العمل عن بعد بلا حدود جغرافية... حل لشركات التكنولوجيا بمواجهة نقص الأدمغة

منذ 1 سنة 134

في هذا النوع من العمل، بات تناول القهوة والحلويات مع الزملاء من الماضي، وحل محله الاجتماعات عبر الشاشات. هذا الاتجاه ليس جديداً تماماً في المهن التقنية، لكنه اكتسب زخماً منذ جائحة كوفيد.

بمواجهة نقص الأدمغة، تتنافس شركات التكنولوجيا لاستقطاب أصحاب المواهب، لكن العمل يحصل عن بُعد، والموظفون يكونون أحياناً في الجانب الآخر من العالم.

غادر نيكولا بيسيمييه أخيراً سيليكون فالي للإقامة في رينو بولاية نيفادا، من أجل وظيفة عن بُعد بالكامل (ما يُعرف بـ"فول ريموت") لحساب موقع "هوبر" المتخصص في مقارنة أسعار الرحلات الجوية. وبعد صرفه من غوغل التي أعلنت أخيراً الاستغناء عن 12 ألف وظيفة، لم يجد بيسيمييه صعوبة في إيجاد شركة جديدة مهتمة بالإفادة من مهاراته في تطوير البرمجيات.

ويروي بيسيمييه من مقر إقامته الجديد الذي يستخدمه أيضاً مكتباً له "الـ+فول ريموت+ يعطينا إمكانية اختيار المكان الذي نريد الإقامة فيه، مع حرية تغييره في حال غيّرنا رأينا بعد شهرين".

وفي الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، يعمل جوردان بيتييه (35 عاماً) مطوراً معلوماتياً لحساب شركة "غورجياس" الفرنسية الأميركية العاملة في مجال التجارة الإلكترونية. وهو يعمل أيضاً من منزله، في مدينة غرونوبل في جبال الألب الفرنسية، وهو ما يصفه بأنه إطار "أكثر ملاءمة للحياة العائلية" مقارنة مع باريس.

ويقول "لقد تحدثت إلى مديري عن نقل مقر إقامتي، فلم يكن لذلك أي أهمية لديه لأني أعمل عن بُعد بصورة كاملة".

ومع فرق عمل منتشرة في فرنسا وصربيا وكندا، يجد مؤسس "غورجياس" رومان لابير نفسه من سان فرانسيسكو على رأس موظفين في مناطق زمنية مختلفة.

ويقول لابير "اختيار العمل عن بعد بالكامل سمح لنا بتسريع عملية التوظيف في وظائف الهندسة وتطوير المنتجات. يمكننا تالياً الإفادة من مجموعة أوسع من المواهب"، مع طريقة تنظيم هجينة تجمع العمل عن بُعد بصورة كاملة أو جزئية تبعاً للمناطق.

هذا الاتجاه دفع إلى إنشاء الشركة الأميركية "ريموت" التي تأسست في عام 2019 لربط الشركات "أينما كانت، مع أشخاص مؤهلين، في كل مكان في العالم"، كما توضح مارغريت مونروز، المسؤولة عن الشركة في فرنسا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ.

وتوظف الشركة حوالى ألف شخص في 70 دولة يعملون أيضاً عن بعد، من المحاسبة إلى الموارد البشرية.

توظيف أرخص

في هذا النوع من العمل، بات تناول القهوة والحلويات مع الزملاء من الماضي، وحل محله الاجتماعات عبر الشاشات. هذا الاتجاه ليس جديداً تماماً في المهن التقنية، لكنه اكتسب زخماً منذ جائحة كوفيد. كما أن موجات الصرف الكثيرة التي أعلنتها شركات التكنولوجيا الكبرى لا تغير شيئاً، بحسب متخصصين في القطاع يرون أنها وسيلة للشركات للتميز في البحث عن المواهب.

ويقول نيكولا بيسيمييه "كانت لدي خيارات وظيفية كثيرة بعد ترك غوغل، وبالنسبة لي، كانت إمكانية العمل بالكامل عن بعد عاملاً مهماً" في اختيار الوظيفة الجديدة.

يتيح تنظيم العمل هذا أيضاً إمكانية التوظيف بأجور أقل بكثير. على سبيل المثال، بحسب تقرير صادر عن شركة "غارتنر" الأميركية في عام 2022، يتقاضى مهندس البيانات 17400 دولار سنوياً في نيودلهي، مقارنة بـ187 ألف دولار في سان فرانسيسكو.

الميزة إدارية أيضاً، على ما يشرح سيريل دوبوي، من شركة "ميريتيس" الاستشارية. ويقول "من قبل، كانت الشركة تتخذ كل الإجراءات اللازمة لاستقدام موظف من بلد آخر، مع كل ما يترتب على ذلك من تأخيرات إدارية. لكنّ إمكانية العمل عن بعد بالكامل حطمت الحواجز المرتبطة بالإجراءات الإدارية، وبات يمكن القيام بكل شيء عن بُعد، حتى من مناطق بعيدة للغاية".

وتضيف مارغريت مونروز من شركة "ريموت"، "لقد شهدنا سابقاً هجرة للأدمغة، على سبيل المثال من أوروبا أو إفريقيا أو آسيا إلى الولايات المتحدة. اليوم، مع ظهور مواهب العمل عن بعد (...) يمكن لهؤلاء البقاء في بلدهم الأصلي".

لكن لهذه الطريقة أيضاً عيوبها، مثل صعوبة دمج الموظفين المبتدئين، وثقافة الشركة التي يصعب نقلها أو الجداول الزمنية المتداخلة للغاية.

وقد عانى جوردان بيتييه من هذه العقبات، عندما كان يدير "فريقاً من الموظفين في باريس وكيبيك وبوخارست وسياتل". ويقول "كانت لدينا فروق في التوقيت تصل إلى عشر ساعات من الشرق إلى الغرب. لقد كان الأمر متعباً". وبنتيجة ذلك، بدأ القطاع في التوظيف تبعاً للمناطق الزمنية، من أجل مزيد من السلاسة في العمل.