قال المحامي التونسي والخبير لدى الهيئات والمحاكم الدولية إبراهيم بلغيث ليورونيوز إنّ تغيير القانون الانتخابي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الرئاسية في تونس "هو اجراء غير شرعي يُخرِجُنا من منطق الدولة ومنطق القانون" واصفا التعديل بأنه عبث.
وكان عدد من أعضاء مجلس النواب قد تقدموا بمشروع قانون يهدف إلى تعديل القانون الانتخابي الحالي، بما يغير اختصاص المحكمة الإدارية وبجعلها غير مختصة بالنظر في النزاعات الانتخابية ويسند ذلك الاختصاص إلى القضاء العدلي ممثلا في محكمة الاستئناف بتونس.
وقد لاقى هذا المشروع الذي بدأ مجلس النواب النظر فيه في مناقشته على مستوى اللجان، معارضة شديدة، إذ تظاهر يوم الأحد المئات في الشارع الرئيسي للعاصمة تونس، مطالبين بالكف عن ما وصفوه بأنه "تلاعب بالقوانين وبالدولة".
بيان مشترك للادانة
وقد أصدر المرشحان المنافسان للرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد بيانا مشتركا عبّرا فيه عن رفضهما لمشروع تعديل القانون الانتخابي، وجاء في البيان أنّه "لا يجوز قانونيا و أخلاقيا مراجعة التشريعات المتعلقة بالانتخابات قبل سنة على الأقل من العملية الانتخابية المعنية فما بالك و الاستحقاق الرئاسي لسنة 2024 قد انطلق بالفعل ولا يفصلنا اليوم سوى أسبوعين عن موعد الاقتراع " كما اعتبر البيان أنّ مشروع تنقيح القانون الانتخابي يمثّل " مسّا بمؤسسات الدولة و تجاوزا للقضاء الإداري المسؤول تقليديا عن النظر في النزاعات الانتخابية، وزجا بالقضاء العدلي في نزاعات خارج اختصاصه ".
من جهتها رفضت جمعية القضاة التونسيين الممثل التاريخي للقضاة مشروع التنقيح، إذ ندّدت في بيان لها الاثنين، "بما جاء بمشروع التنقيح من محاولة لتوريط مؤسسات القضاء العدلي بتكليفه بمهمات خارج اختصاصه واستهداف واضح ومقصود لكل من المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات، بسحب الاختصاصات الأصلية والتقليدية الموكولة إليهما دون أي موجب".
فيما أعلنت الشبكة التونسية للحقوق والحريات حالة الطوارئ الشعبية، بعد أن دعت التونسيين إلى التظاهر لرفض تنقيح القانون الانتخابي قبل الاستحقاقات الرئاسية بأسبوعين، إذ من المنتظر أن تجري الانتخابات الرئاسية يوم 6 تشرين الأوّل/ أكتوبر ويتنافس فيها ثلاثة مترشحين وهم قيس سعيد وزهير المغزاوي والعياش الزمال الموقوف بالسجن.
هيئة الانتخابات ترفض تطبيق قرارات المحكمة الإدارية
من جهته قال النواب الذين تقدّموا بمشروع التنقيح في وثيقة شرح الأسباب إنّ "ما تمت معاينته من اختلافات وصراعات في القرارات المتخذة والمواقف المعلنة من طرف كل من الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات والمحكمة الإدارية، ينذر ببوادر لأزمات محتملة ولخطر داهم يُهدّد المسار الانتخابي ويُنذر بإرباكه وإدخال البلاد في متاهات من شأنها أن تبعدنا عن انشغالات عامة الشعب وانتظاراته".
مع الإشارة إلى أنّ القانون الانتخابي الحالي لسنة 2014، يعطي اختصاص النظر في النزاعات الانتخابية للمحكمة الإدارية والنظر في مراقبة المصاريف المالية للمترشحين.
ويشار أيضا إلى أنّ المحكمة الإدارية قد رفضت نهاية شهر أغسطس قرار هيئة الانتخابات برفض ترشح ثلاثة معارضين لقيس سعيد والقضاء بوجوب ادراجهم في القائمة النهائية للمترشحين، إلاّ أنّ هيئة الانتخابات رفضت تنفيذ الحكم القضائي بمبرّر عدم بلوغها به في الآجال القانونية.
المحامي التونسي والخبير لدى الهيئات والمحاكم الدولية إبراهيم بلغيث قال ليورونيوز إنّ "مشروع التنقيح هو نتيجة منطقية للفوضى والعبث التشريعي وهو غياب تام لمنطق الدولة والقانون"، وقال إنّ "مفهوم القاضي الطبيعي أي القاضي الأقرب ملائمة لطبيعة النزاع، يقتضي أن تنظر المحكمة الإدارية في النزاعات الانتخابية فالنزاع الانتخابي هو أقرب للنزاع الإداري. وبالتالي فان هذا المشروع ينزع الاختصاص عن المحكمة الإدارية ويضرب مبدأ نجاعة القضاء ونزاهته".
من جهته قال رمزي الجبابلي مدير الحملة الانتخابية للمرشح العياشي الزمال المودع بالسجن لاتهامه بافتعال التزكيات الشعبية لترشحه، ليورونيوز "إنّ مشروع التنقيح هو كارثة بكل المعايير، إذ كيف يتمّ تغيير قوانين اللعبة أثناء اللعب" وأضاف بأن المشكل يتمثل في إقصاء المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات وفي السياق العام للقانون." وأضاف الجبابلي " إننا نحن نرفض هذا المشروع لأنه يمس من قواعد نزاهة الانتخابات وهو مبدأ متعارف عليه في كل انحاء العالم".