"المنسف" يدخل قائمة الشراء بالتقسيط في الأردن

منذ 1 سنة 167

أثار إعلان تجاري لأحد المطاعم الأردنية عن توفير الطبق التقليدي الـ "منسف" بالتقسيط في شهر رمضان، جدلاً كبيراً حول مدى تراجع القدرة الشرائية للمواطن وعجزه عن شراء أبسط الحاجيات.

وانقسم الأردنيون بين من يرى في الإعلان دلالة على اتساع دائرة الفقر، وآخرين اعتبروه بادرة إيجابية تراعي ظروف وإمكانيات الطبقات غير المقتدرة مالياً.

إذ لم يعد "المنسف" إلى جانب قائمة طويلة من الاحتياجات الأساسية الأخرى، في متناول يد كثيرين، مع ثبات الأجور وارتفاع حجم الضرائب وارتفاع الأسعار بشكل مضطرد منذ جائحة كورونا.

ومنذ أسابيع، تدور رحى معركة إعلامية طرفاها المواطنون والتجار من جهة، والبنوك الأردنية من جهة أخرى للمطالبة بتأجيل أقساط القروض البنكية للأفراد، على اعتبار أن ذلك سيسهم في زيادة السيولة والقوة الشرائية للمواطن في ظل ركود بعض الأسواق.

إقبال على التقسيط

ومنذ سنوات، يقبل الأردنيون على الشراء عبر نظام التقسيط الذي طاول كل شيء تقريباً، من الأغذية إلى الملابس وحتى الموبايلات والأجهزة الكهربائية.

وهي ظاهرة شائعة ذات مدلولات اجتماعية واقتصادية، دفعت دائرة الإفتاء لإصدار بيان أوضحت فيه أنه لا ينبغي لغير المقتدر أن يستدين أو يُحمل نفسه ما لا قدرة له عليه، بتكلف الولائم والعزائم، وقالت دائرة الإفتاء إن "الولائم إن كانت للتباهي أو التفاخر، فهذا مما نهى الله عنه".

يقول مواطنون إن الوضع الاقتصادي الآخذ بالتراجع منذ سنوات، يجعلهم غير قادرين على دفع قيمة المشتريات كاملة في الوقت الحالي. والتقسيط يوفر لهم فرصة الحصول على السلع والخدمات التي يحتاجون إليها بسهولة بخاصة المقبلين منهم على الزواج.

وفي مقابل الجوانب السلبية لظاهرة التقسيط كزيادة الدين الفردي وتراكم الدفعات والفوائد، يعتقد الخبير الاقتصادي محمد ملحم أن ثمة جوانب إيجابية كتعزيز النشاط الاقتصادي ودعم قطاعات مثل العقارات والسيارات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية والأثاث، وبالتالي تحفيز النمو الاقتصادي وتخفيف الضغط على الإنفاق الشخصي.

في عام 2011 أنشئت شركة لتكون أول وسيط تجاري لتقديم خدمة البيع بالتقسيط للشركات الصغيرة والمتوسطة ولموظفي شركات القطاعين العام والخاص بالإضافة الى طلاب الجامعات، وربات المنازل وأصحاب المهن والمحلات التجارية في الأردن، وحتى سائقي المركبات العمومية.

تباه اجتماعي وكماليات

ويتحدث ملحم أيضاً عن "التباهي الاجتماعي" بوصفه أحد أسباب الإقبال على ظاهرة تقسيط المشتريات ولو بفائدة كبيرة، بخاصة بين جيل الشباب الذين يحرص معظمهم اليوم على ارتداء ملابس فاخرة بماركات عالمية شهيرة، تفوق قدرتهم المالية، بينما يسعى آخرون إلى اقتناء أحدث وأثمن أنواع الهواتف النقالة.

ويحذر ملحم من أن يمتد تمويل الإنفاق على الخدمات الترفيهية وتغطية الكثير من السلع والخدمات الكمالية بنظام التقسيط، لأنه في النهاية سينتج آلاف المتعثرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بينما يفضل خبراء آخرون إطلاق اسم "بيع بالخسارة" على ظاهرة التقسيط، إذ إن بعض المواطنين يلجأون لهذه الحيلة للحصول على السيولة النقدية عبر إعادة بيع ما اشتراه بالتقسيط بمبلغ أقل من سعره، وكقناة غير مباشرة للاقتراض الشخصي.

ويشير"أبو بشر" صاحب أحد أكبر معارض بيع الملابس الأوروبية في العاصمة الأردنية عمّان، إلى اتساع ظاهرة التقسيط لتطاول حتى ملابس العيد، وهو حل مناسب برأيه للطرفين، إذ يعاني التجار من ضعف الإقبال في مواسم الأعياد بسبب انخفاض القدرة الشرائية، كما أن هذه الوسيلة تسهم في إدخال بهجة العيد إلى منازل الأسر ونفوس الأطفال.

ويضيف "على رغم التخفيضات والعروض الكبيرة، ما زالت هناك فئة من الأردنيين غير قادرة على تأمين كسوة العيد لعائلاتها بمبلغ بسيط لا يزيد على 75 دولاراً".

تراجع القدرة الشرائية

ويعاني الكثير من الأردنيين من تراجع القدرة الشرائية في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت التكاليف اليومية والأسعار على مجموعة واسعة من السلع والخدمات، في حين بقيت الرواتب والأجور على حالها. ويعود هذا إلى عوامل عدة، من بينها الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة، وزيادة تكاليف الإنفاق على الصحة والتعليم، وتزايد البطالة وانخفاض مستوى الدخل.

ويشرح اقتصاديون العوامل التي أدت إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ومن أبرزها زيادة معدل التضخم ومن ثم ارتفاع مستوى الأسعار في الأسواق، مما يقلل من قيمة العملة المحلية.

كما أن تدهور الاقتصاد وانخفاض الإنتاجية وتضاؤل فرص العمل، أسباب تخفض من نسبة مدخول المواطنين الشهرية وقدرتهم الشرائية.

ويعتبر آخرون أن العرض والطلب والتغيرات في العوامل تتحكم أيضاً في قدرة الأردنيين الشرائية، فضلاً عن زيادة الضراب والرسوم، وارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع كلف الحياة اليومية عموماً.

على سبيل المثال، يكشف نقيب أصحاب المطاعم والحلويات عمر العواد انخفاض الإقبال على المطاعم في رمضان الحالي بنسبة 40 في المئة مقارنة بالعام الماضي.

بينما يقول ممثل قطاع الألبسة في غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي، إن الحركة داخل أسواق الألبسة ضعيفة على رغم توافر البضائع والتخفيضات على الأسعار، مضيفاً أن انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين يلعب دوراً هاماً بالإضافة إلى شراء الأولويات وتفضيلهم الإنفاق على المواد الغذائية والاستهلاكية في شهر رمضان.

بدورها، ترصد الجمعية الوطنية لحماية المستهلك دراسة ميدانية تظهر التغيرات التي طرأت على أسعار 35 سلعة أساسية قبل شهر رمضان، بالمقارنة مع أسعارها بعد دخول الشهر الفضيل، حيث ارتفعت أسعار 22 سلعة أساسية، أبرزها الخضار التي لحظت ازدياداً بنسبة 23 في المئة، واللحوم الحمراء بنسبة 16 في المئة، في حين ارتفعت أسعار المواد التموينية كالرز والسكر والبيض بنسب متفاوتة.