أصدرت نقابة المحامين بيانًا عن الاجتماع العاجل المشترك بين مجلس النقابة العامة للمحامين ونقباء النقابات الفرعية، لبحث مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وقررت نقابة المحامين فتح كافة قنوات التواصل مع كافة الجهات المعنية، لعمل اللازم نحو إعادة مشروع القانون لاستكمال دراسته الواقعية والتشريعية والحوار القانونى المجتمعى بشأنها.
وقالت: "لما كان قانون الإجراءات الجنائية الجارى مناقشته من خلال لجنة الشئون التشريعية والدستورية كمرحلة من مراحل سن هذا التشريع الجديد إحلالاً له بدلاً من التشريع الحالى الصادر منذ عام 1950، والذى هو الركن الدستورى الركين للقضاء الجنائى، لما لهذا القانون من دور راسخ فى حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات فى جميع مراحل النظام الجنائى لما يهدف إليه من تعزيز الثقة والعدالة فى النظام القضائى من خلال ضمان عدم تجاوز السلطات القانونية لحدودها والحد من تعسفها إذ هو ـ بحق ـ حجر الزاوية فى تحقيق العدالة الجنائية، ولما كانت المحاماة على النحو المقرر بالمادة / 198 من الدستور تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع".
وتابعت: "وكان المشروع المطروح على الرغم مما تضمنه من مزايا واستحقاقات دستورية لم يحظ بالدراسة الكافية حتى يعبر عن الأهداف المتوخاة من التشريع، فضلًا عن أنه لم يسبقه حوار فاعل وموسع فى المجتمع القانونى بمختلف طوائفه من القضاة والمحامين وأساتذة وفقهاء القانون ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما أثارته بعض نصوص المشروع من لغط وجدل كبيرين فى الأوساط القانونية بسبب ما تضمنته بعض تلك النصوص من توسع فى سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة ومستقرة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية".
وأشارت نقابة المحامين الى أن من أمثلة ذلك على سبيل المثال لا الحصر إعادة مشروع القانون صياغة بعض من نصوص القانون الحالى المخالفة دستوريًا، والتى تتنافى مع اعتبارات وأسس العدالة حيث لم يورد المشروع أى تعديلات تخص التأكيد على كفالة حق الدفاع بالوكالة المقرر دستوريا، واستمرار وجوب حضور المتهم بشخصه فى بعض درجات التقاضى، متابعة: "لم يورد المشروع أى تعديلات على النصوص التى تمنح لسلطة التحقيق حق إجراء التحقيق بغير حضور محام، والحق فى حجب أوراق التحقيق عن المحامى، لدرجة حرمانه من الحصول على صور من الأوراق بذريعة الضرورة والاستعجال، وغيرها من الذرائع التى لا ضابط لها، أعاد المشروع صياغة ذات النصوص التى تجيز لسلطة التحقيق ندب مأمور الضبط القضائى لمباشرة إجراءات التحقيق، ومنها استجواب المتهم فى بعض الحالات، أعاد المشروع بحصر اللفظ ذات النصوص الخاصة بالطعن بالاستتئناف على أحكام الجنايات، فى تجاهل تام للملاحظات التى سبق إبداؤها وما اسفر عنه الواقع العملى من ثبوت خطأ بعض هذه النصوص.
- كرس المشروع ذات النصوص التى تقصر حق الطعن على الأحكام الجنائية على النيابة العامة، وحرمان المجنى عليه والمدعى بالحق المدنى من ذلك الحق، ما استحدثه المشروع من حق لمحكمة الجنايات بدرجتيها من إقامة الدعوى الجنائية على كل فعل يقع خارج الجلسة، وترى المحكمة - فى تقديرها - أن من شأنه الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير فى قضاتها أو فى الشهود دون تحديد نطاق محدد لمكان وزمان ارتكاب الجريمة ما يوسع من اختصاص المحكمة بالمخالفة لأصول المحاكمات الجنائية".
وأوضحت أن تكريس الإخلال بحقوق الدفاع فى عدد من المواد بإلغاء حق المحامى فى إبداء ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات بمحضر التحقيق على النحو المقرر بالمادة 124 من القانون الحالى، وجاء المشروع ليمنح الحق لعضو النيابة بمنع المحامى من الكلام فى صياغة أقل ما توصف به أنها تفتقر للذوق التشريعى وتمثل مساسًا بقيمة رسالة المحاماة وتنطوى على مساس بحقوق الدفاع لجعل ذلك رهينا بالإذن من قبل عضو النيابة العامة القائم على التحقيق.
ولفتت الى أن ما تضمنه المشروع من إساءة معنوية لرسالة المحاماة فيما نص عليه من إجراءات خاصة تتخذ ضد المحامى فى جرائم الجلسات، فضلا عن عدم انضباط وفساد صياغته بما قد يقود إلى إعاقة عمل المحامى بذريعة الإخلال بنظام الجلسة، مضيفة أن ما استحدثه المشروع من نص يسمح باخفاء شخصية الشاهد وبياناته بما يتنافى مع اعتبارات العدالة، بالاعتماد على شهادة شخص مجهل ويصدر الحكم متساندًا عليه بوصفه دليلًا فى الدعوى وأن ما استحدثه المشروع من اعتبار الأحكام الصادرة غيابيًا فى الجنح فى حق المتهم حضورية، على سند من إعلان المتهم بوسائل الاتصال الحديثة، وبما لا يتناسب مع الواقع العملى وما يحدث من تلاعب فى إعلان المتهم لحرمانه من العلم بتاريخ الجلسة.
وأردفت: "وغير ذلك مما تتضمنه المشروع من أوجه عوار ومخالفات دستورية سيجرى تفصيلها فى مذكرة شارحة على هدى ما سيلى من قرارات، ولما كان ممثل النقابة فى اللجنة الفرعية لمجلس النواب، وعلى نحو ما عرض على مجلس النقابة قد أبدى اثناء المناقشات باللجنة الفرعية اعتراض النقابة على النصوص المعيبة، غير أنه فوجئ بعرض المشروع بذات أوجه العوار على لجنة الشئون التشريعية والدستورية".
وقرر مجلس النقابة العامة للمحامين فى اجتماعه المنعقد بالاشتراك مع السادة نقباء المجالس الفرعية إعداد مذكرة تفصيلية عاجلة بالنصوص المعترض عليها مقارنة بنصوص القانون الحالى، وما شابها من مخالفات دستورية، والمقترحات البديلة بشأن التعديل والحذف والإضافة، على أن تسلم المذكرة رسميًا إلى رئيس مجلس النواب، ورئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومطالبة مجلس النواب بعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة وفقًا لما أجازه له الدستور والقانون فى هذا الشأن واعتبار مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين فى حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات فى ضوء ما سيجرى من اتصالات ومشاورات بشأن المذكرة التى سيجرى رفعها.
وأكدت نقابة المحامين أنها تستشعر نبض جمعيتها العمومية، وأنها لن تتخلى عن دورها الدستورى كشريك فى إرساء قواعد العدالة، وصون الحقوق والحريات تحت مظلة القانون والدستور.