا: الدعاء؛ وهو أعظم سبب لتخليصك منهما؛ قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
ثانيًا: تقوية الإيمان بالقدر وبالصبر على الأقدار؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [القمر: 49، 50].
ثالثًا: بالإكثار من الصلاة؛ فهي راحة وطمأنينة؛ عن سالم بن أبي الجعد قال: ((قال رجل: ليتني صليت فاسترحت، فكأنهم عابوا ذلك عليه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا بلال، أقِمِ الصلاة، أرحْنا بها))؛ [صحيح، رواه أبو داود].
رابعًا: تقوية التوكل على الله سبحانه، وعدم اليأس من الفَرَج؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].
خامسًا: الإكثار من ذكر الله سبحانه، خاصة تلاوة القرآن؛ فهي تُطيِّب القلب، وتُقوِّي الإيمان والصبر والتحمل.
سادسًا: السعي قدر الاستطاعة في دفع الهموم والأحزان، وعدم الاستسلام لها.
سابعًا: أنصحك بقراءة كتاب لطيف خفيف للشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله عنوانه: (الوسائل المفيدة للحياة السعيدة)؛ ففيه إشارات لطيفة، وفوائد جمة، تستفيد منها إن شاء الله.
ثامنًا: لا تنسَ الأدعية النبوية لعلاج الهموم؛ ومنها: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم))؛ قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "هذا دعاء الكرب، ويدعو بعد ذلك بما يهمه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعين بالصبر والصلاة، إذا حزبه أمر، فزِع إلى الصلاة، وصلى ما تيسر عليه الصلاة والسلام؛ عملًا بقول الله جل وعلا: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45].
فالسُّنَّة للمؤمن إذا حزبه أمر أن يفزع إلى الصلاة والدعاء، وهذا الذكر: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم))، ثم يدعو مع ذلك بما يسر الله له، ويبدأ الدعاء بالحمد، ويختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ هذا من أسباب الإجابة".
تاسعًا: إجابة عن سؤالك: هل تأثم بضعف خشوعك في الصلاة؟ أقول: اجتهد في تحصيل أسباب الخشوع، ولا تحاسب على ما هو خارج عن قدرتك، ولكن الأكمل أن تؤديَ الصلاة بالخشوع.
حفِظك الله، وفرَّج كربتك، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.