تستهدف دعاوى قضائية عدة أطلقت في أوروبا النظام السوري، خصوصاً في ألمانيا وفي فرنسا حيث أمر القضاء ببدء أول محاكمة، بحسب ما علمت وكالة فرانس برس الثلاثاء.
ألمانيا
تزايدت شكاوى السوريين التي تتحدث عن التعذيب في سجون النظام، في ألمانيا التي تطبق مبدأ "الولاية القضائية العالمية" الذي يسمح لدولة ما بمقاضاة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان تنفيذ جريمتهم.
في2018، عُرضت أمام المحكمة نحو 27 ألف صورة في إطار قضية "قيصر"، الاسم الذي أُطلق على مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية هرب من بلاده وبحوزته أكثر من 50 ألف صورة وثّقت قتل آلاف المعتقلين السوريين بطرق وحشية بعدما تضوّروا جوعا وتعرّضوا لشتّى أنواع التعذيب.
وأدى ذلك إلى اصدار فرنسا وألمانيا مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السابق لجهاز "المخابرات الجوية" جميل حسن المقرّب من الرئيس بشار الأسد.
في كانون الثاني/يناير 2022، خلصت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنس (غرب ألمانيا) إلى أن الضابط السابق في المخابرات السورية أنور رسلان (58 عاما) مسؤول عن مقتل معتقلين وتعذيب آلاف آخرين في معتقل للنظام في دمشق وذلك بين 2011 و2012. وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة لارتكابه جرائم ضدّ الإنسانية، في إدانة هي الثانية من نوعها في هذه القضية بعد إدانة عضو سابق في أجهزة المخابرات أدنى رتبة في شباط/فبراير 2021.
وبالتوازي، بدأت في فرانكفورت محاكمة طبيب سوري سابق في سجن حمص العسكري هو علاء موسى، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية لضلوعه في تعذيب معتقلين. ويتعين عليه الإجابة عن 18 حالة تعذيب. ولم يبت القضاء بعد في هذه القضية.
فرنسا
اتُهم الجندي السوري السابق عبد الحميد شعبان بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية في عام 2019. وأكدت محكمة استئناف في العام 2022 لائحة اتهام بالتعذيب وجرائم الحرب ضد مجدي نعمة المتحدث السابق باسم جماعة جيش الإسلام، والذي اوقف في عام 2020 في مرسيليا (جنوب).
ويتعين على محكمة التمييز - أعلى هيئة قضائية في البلاد - أن تصدر حكمها بحقهما في 12 أيار/مايو 2023 وفق الاختصاص العالمي للقضاء الفرنسي في الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب. وتكمن المشكلة في أن هذه الجرائم غير معترف بها في سوريا.
في 2021 فُتح تحقيق قضائي في هجمات كيميائية وقعت في العام 2013 ونُسبت إلى النظام، بناء على شكاوى تقدّمت بها ثلاث منظّمات غير حكومية.
وكانت هذه المنظّمات قد تقدّمت بشكاوى مماثلة في ألمانيا عن تلك الهجمات وعن هجوم بغاز السارين وقع في العام 2017. في عام 2021، وجّه الاتّهام إلى فرنسي-سوري يُشتبه بتزويده الجيش السوري مواد يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة كيميائية.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توجيه الاتّهام في إطار تحقيق في فرنسا بشبهة دعم قوات النظام السوري، وفق مصدر قريب من الملف.
وبحسب قرار اتهامي تم توقيعه في نهاية آذار/مارس اطلعت عليه وكالة فرانس برس، ستتم محاكمة ثلاثة مسؤولي بارزين في النظام السوري في مقتل سوريَّين يحملان الجنسية الفرنسية هما مازن دبّاغ وابنه باتريك الذين اعتقلا في العام 2013.
وأحيل إلى المحاكمة الرئيس السابق لجهاز "المخابرات العامة" علي مملوك الذي أصبح لاحقا رئيس مكتب الأمن الوطني، وجميل حسن، ومدير فرع باب توما (دمشق) في جهاز "المخابرات الجوية" عبد السلام محمود بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب، ما يمهد لأول دعوى في فرنسا.
أنحاء أخرى في أوروبا
في السويد، حُكم على محمد عبد الله، وهو طالب لجوء كان قد خدم النظام السوري، بالسجن ثمانية أشهر في عام 2017 لتعامله مع خمسة أشخاص بشكل مهين، مما قد يلحق ضرراً جسيماً بسلامتهم الجسدية والمعنوية.
في النمسا، حُكم على طالب لجوء سوري كان من مقاتلي الجيش السوري الحر، في أيار/مايو 2017 بالسجن مدى الحياة لإعدامه 20 جندياً جريحاً وغير مسلحين. تم تأكيد الحكم في الاستئناف بعد ذلك بعامين.
"آلية دولية"
وتواصل "آلية دولية مكلّفة تسهيل التحقيقات في أخطر الانتهاكات للقانون الدولي" المرتكبة اعتبارا من آذار/مارس 2011، عملها في جمع الأدلة لتسهيل محاكمة المتورطين.
وكانت الأمم المتحدة قد أنشأت هذه الآلية نهاية العام 2016.