"الفاشينيستات" في موريتانيا... غلة وفيرة ونظرة مسيئة

منذ 11 أشهر 114

نجمات في سماء الشهرة في موريتانيا بزغن خلال السنوات الـ10 الأخيرة، تطاردهن الفنادق والمطاعم الراقية من أجل جلسة إعلان لاستثماراتهم، وعلى رغم أجورهن المرتفعة التي تتخطى حاجز الـ10 آلاف دولار للإعلان الواحد، فإن الطلب عليهن ما زال متواصلاً في نواكشوط وكبريات المدن الموريتانية.

في بلد محافظ كموريتانيا ينظر معظم الناس إلى مهنة "الفاشينيستا" كاستعراض دخيل على ثقافة الحشمة التي ظلت تميز المرأة الموريتانية، إلا أن سيل العولمة الجارف، الذي ضرب المجتمع منذ عقدين، بدل الفكرة النمطية للغالبية المحافظة عن عمل "الفاشينيستات"، ولم يعد ينظر إليهن بطريقة تقليدية.

عصر الصورة

خلال الثورة الرقمية والتكنولوجية التي عرفتها موريتانيا منذ دخول الإنترنت، وانفتاح المجتمع على أكثر التطبيقات الاجتماعية انتشاراً مثل "فيسبوك" و"سناب تشات" و"تيك توك"، وغيرها من التطبيقات الذكية، التي أحدثت ثقافة جديدة للصورة والتدوين مع إمكانية مشاركتها مع أكبر جمهور ممكن من الأصدقاء والمتابعين، نشأ مجتمع موريتاني إلكتروني جديد له طقوسه وحياته الخاصة المتمردة على حياة المجتمع الكلاسيكي وعاداته التقليدية، التي تهاجم الصورة وترفض ظهور المرأة بكامل زينتها سواء من خلال صفحاتها على حسابات التواصل الاجتماعي أو من خلال خاصية بث مباشر شخصي يناقش قضية من قضايا الشأن العام أو تتطرق لإعلان تجاري تتحدث فيه "الفاشينيستا" عن جودة مادة استهلاكية ما مدفوعة الثمن.

ويرى المنتج الفني فؤاد الصفرة أن "العصر الحالي هو عصر الصورة الجميلة، والفاشينيستات الموريتانيات مطلوبات لتقديم الإعلانات لقاعدتهن الجماهيرية العريضة، التي تضمن انتشار ووصول المنتج لأكبر قدر ممكن من رواد الشبكة".

ثورة الإنترنت

في موريتانيا تتنافس شركات الاتصال في البلاد على تقديم باقات تتيح البقاء أطول وقت ممكن على الإنترنت، بأسعار تنافسية. سباق لكسب سوق خدمات الإنترنت، كانت نتيجته إقبالاً منقطع النظير على التطبيقات الاجتماعية والمنصات التفاعلية، "ما زاد من حسابات الموريتانيين على هذه التطبيقات وجعل حسابات بعض المؤثرين الموريتانيين تتجاوز حاجز الـ100 ألف متابع وهو رقم جيد للتسويق عبر هذه الحسابات، وخصوصاً حسابات الفاشينيستات اللاتي زاد إقبال التجار والمستثمرين والمؤسسات البنكية عليها خلال السنوات الخمس الأخيرة لمشاركة إعلانات بنكية أو تجارية لسلعة من السلع، لتجد طريقها سريعاً نحو المستهلكين، هذا مع ضعف سوق المقاولات الإعلانية في البلاد"، وغياب تنظيمها بحسب المصور الصحافي شياخ عالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"الفاشينيستا" والمجتمع

تقول "الفاشينيستا" مامه المصطفى، إن المجتمع الموريتاني لم يتقبل هذه الظاهرة في البداية نظراً إلى حداثتها، وهذا أمر طبيعي في كل المجتمعات، وهذا لا يقلل من شأنها ومع الوقت سيتقبلها المجتمع.

وتضيف: "هذا ما اعتمدت عليه أنا شخصياً وباقي الفاشينيستات الأوائل، في البداية واجهنا كثيراً من الانتقادات والسخرية، لكن في النهاية تقبلها المجتمع كأي عمل في العالم... وكأي مجتمع في العالم هناك محيط منغلق وآخر منفتح، وأنا بدأت من مجتمع منغلق وإنما يتطور ببطء، فما كنت أظن أنه سيتقبل ظاهرة الفاشينيستات. كل الانتقادات التي اعترضتني تقبلتها باعتبار أني أعي وجهة نظر المجتمع الذي لم يعتد على هذا النوع من القضايا وأنا أحترم رأي محيطي، وبطبيعة الحال ما زلت أواجه بعض الرفض وكثيراً من المشكلات لعدم تقبل البعض فكرة الفاشينيستات، لكنني مقتنعة بما أقوم به ولست مجبرة على الامتثال لما يريده المجتمع".

أرباح وأرقام

ما ظنه البعض أنها أرباح ضئيلة، تعود بنفع متواضع على الفاشينيستات والمؤثرات على شبكات التواصل الاجتماعي، كذبته عقود تجارية أبرمت معهن لتقديم خدمات إعلانية على مدار العام أو لمواسم محددة أبرمتها شركات تجارية معهن لاستغلال صفحاتهن للترويج للخدمات البنكية أو التجارية أو السلع أو مستحضرات التجميل، وكذلك بعض المطاعم.

عقود يتجاوز بعضها أحياناً حاجز الـ10 آلاف دولار، وهو رقم كبير بالنسبة إلى الإعلان الواحد بحسب المنتج موسى لبات، الذي قال إن "جلسات التصوير تأخذ في الاعتبار كلف الملابس الباهظة والأكسسوارات والتنقل بين أماكن تصوير مختلفة، وكلها أمور مكلفة، إضافة إلى أن عقد الإعلان يتضمن أحياناً ظهور الفاشينيستا في كافة إعلانات هذه الشركة أو تلك على مدار العام، أو في الأقل خلال موسم كامل"، بحسب تعبيره .

وفي وقت يواصل فيه المجتمع التقليدي انتقاد "الفاشينيستات" بسبب ظهورهن عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال الإعلانات، يرى آخرون أنه من حق المرأة الظهور بالطريقة التي تراها مناسبة بعيداً من قيود المجتمع ووصايته، وذلك في وقت تزداد فيها أعداد المتابعين لصفحات "الفاشينيستات".