المشهد: النقد وتاريخ السينما

منذ 1 سنة 166

> تنتشر حالياً محاولات جادّة لإصدار مجلات سينما ورقية وإلكترونية في السعودية والعراق ومصر خصوصاً، تحتوي على كل ما هو سينمائي، من مقالات وبحوث ونقد... كل ما تحتاجه هو نسبة أعلى من القراء.

> عبر هذه المجلات، يطلّ عدد لا بأس به من النقاد المعروفين، إلى جدد لم نقرأ لهم من قبل. كلاهما، المخضرمون والجدد، قد يكون جيداً في الكتابة وقد لا يكون. في صحافتنا العربية، هناك عديدون آخرون مقسّمون إلى أجيال ثلاثة، يكتب وينشر بمستويات واهتمامات مختلفة.

> لكن القليل من هؤلاء يبحث في تاريخ الأفلام ويشاهد الأعمال الكلاسيكية من السينما الصامتة وحتى نهاية السبعينات أو جوارها. ووفق ما قال لي مرة كلينت إيستوود حين ذهبت، في 2018 إلى مكتبه في شركة «وورنر»، بناء على موعد، وسألته عن رأيه في النقد السينمائي: «لا أدري كيف يمكن لناقد سينمائي تكوين نفسه وعلمه من متابعة أفلام اليوم، واعتبار أنّ بداية السينما تعود إلى تاريخ بدايته في النقد. طبعاً يعرف أنها تعود لعقود قبل ذلك، لكنه لا يكترث».

> كثيرون لا يكترثون فعلاً ولا حتى للسعي إلى مشاهدة أكثر من نسبة محدودة من الأفلام، وبناء على اختيار أسماء بعض المخرجين وإهمال البعض الآخر، أو انتظار فيلم مثل «باربي»، فيشاهده لأنه شقّ درب النجاح وتبوأ الشهرة (والبعض يترجم فقط).

> كذلك أسلوب الكتابة، فهو مختلف اليوم عما كان عليه، خصوصاً في الغرب: كثيراً ما يكتب الناقد عن نفسه ويتوجّه إلى قرائه مباشرة على نحو: «لم أكن أتوقع أن يكون هذا الفيلم بذلك السوء»، أو «سيعجبكم هذا الفيلم ويدهشكم كما أدهشني». هذا كله هراء، لأنّ النقد هو تجربة علم وإلمام، وليس آراء مُشاعة؛ والناقد الصحيح هو مَن يبني موقفه من الفيلم، لا على أساس كيف استقبله وماذا سيقول للقارئ، ولا حتى كيف سيبدو مقاله وسط المقالات الأخرى. يبنيه على علمه ودرايته ورؤيته، وهذا يكفي.

> هكذا تعلّمتُ من نقاد الستينات والسبعينات في مجلات بريطانية، أمثال فيليب ستريك وجوزيف ماكبرايد وتوم ميل وديفيد ولسون وجون جليات. كل هؤلاء وسواهم غرف من تاريخ السينما قبل أن يكتب كلمة نقد واحدة.