لا تزال «كعكة التمويل» في قمة المناخ بشرم الشيخ لم تخبز بعد، ولا تزال الخلافات حول المكونات، والجهة التي ستتولى تجميعها وإنضاجها، لتقوم بعد ذلك بتوزيعها، محل خلاف واستقطاب حاد بين الشمال والجنوب، ومع ذلك؛ فإن الشعوب الأصلية يحدوها أمل في أن تسفر الساعات الأخيرة من القمة عن جديد يقود إلى حصولهم على نصيب من تلك «الكعكة التمويلية». وحتى أمس (الجمعة)، الموعد الرسمي لختام القمة، لم يتم الاتفاق على الملف التمويلي الشائك، المتعلق بتمويل الخسائر والأضرار، وهل ستكون هناك آلية تمويلية منفصلة تتولى تجميع الأموال لتوزيعها على المتضررين، أم سيتم ذلك من خلال المؤسسات التمويلية القائمة، مثل «الصندوق الأخضر للمناخ»، وهو المقترح الذي تتبناه الولايات المتحدة. غير أن ذلك لم يمنع الشعوب الأصلية من التمسك بأمل حدوث اختراق في اليوم التالي للموعد الرسمي لختام القمة، حيث أعلنت الرئاسة المصرية للقمة عن يوم إضافي لهذه المفاوضات الصعبة.
والشعوب الأصلية، هي جماعات اجتماعية وثقافية تتشارك في روابط جماعية متوارثة عن الأجداد بالأراضي والموارد الطبيعية التي تعيش عليها، وترتبط هذه الأراضي والموارد ارتباطاً وثيقاً بهوياتها وثقافاتها، وأساليب معيشتها، وكذلك رفاهيتها المادية والروحية.
ووفق البنك الدولي، فإن هناك ما يقرب من 476 مليوناً من أفراد الشعوب الأصلية في أكثر من 90 بلداً حول العالم، ورغم أنهم لا يمثلون إلا نحو 6 في المائة من سكان العالم، فإنهم يشكلون نحو 15 في المائة من الفقراء المدقعين.
يقول بول جوسيف بيليسارو، من الفلبين، وأحد العاملين بمنظمة الحركة الدولية للشعوب الأصلية من أجل تقرير المصير والتحرير (IPMSDL) لـ«الشرق الأوسط»: «لقد شارك ما يقرب من 250 شخصاً يمثلون الشعوب الأصلية في قمة المناخ هذا العام، عبر جناح مخصص لهم أشرفت عليه الحركة، وقد جاءوا إلى القمة ليؤكدوا أنهم أكثر الفئات تضرراً من تغيرات المناخ، ويجب أن تشملهم أي حلول تمويلية يتم الاتفاق عليها».
من جانبها، تمنت سوده والت أبو بكرين، من منطقة الساحل الأفريقي، المنتمية إلى شعب الطوارق في أفريقيا، أن «يصل المفاوضون إلى جديد خلال الساعات المقبلة، حتى يفتحوا الباب للشعوب الأصلية لخوض معركة جديدة للمطالبة بحصتها في هذه الأموال».
وبنبرة حزينة بدت متوافقة مع الحالة السائدة في أورقة القمة، قالت سوده، التي تشغل منصب الأمين العام لجمعية «تين هينان»، التي تأخذ من اسم ملكة قبائل الطوارق التي حكمت ثلث القارة الأفريقية في القرن الرابع الميلادي، اسماً لها «نحن الشعوب الأصلية حراس النظم البيئية، ومع ذلك فإننا لا نحصل إلا على الفتات من أي تمويل، وعلينا أن ننتظر اتفاقهم على التمويل لنخوض حرباً أخرى للحصول على حصتنا منه». مضيفة «نحن نشارك في هذه القمة بأوراق اعتماد كمراقبين، لكن مطلبنا العادل هو أن يتم اعتبارنا جزءاً من المفاوضات اعتباراً من العام المقبل في (كوب28)، حتى نستطيع تحويل مطلبنا بالحصول على الحصة التمويلية إلى نص رسمي». من جانبه، قال خوليو سيزار، أحد أفراد قبيلة إنجا الذين يعيشون في بوتومايو في غابات الأمازون المطيرة بكولومبيا «الأموال الضئيلة التي وفّرتها الحكومات، والجهات المانحة للتكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره، نحصل منها نحن حراس النظم البيئية على الفتات، فكل الأموال تذهب لدفع أجور الاستشاريين وتكاليف المكاتب المكيفة».
وبينما يطالب سيزار الحكومات بأن تضعهم على أولويات تمويل «الخسائر والأضرار» عندما تحصل على الأموال من الجهات المانحة، يتساءل نورين أحمد يحيى، الذي ينتمي إلى مجموعة «الشعب الفولاني»، وهي واحدة من أكبر المجموعات العرقية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا «لماذا لا تكون لنا حصة تصل بشكل مباشر إلى الجمعيات والمؤسسات المعنية بالشعوب الأصلية، مثل (مؤسسة رابطة نساء الفولاني من السكان الأصليين في تشاد AFPAT)، والتي تحملت نفقات مشاركة وفد (الشعب الفولاني) بالقمة».
ولا يتوقع نورين، الذي يدرس الفيزياء بكلية التربية بإحدى جامعات تشاد، أن تصل هذه القمة إلى نتيجة، قائلاً بنبره خافتة «جئنا إلى القمة مفعمين بالأمل، لكن كما تلحظ اليوم، تشاهد مشاعر الإحباط على الوجوه».
لا يصلها «إلا الفتات» رغم أنها أكثر الفئات تضرراً من تغيّرات المناخ
السبت - 25 شهر ربيع الثاني 1444 هـ - 19 نوفمبر 2022 مـ رقم العدد [ 16062]
مجموعة من النساء في أحد أنشطة جمعية «تين هينان» (جمعية تين هينان)
شرم الشيخ: «الشرق الأوسط»
مصر اتفاقية المناخ