"المؤثر الافتراضي" يزاحم المشاهير على الحصيلة الإعلانية

منذ 7 أشهر 85

بدأ الذكاء الاصطناعي يستحوذ على اهتمام أصحاب العلامات التجارية والمسوقين والمستهلكين على حد سواء، لا سيما بعد ظهور "المؤثر الافتراضي" الذي يقوم بعمليات تسويقية وترويجية في عالم يشهد طفرة من الدعاية على وسائل التواصل الاجتماعي.

و"المؤثر الافتراضي" هو تقنية ترويجية باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يظهر أحد الأشخاص الافتراضيين في فيديوهات وهو يسوق للمنتجات، ويعلن عن المزايا التنافسية للسلع لاستقطاب المستهلكين، وينافس المؤثرين والمشاهير من البشر، وهو ما يثير الجدل ويطرح تساؤلات حول مدى تأثيره وجدواه.

النمو السريع

بحسب إحصاءات موقع البيانات "ستاتيستا" فإن 35 في المئة من المستهلكين الأميركيين اشتروا منتجاً أو خدمة في 2022 بعد الترويج لها من طريق "مؤثر افتراضي"، وهو رقم يعتبر بارزاً بخاصة مع التقنية الجديدة التي أثرت السوق الإعلانية والترويجية في ظل النمو السريع الذي تشهده.

وتشير التوقعات إلى أن عوائد أرباح "المؤثر الافتراضي" قد تصل قيمتها إلى نحو 200 مليار دولار بحلول 2032، وفق إحصاءات شركة البيانات "ألايد ماركت ريسرتش" الأميركية.

ويعد قطاع الأزياء أكثر القطاعات استفادة من الشخصيات الرقمية المؤثرة لانخفاض كلفة المؤثر الرقمي بالمقارنة مع المؤثر البشري، ومن بين العلامات التجارية الراقية التي تستخدم المؤثرين الرقميين للترويج لملابسها وأكسسواراتها "برادا" و"كالفين كلاين" و"كارتييه".

مؤثرات افتراضيات

من بين أشهر "المؤثرين الافتراضيين" شخصية رقمية تدعى "ليل ميكيلا" تعرف نفسها على أنها تبلغ من العمر 20 سنة ولديها نحو 2.6 مليون متابع على منصة "إنستغرام"، وظهرت في إعلانات لشركات الأزياء مثل "شانيل" و"جيفنشي"، حتى إن شركات مثل "إيكيا" و"سامسونغ" و"نايكي" و"أمازون" استعانت بشخصيات رقمية للترويج لمنتجاتهم.

وفي عالمنا العربي ظهرت المغربية "كنزة ليلي" كأول شخصية افتراضية مطورة بالذكاء الاصطناعي، التي تبلغ من العمر 33 سنة ولديها نحو 166 ألف متابع على منصة "إنستغرام"، وكان لها حضورها في مجال الدعاية والتسويق، إذ نشرت صورة لها تقف بجوار سيارة لشركة "هونداي" من طراز (kona) تشرح فيها مواصفاتها وميزاتها، وتسأل متابعيها عن استعدادهم لتجربتها.

الشرارة الأولى

في وقت يرسخ الذكاء الاصطناعي نفسه في جميع القطاعات، لم تتأخر الشركات المتخصصة في مجال التسويق والإعلان عن خوض هذا الغمار الذي تجد فيه آفاقاً اقتصادية لا يمكن إنكارها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المتخصص التقني عبدالله السبع إن شخصية "المؤثر الافتراضي" وجدت لتصنع محتوى وتقدمه للجمهور وتكون واجهة للشركات التسويقية لجذب المتابعين وفتح مجال الإعلانات للشركات داخل الحسابات، كما أن الشركات تستخدم هؤلاء الشخصيات الخيالية كوسيلة للتسويق لمنتجاتهم ومصدر دخل لهم، مؤكداً أن صناعة "المؤثرين الافتراضيين" تدر الأموال بصورة كبيرة.

واستشهد السبع في حديثه بحساب "البيضة" على "إنستغرام" في 2019 الذي ذكر أنه الشرارة الأولى لظهور حسابات "المؤثرين الافتراضيين"، وتخطى متابعوها حاجز 4 ملايين متابع، مشيراً إلى أن المجال ما زال في بدايته، وأن الشركات المستخدمة له تحاول اكتشاف مزيد فيه.

WhatsApp_Image_2024-04-21_at_3.24.45_PM.jpeg

وواجه مستخدمو "المؤثر الافتراضي" بعض الإشكالات، منها غياب التفاعل مع المتابعين، مما دفع الشركات إلى استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، حتى يكون متفاعلاً بصورة أكبر، وفق السبع الذي قال إن من إشكالاته أن حسابات "المؤثرين الافتراضيين" تدار من أشخاص عدة ومعها تعدد الأفكار والتوجهات العامة للحسابات.

التزييف العميق

فيما يرى المهتم بمجال الذكاء الاصطناعي أحمد الفيفي أن "المؤثر الافتراضي" شخصية خيالية نشأت فكرتها بصورتها الحالية بعد تطور تقنيات ونماذج الذكاء الاصطناعي في توليد شخصيات تشبه البشر، بهدف ربطها بنمط معين وملامح محددة لإيصال رسالة معينة أو الترويج لمنتجات تناسب فئات عمرية مقاربة للشخصية الخيالية.

وأوضح الفيفي أن "المؤثر الافتراضي" فكرة تواكب التطور الحاصل في المجال من التزييف العميق والتوليد التخيلي في الذكاء الاصطناعي، وقد يرتبط كثير من أفراد المجتمع بشخصيات وهمية وكارتونية مثل "لوفي" أو" ناروتو" أو "باربي".

وأشار إلى أن ما يميز المؤثر الافتراضي عن البشري هو المثالية وإمكانية نمذجتهم في أي وضع إعلاني لمنتج ما وفي أي مكان، وأنه غير مرتبط بزمن محدد، مضيفاً أن الشركات تلجأ إلى الإعلان عن منتجاتهم عند هؤلاء الافتراضيين لمرونتهم العالية.

التحكم الإبداعي

وفقاً لتقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، تستعين وكالة الإعلانات الإسبانية "ذي كلو لس" بـ"مؤثرة" تدعى "إيتانا" ذات الشعر الوردي والملابس الضيقة، للترويج لمنتجات عدة، واصفة إياها بأنها "قوية" و"مصممة"، لكن من يظهر في الواقع على الشاشة ليس إنساناً من لحم ودم، بل هو نتاج نمطي جداً لمخيلة إسبان مهووسين بالتكنولوجيا. 

وأكدت مديرة "ذي كلو لس" صوفيا نوفالس أن الاستعانة بـ"مؤثرة" افتراضية بواسطة الذكاء الاصطناعي تتيح "تحكماً إبداعياً لا مثيل له، مما يسمح باتخاذ قرارات شفافة في ما يتعلق بالصورة والأزياء والجماليات من دون الحاجة إلى جلسات تصوير فعلية"، كذلك فإن "النماذج الافتراضية تقدم بديلاً أوفر، كونها رقمية".