العالم مشتّت في مواجهة رفع القيود الصحية في الصين

منذ 1 سنة 188

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 30/12/2022 - 17:00

مسافرة تنتظر خارج محطة سكة حديد بكين مع حقيبتها في بكين، الصين 2022.

مسافرة تنتظر خارج محطة سكة حديد بكين مع حقيبتها في بكين، الصين 2022.   -   حقوق النشر  Ng Han Guan/Copyright 2022 The AP. All rights reserved.

انضمت الولايات المتحدة إلى عدد متزايد من الدول التي قرّرت فرض ضوابط على الركاب القادمين من الصين، في ظل إجراءات احتياطية اعتبرها رئيس منظمة الصحة العالمية "مفهومة"، بالنظر إلى نقص المعلومات من بكين بعد رفع القيود المفروضة على مكافحة كوفيد.

غير أنّ السلطات الصحية في الصين أكدت الخميس أنها دأبت على نشر البيانات "حرصاً منها على الانفتاح والشفافية"، وفق تصريحات نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة عن جياو ياهوي، المسؤول في لجنة الصحة الوطنية، قوله مساء الخميس "لطالما نشرت الصين بياناتها حول وفيات كوفيد-19 والحالات الخطيرة رغبة منها في الانفتاح والشفافية".

وأعلن المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها الجمعة عن 5515 حالة جديدة فقط ووفاة واحدة. ويبدو أنّ هذه الأرقام لم تعد تعكس الواقع، لأن الفحوص على نطاق واسع لم تعد مطبقة.

في هذه الأثناء، أعربت وكالة الصحة التابعة للاتحاد الأوروبي عن اعتقادها بأن فرض فحوص كوفيد إلزامية على المسافرين الآتين من الصين "غير مبرر".

وقال المركز الأوروبي لمراقبة الأمراض والوقاية منها، إنه لا يعتقد أنّ ارتفاع عدد الإصابات في الصين سيؤثر على الوضع الوبائي في التكتل "نظرا للمناعة السكانية الأعلى ضمن بلدان الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، إضافة إلى أنه سبق أن ظهرت وتبدلّت لاحقاً المتحوّرات المنتشرة حالياً في الصين".

بعد ثلاث سنوات من ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس كوفيد في ووهان (وسط)، ألغت الصين فجأة في السابع من كانون الأول/ديسمبر سياستها الصارمة المعروفة بـ"صفر كوفيد".

وكانت هذه السياسة المعتمدة منذ العام 2020، سمحت بحماية السكان إلى حد كبير من الفيروس، بفضل الاختبارات المعمّمة، والمراقبة الصارمة للتحرّكات وأيضاً للحجر الإلزامي والصحّي بمجرّد اكتشاف الحالات.

غير أنّ هذه الإجراءات القاسية، التي أبقت البلاد معزولة إلى حدّ كبير عن بقية الكوكب، وجّهت ضربة قاسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم وأثارت سخطاً غير عادي في تشرين الثاني/نوفمبر.

منذ رفع القيود، امتلأت المستشفيات بالمرضى، وغالبيتهم من كبار السن والضعفاء بسبب عدم التطعيم، في حين يفتقر العديد من الصيدليات إلى أدوية خفض الحمى.

"تدابير مُكيَّفة"

أبقت الصين حدودها مغلقة إلى حد كبير أمام الرعايا الأجانب منذ العام 2020. وأوقفت الدولة إصدار التأشيرات السياحية منذ حوالى ثلاث سنوات، بينما تفرض الحجر الصحي الإلزامي عند الوصول. وسيتم رفع إجراء الحجر هذا في الثامن من كانون الثاني/يناير، ولكن لا يزال يتعيّن إجراء اختبار "بي سي آر" قبل 48 ساعة.

ورداً على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى بينها إيطاليا واليابان، أنها ستفرض إظهار فحوص كوفيد-19 سلبية على جميع الوافدين من البر الرئيسي للصين. كذلك، اتخذت كوريا الجنوبية القرار ذاته الجمعة، ويسري حتّى "شباط/فبراير من العام المقبل"، حسبما أعلن رئيس حكومتها هان دوك سو.

في فرنسا، طلب الرئيس إيمانويل ماكرون من الحكومة "اتخاذ تدابير مناسبة لحماية" الفرنسيين. وفي بروكسل، لم يؤدّ اجتماع غير رسمي عقدته المفوضية الأوروبية، بهدف وضع "نهج منسّق" للدول الأعضاء، إلى اتخاذ قرار بطريقة أو بأخرى.

وحثت إيطاليا يوم الخميس بقية بلدان الاتحاد الأوروبي على أن تحذو حذوها، لكن فرنسا وألمانيا والبرتغال قالت إنها لا ترى ضرورة لفرض قيود جديدة في حين شددت النمسا على المزايا الاقتصادية لعودة السائحين الصينيين إلى أوروبا.

وفرضت الحكومة الإسبانية الجمعة على المسافرين القادمين من الصين إجراء "فحوصات" في مطاراتها للتأكد من عدم اصابتهم بكوفيد.قالت وزيرة الصحة الاسبانية كارولينا دارياس في مؤتمر صحافي إنه سيُطلب من هؤلاء الوافدين "الدليل على أن فحوصهم سلبية (...) أو شهادة تطعيم بالكامل" من دون أن تذكر موعد دخول الإجراء حيز التنفيذ..

واوضحت الوزيرة الاسبانية أن "مصدر القلق الرئيسي يكمن في احتمال ظهور متحورات جديدة غير منضبطة في الصين" مؤكدة أن هذا الإجراء سيشكل "أفضل ضمان لسلامة الجميع".

وأعربت وكالة الصحة التابعة للاتحاد الأوروبي الخميس عن اعتقادها بأن فرض فحوص كوفيد إلزامية على المسافرين الآتين من الصين "غير مبرر".

واوضح المركز الأوروبي أنه لا يعتقد أن ارتفاع عدد الإصابات في الصين سيؤثر على الوضع الوبائي في التكتل "نظرا للمناعة السكانية الأعلى ضمن بلدان الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، إضافة إلى أنه سبق أن ظهرت وتبدلّت لاحقا المتحورات المنتشرة حاليا في الصين".

وأضاف أن عدد الإصابات القادمة من الخارج "منخفض" مقارنة مع الأعداد المسجّلة محليا يوميا والتي يمكن للأنظمة الصحية "حاليا التعامل معها". في مطار العاصمة بكين الدولي، أبدى معظم الصينيين الذين قابلتهم وكالة فرانس برس الخميس تفهّمهم للإجراءات المتخذة تجاه الصين.

"بدون فائدة"

وقال هوانغ هونغ شو الذي يبلغ من العمر 21 عاماً، إنّ "لكلّ دولة مخاوفها وطريقتها الخاصة في حماية نفسها"، مشيراً إلى أنّ الانتشار المحتمل لمتحوّرات جديدة كان مدعاة للقلق. وقال مسافر لوكالة فرانس برس إنّ هذه الإجراءات "غير مجدية". وأوضح هو الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل "إنّه تمييز نوعاً ما".

وأشار الشاب البالغ من العمر 22 عاماً إلى إنّه في الصين "يتم تطبيق سياسة كوفيد الخاصة بنا على الوافدين الدوليين بالطريقة نفسها كما الجميع"، متسائلاً "لماذا تعامل الدول الأخرى القادمين من الصين بشكل خاص؟". على جبهة الوباء، تكافح المستشفيات طفرة في الحالات التي تصيب كبار السن بشكل أكبر.

في شنغهاي، شاهد صحافيو وكالة فرانس برس الخميس مرضى يضعون أقنعة يُنقلون على نقّالات إلى مستشفى في المدينة. في داخل المستشفى، اشتكى أحد المرضى من أنه انتظر أربع ساعات للحصول على أدوية.

" قيود تمييزية"

قالت وسائل إعلام رسمية صينية إن شروط فحص كوفيد-19 التي طبقتها عدة بلدان حول العالم بسبب زيادة الإصابات بالمرض في الصين "تمييزية"، في أوضح رد حتى الآن على القيود التي تبطئ إعادة فتح البلاد.

وقالت صحيفة جلوبال تايمز الرسمية في مقال نُشر في وقت متأخر يوم الخميس "النية الحقيقية هي تخريب جهود الصين على مدى ثلاثة أعوام للسيطرة على كوفيد-19 ومهاجمة نظام البلاد"، ووصفت القيود بأنها "بلا أساس" و"تمييزية".

وأثارت الولايات المتحدة مخاوف من متحورات محتملة للفيروس أثناء انتشاره في أكثر بلدان العالم سكانا، فضلا عن شفافية البيانات التي تعلنها الصين. وذكرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أنها تدرس فحص عينات من مياه الصرف من طائرات دولية لرصد أي متحورات جديدة.

وأعلنت الصين تسجيل وفاة جديدة بكوفيد-19 يوم الخميس وهي نفس حصيلة اليوم السابق. ولا تتماشى هذه الأعداد مع ما شهدته بلدان أخرى في العالم بعد إعادة الفتح. وبلغ إجمالي الوفيات الرسمية في الصين منذ بدء الجائحة 5247، مقارنة مع أكثر من مليون في الولايات المتحدة. وسجلت هونج كونج الخاضعة للحكم الصيني أكثر من 11 ألف وفاة.

وقال وو تشون يو كبير خبراء الأوبئة في الصين يوم الخميس إن فريقا من المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها يعتزم تقييم الوفيات على نحو مختلف. وأضاف أن الفريق سيرصد الفرق بين عدد الوفيات في الموجة الراهنة من الإصابات وعدد الوفيات المتوقع في حال لم تحدث الجائحة. وعن طريق حساب "الزيادة في الوفيات" ستحدد الصين ما قد لا يكون جرى تقييمه على النحو المطلوب.

وقالت الصين إنها تحصي فقط وفيات المصابين بكوفيد الناتجة عن الإصابة بالتهاب رئوي وفشل تنفسي في الوفيات الرسمية الإجمالية بالمرض.