دعا المدّعي العام السابق في المحكمة الجنائية الدولية جيفري نايس، إلى فتح تحقيق دولي مستقل في مقتل 15 مسعفاً في قطاع غزة، ووصف الحادث بأنّه "جريمة حرب محتملة".
دعوة نايس جاءت عقب إعلان الجيش الإسرائيلي نتائج تحقيق داخليّ خلص إلى وجود "إخفاقات مهنية" تسببت في إطلاق النار من جنوده على المسعفين.
وكان تحقيق الجيش الإسرائيلي في مقتل المسعفين على يد قواته الشهر الماضي، قد أفضى إلى إقالة نائب قائد وحدة عسكرية ضالعة في الحادث.
وطالب نايس الذي شغل منصب المدّعي الرئيسي في محاكمة الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش عام 2002، المحكمة الجنائية الدولية بالتدخل، قائلاً: "هؤلاء 15 فرداً، 15 عائلة، لا يوجد دليل على أنّ 6 منهم ينتمون إلى حماس، وقد فقدوا حياتهم رغم أنهم محميّون كمدنيين بموجب اتفاقيات جنيف، وأيضاً كعاملين في المجال الإنسانيّ وفقاً للبروتوكول الأول".
وأضاف نايس: "هذا أمر خطير بما يكفي ليُلزم إسرائيل بأن تقوم بما يجب عليها فعله وأن تقدّم جميع أدلتّها لتقييم مستقل وموضوعي".
وأثار الحادث غضباً دوليًّا واسعًا، ووصفت بعض الجهات مقتل المسعفين بأنه جريمة حرب.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر إنّ ما جرى "يُعد الهجوم الأكثر دموية على طواقمها منذ ثماني سنوات".
وفي البداية، قالت إسرائيل إن مركبات المسعفين لم تكن تُظهر إشارات الطوارئ عندما أُطلقت عليها النار، لكنها تراجعت عن تلك الرواية لاحقاً.
وأظهر مقطع فيديو عُثر عليه في هاتف أحد المسعفين أنّ سيارات الإسعاف كانت تومض أضواءها، وتحمل شعارات واضحة عند وصولها لمساعدة سيارة إسعاف تعرّضت لإطلاق نار في وقت سابق.
وخلص التحقيق العسكري الإسرائيليّ إلى أنّ نائب قائد الكتيبة تصرّف بناءً على "افتراض خاطئ" بأنّ سيارات الإسعاف تابعة لحماس، واعتقد أنّ قواته كانت في خطر عندما اقتربت السيارات بسرعة من موقعهم، بينما اندفع المسعفون لتفقد الضحايا.
وأضاف التحقيق أن الرؤية كانت ضعيفة ليلاً، وأنّ أضواء سيارات الإسعاف لم تكن واضحة من خلال الطائرات المسيّرة أو مناظير الرؤية الليلية.
لكنّ الفيديو يظهر تعرّض سيارات الإسعاف لإطلاق نار كثيف استمر لأكثر من خمس دقائق مع توقّف قصير، ثم فتح الجنود النار بعد دقائق على سيارة تابعة للأمم المتحدة توقفت في المكان نفسه.
وأسفر إطلاق النار، الذي وقع قبل الفجر في 23 آذار/مارس في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، عن مقتل 8 مسعفين من طاقم الهلال الأحمر، و6 من أفراد الدفاع المدني، وموظف تابع للأمم المتحدة.
وقامت القوات الإسرائيلية بجرف الجثث والمركبات ودفنها في قبر جماعي. ولم يتمكن عمال الإنقاذ وفرق الأمم المتحدة من الوصول إلى الموقع إلّا بعد مرور أسبوع على الحادثة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الجنود دفنوا الجثث "لحمايتها من الكلاب الضالة حتى يتسنّى جمعها لاحقاً، وإنه تم نقل سيارات الإسعاف لفتح الطريق أمام عمليات إجلاء المدنيين في وقت لاحق من اليوم ذاته".
وخلص التحقيق إلى أن قرار سحق سيارات الإسعاف كان "خاطئاً"، لكنه أكد أنه لم تكن هناك محاولة لإخفاء واقعة إطلاق النار.