العلاج المضاد للأميلويد قد يبقي أعراض الزهايمر تحت السيطرة لدى بعض المرضى

منذ 1 يوم 17

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يمتلك العلماء لأول مرة أدلة تُفيد بأنّ استخدام دواء بيولوجي لإزالة لويحات بيتا أميلويد اللزجة من أدمغة الأشخاص المعرّضين للإصابة بالزهايمر قد يؤخّر المرض.

اختبر الباحثون علاجات لإزالة الأميلويد في مجموعة من الأشخاص عثروا لديهم على طفرات جينية نادرة تجعل إصابتهم بمرض الزهايمر شبه مؤكدة. 

لم تشمل هذه الدراسة الصغيرة سوى بضع عشرات من المشاركين، وهي متابعة لتجربة عشوائية محكومة لم تجد أي فوائد تُذكر لدى الأشخاص الذين تناولوا أحد العلاجين لخفض الأميلويد مقارنةً بالعلاج الوهمي.

لا تتضمّن الدراسة الموسّعة مجموعة ضابطة تناولت العلاج الوهمي، لذا قد تكون عرضة لتحيزات مهمة وفق خبراء قالوا إن النتائج على أهميتها، يجب تفسيرها بحذر.

تُعدّ هذه الدراسة التي انطلقت في عام 2008، جزءًا من جهد بحثي يُسمى "شبكة مرض الزهايمر الوراثي (DIAN). 

وجدت الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة لانسيت لعلم الأعصاب الأربعاء، أنّ خطر ظهور الأعراض انخفض إلى النصف لدى مجموعة صغيرة من 22 مريضًا لم تُظهر عليهم أي مشاكل في الذاكرة أو التفكير، وكانوا يتناولون دواء غانتينيروماب لخفض الأميلويد  لمدة ثماني سنوات كمعدل وسطي. 

حققت النتائج دلالة إحصائية في جزء واحد من التحليل، لكن ليس في أجزاء أخرى، الأمر الذي حيّر الخبراء الخارجيين الذين واجهوا صعوبة في فهم النتائج المعقدة.

وأفادت الدكتورة تارا سبايرز جونز، مديرة مركز اكتشاف علوم الدماغ في جامعة إدنبرة، غير المشاركة في البحث، ببيان لوسائل الإعلام: "رغم أنّ هذه الدراسة لا تثبت بشكل قاطع إمكانية تأخير ظهور مرض الزهايمر، وتستخدم دواءً من غير المرجح أن يكون متاحًا، إلا أن النتائج تُعتبر واعدة علميًا". 

يعتقد مؤلفو الدراسة أنه إذا بدأ الأشخاص العلاج باكرًا بما يكفي واستمروا بتناوله لفترة كافية، فقد يؤدي ذلك إلى الحد من تطوّر المرض، ربّما لسنوات.

وقال مؤلف الدراسة الدكتور إريك ماكدادي، وهو أستاذ علم الأعصاب في جامعة واشنطن بسانت لويس إنها "أول بيانات تُشير إلى احتمال وجود تأخير كبير في ظهور الأعراض".

تحتوي الدراسة وفقًا لماكدادي على أطول بيانات متوفرة لأي مريض بدأ العلاج البيولوجي الخافض للأميلويد، فيما لا يزال خاليًا من الأعراض.

وأوضح: "نعتقد أن هناك تأخيرًا بظهور الأعراض الأولية، ربما لسنوات، ثم لدى الأفراد الذين يعانون من أعراض خفيفة، انخفض معدل تطور المرض لديهم إلى النصف تقريبًا".

لكن تحقيق هذه النتيجة التي تدعو للتفاؤل وطال انتظارها يترافق مع خوف جراء انتهاء منحة المعاهد الوطنية للصحة في أيار/مايو. وبحسب مكدادي، سينتهي بهم المطاف بوضع صعب للغاية.

قد يُحرم المرضى من إمكانية الحصول على أدوية الدراسة، خصوصًا إذا كانوا في دول لم تُعتمد فيها هذه الأدوية. إذا لم يتمكن المرضى من الاستمرار في تناول الأدوية، فلن يتمكّن الباحثون أبدًا ربما من معرفة مدى استمرارية فائدتها أو الإجابة على أسئلة جوهرية مثل: من هم الأشخاص الذين تُناسبهم هذه الأدوية على أفضل وجه؟

وأشار مكدادي إلى أنّ الحفاظ على المجموعة التي تناولت أدوية الأميلويد لأطول فترة "أمر بالغ الأهمية".

بدأت الدراسات طويلة الأمد تؤتي ثمارها. وفي ثمانينيات القرن الماضي، اكتشف باحثون يدرسون أدمغة مرضى الزهايمر بعد تشريحها أنها مسدودة بلويحات لزجة مصنوعة من بروتينات بيتا أميلويد، وتشابكات سامة مصنوعة من بروتين يُسمى تاو. 

افترض الباحثون أنّ إزالة هذه البروتينات من الدماغ قد يؤخر المرض أو حتى يعكس مساره، وبدأوا بالبحث عن علاجات قادرة على ذلك.

لعقود، اختبر العلماء مجموعة من الأدوية البيولوجية التي تتعرّف إلى بروتينات بيتا أميلويد وتزيلها، وكانت نتائجها غالبُا باهتة.

في التجارب السريرية بمراحلها الأخيرة، التي شملت أكثر من 1800 شخص مصاب بمرض الزهايمر في مراحله المبكرة، أبطأ أحد هذه الأدوية، غانتينيروماب، تطور الأعراض مقارنةً بالعلاج الوهمي، لكن فائدته لم تكن كبيرة بما يكفي لاجتياز اختبار الدلالة الإحصائية، ما يعني أن النتيجة قد تكون محض صدفة. واعتُبر دواءً فاشلاً.

في الأثناء، استوفى دواءان مشابهان أي ليكانيماب (أو ليكمبي)، ودونانيماب (أو كيسونلا)، شروط إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وحصلا على الموافقة لعلاج مرضى الزهايمر لدى الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة.

يُعتبر سعر العلاجين باهظا، وقد يُسببان تورمًا في الدماغ. وفي التجارب السريرية، يُؤخران تطوّر الأعراض لأشهر مقارنةً بالعلاج الوهمي. وتدفع هذه الفوائد المتواضعة بعض الأطباء والمرضى إلى الابتعاد عن استخدامهما.

اختبر الباحثون غانتينيروماب على أشخاص لديهم طفرات جينية تُهيئهم للإصابة بمرض الزهايمر، وحصلوا على إذن من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لمواصلة استخدام الدواء لأطول فترة ممكنة. وعندما لم يتمكنوا من إبقاء المشاركين على غانتينيروماب لفترة أطول، قاموا بتحويلهم إلى دواء ليكانيماب.

بصيص أمل

في هذه الدراسة، استعان الباحثون بأعضاء من شبكة DIAN ممّن كانوا طبيعيين إدراكيًا أو ممن ظهرت عليهم أعراض خفيفة فقط، قبل 15 عامًا من التشخيص وبعد 10 أعوام من التشخيص. وقدّر الباحثون العمر المحتمل عند التشخيص بالنظر إلى الأعمار التي بدأت تظهر فيها الأعراض على أفراد آخرين من العائلة.

في المرحلة الأولى من الدراسة، وُزّع المشاركون عشوائيًا لتناول إما غانتينيروماب، أو دواء آخر لخفض الأميلويد يُسمى سولانيزوماب، أو دواء وهمي. واستمرت هذه الدراسة من نهاية عام 2012 إلى بداية عام 2019.

في نهاية تلك الدراسة، سمح الباحثون للمشاركين الذين أنهوا الدراسة بمواصلة تناول غانتينيروماب بجرعات متزايدة لمدة ثلاث سنوات. واستمر هذا التمديد في 18 موقعًا للتجارب السريرية في سبع دول. في عام 2023، أوقفت شركة روش، وهي الشركة الراعية للدواء، تطوير غانتينيروماب بعد نتائج دراسة مخيبة للآمال جعلت من غير المرجح أن توافق عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.

تفيد الدراسة التي صدرت الأربعاء بنتائج هذا التمديد، حيث كان جميع المشاركين الـ73 الذين واصلوا العلاج، يعرفون أنهم يتناولون الدواء.

حقق المشاركون في الدراسة الذين تناولوا غانتينيروماب، سواءً خلال الجزء مزدوج التعمية والمُضبط بدواء وهمي، أو في المرحلة المفتوحة فقط، فائدةً متواضعة. انخفضت احتمالات ظهور الأعراض لديهم بنحو 20%، لكن النتيجة لم تكن ذات دلالة إحصائية.

بالنسبة للأشخاص الـ22 الذين تناولوا غانتينيروماب لأطول فترة، بمتوسط ​​ثماني سنوات، كانت الفائدة أكبر، وذات دلالة إحصائية جزئية على الأقل. 

خفّض الدواء خطر ظهور الأعراض لديهم بنحو النصف مقارنةً بالأشخاص الذين شاركوا في جزءٍ من الدراسة قائم على المراقبة، حيث كان الباحثون يراقبون تقدم حالة المشاركين من دون علاجهم.

حاجة إلى مزيد من البحث

أكد باحثون غير مشاركين في الدراسة أنه رغم صغر حجمها وعدم خضوعها للتحكم الوهمي، واعتمادها على بيانات أولية، إلا أنها تستحق الاهتمام.

كتب الدكتور بول آيسن، وهو مدير معهد أبحاث علاج الزهايمر بجامعة جنوب كاليفورنيا، لـCNN: "في سياق كل ما تعلمناه عن أهمية إزالة الأميلويد في مرض الزهايمر المتقطع، تُعتبر هذه البيانات مُشجعة".

وقال آخرون إن نتائج البحث الأخير يصعب تفسيرها، نظرًا للتحيزات المحتملة لدى عينة الدراسة.

ولم يقتنع الدكتور مايكل جريسيوس، وهو أستاذ علم الأعصاب بجامعة ستانفورد، غير المشارك في الدراسة بأن هناك مؤشرًا واضحًا على نجاح هذه الطريقة.