اللواء محمد إبراهيم يقترح تشكيل لجنة عربية مصغرة لبلورة وثيقة لحل الأزمات العربية

منذ 1 سنة 111

قال اللواء محمد إبراهيم الدويرى نائب مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية إن معطيات الأوضاع الراهنة تشير إلى أنه لايوجد أى أفق على أن الأزمات العربية التى تنهش فى الجسد العربى بكل شراسة يمكن أن نجد لها نهاية فى المدى المنظور، بل إن هذه الأزمات أصبحت مرشحة للتصاعد فى ظل الضعف الذى يعانيه الوضع العربى بصفة عامة، لافتا إلى وجود عوامل إقليمية ودولية تحول دون نجاح التحرك العربى فى حل أىٍ من هذه الأزمات، لكن اشار فى الوقت نفسه إلى أنه "ليس من المقبول ألا نتحرك عربياً بدعوى وجود هذه القيود".

وأكد اللواء محمد إبراهيم أنه فى ظل الاجتهادات المبذولة لتسوية بعض المشكلات العربية فى سوريا واليمن وليبيا، وهى كلها تسويات جزئية وبعيدة عن أن تصل إلى مرحلة التسوية الشاملة، انفجرت أزمة جديدة وعنيفة فى السودان وتعدت حدودها من مرحلة اختلافات الرؤى السياسية إلى مرحلة الصراع العسكرى بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وهو ما قد يؤدى إلى انزلاق السودان إلى مستنقع يمكن ألا تخرج منه إلا بعد سنوات طويلة.

وقال اللواء محمد إبراهيم فى مقال نشره بالأهرام تحت عنوان "الموقف العربى بين تفاقم الأزمات وحلم الطموحات": ومن الإنصاف القول إن أهم العوامل الرئيسية التى أدت إلى وصول بعض الدول العربية إلى هذه الحالة من التدهور تتمثل فى أن البيئة الداخلية لهذه الدول كانت مهيأة إلى حد كبير لتفجر الصراعات الداخلية بين المكونات والقوى المختلفة لأسباب متعلقة، سواء بالسيطرة على السلطة أو النفوذ أو الثروة وعدم وضع أسس واقعية لتسوية هذه الصراعات، وفى الوقت نفسه فقد سمحت هذه البيئة بتدخلات خارجية لاتهتم إلا بمصالحها الخاصة وتسقط من أجنداتها مصالح الدول العربية وشعوبها.

وأضاف فى نفس الوقت فقد رأينا أن التدخلات الخارجية أخذت أشكالاً مختلفة أقف فيها عند مسألة تعيين مبعوثين دوليين لحل الأزمات العربية وهو ماحدث بالنسبة لكل من ليبيا واليمن وفلسطين وسوريا وغيرها، وكأنه نوع من الوصاية ورسالة خارجية للعرب مفادها أن المؤسسة الجامعة للدول العربية غير قادرة على أن تمارس دورها المنوط بها بشأن حل هذه الأزمات. وإذا كان من المفترض أن تكون الجامعة العربية هى المؤسسة المؤهلة لبلورة وفرض الحلول الملائمة للمشكلات العربية من أجل تحجيم التدخل الخارجى إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك بل إن بعض الدول العربية أصبح أكثر ميلاً إلى الحلول المفروضة من الخارج.

وبالرغم من ذلك فإن قناعتى الكاملة مازالت تتمثل فى أن أسس تسوية أى مشكلة عربية يجب أن تنبع من داخل الدولة نفسها وليس من خارجها، ولكن يمكن القول إن الدور الخارجى إذا كان مطلوباً أو مفروضاً فيجب أن يكون دورا مساعدا وداعماً لمبدأ استقرار الدولة ووحدة أراضيها، وأن يبتعد عن التدخل السافر فى الشئون الداخلية للدولة واستغلال ثرواتها وإيجاد قواعد عسكرية له واستقطاب بعض القوى لمصلحته على حساب القوى الأخرى .

وأشار إبراهيم إلى أنه فى خضم التدخلات الخارجية المغرضة لابد من التنويه إلى نموذج إيجابى يجب أن يحتذى به وهو النموذج المصرى، حيث تتبنى القيادة السياسية المصرية ثلاثة مبادئ رئيسية أولها رفض التدخلات الخارجية فى الأزمات العربية نظراً لأنها تزيد من تعقيد الموقف، وثانيها أن أى خلافات داخلية يجب حلها من خلال الحوار والتوافق وليس بالمواجهات العسكرية، أما ثالث هذه المبادئ فيتمثل فى استعداد مصر للقيام بأى دور لحل هذه الأزمات، سواء فى إطار ثنائى أو فى إطار عربى .

وطرح اللواء محمد إبراهيم سؤال يثيره الجميع وهو هل هناك إمكانية لحل هذه الأزمات فى إطار عربى؟ وكيف يمكن الوصول إلى هذه المرحلة؟، وقال "وفى رأيى أنه بالرغم من أن الحلول العربية تبدو صعبة فإنها ليست مستحيلة رغم تعدد هذه الأزمات وتعقيداتها، وفى هذا المجال لابد من طرح حلول واقعية يمكن تنفيذها، ولكن بشرط رئيسى وهو ضرورة ديمومة التحرك العربى مهما تكن الصعوبات وعدم الاكتفاء بالبيانات والمناشدات.وقد يكون من المفيد تشكيل لجنة مصغرة بصفة عاجلة تضم فى عضويتها مبدئياً مصر والسعودية والإمارات وقطر والجزائر والأردن تقوم بمشاورات عربية سريعة تنتهى ببلورة وثيقة بالمبادئ الرئيسية المتوافق عليها لحل الأزمات العربية مع إعطاء أولوية للأزمة السودانية، وأن يتم عرض الوثيقة على القمة العربية المقرر عقدها فى الرياض يوم 19 مايو الحالى للحصول على التصديق عليها باعتبارها الرؤية العربية لأى تحرك مستقبلى.

وأكمل بقوله "وفى رأيى أن قمة الرياض تمثل فرصة متاحة لاستعادة جزء من البريق العربى لاسيما إذا ركزت على مبدأ المصالحة العربية ومحاولة تحقيق أهم النتائج التالية: -

عودة سوريا إلى الجامعة العربية فى إطار متوافق عليه ودون تأجيل.

بدء مرحلة انتقالية جديدة فى السودان يتم بناؤها على أسس قوية تقبلها كل القوى والمكونات السودانية أو أغلبيتها.

دعم السلطة الفلسطينية ودفع الجهود لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية خلال العام الحالى .

دعم الحلول السياسية للأزمة اليمنية خاصة فى ضوء اتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

بدء تنفيذ خريطة الطريق التى يمكن أن تقود إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية ليبية فى نهاية 2023 دون إقصاء لأحد.

وحتى تكتمل منظومة الجهود العربية وتؤتى ثمارها، لابد أن يكون التحرك السياسى مشفوعا بنقطتين رئيسيتين، الأولى تعيين مبعوثين عرب لحل الأزمات العربية مع منحهم الصلاحيات المطلوبة، والثانية تقديم مساعدات اقتصادية للدول العربية التى تعانى أزمات، بالإضافة إلى دعم الاستثمارات فى الدول التى فى حاجة إليها انطلاقاً من القناعة بأن الجهد السياسى المندمج مع الدعم الاقتصادى يمثلان جناحى استقرار المنطقة، وفى النهاية فمن المؤكد أن الفرص العربية مازالت متاحة لحماية الأمن القومى العربى فى مواجهة قوى خارجية نعلم جميعاً أهدافها.