شَهِدَ العالمُ في العقودِ الماضية ما هو أهم وأخطر من انهيار جدار برلينَ ولجوء الاتحاد السوفياتي إلى المتاحف. شهد انفجارَ المعارفِ وثورات علمية وتكنولوجية متلاحقة وضعتنا في رحابِ التحول الرقمي والذكاءِ الصناعي. ويقيمُ الإعلامُ أصلاً على خطِّ الزلازل. وظيفته أن ينقلَ الأخبارَ والمستجدات والتحولات. وأن يساعدَ القارئَ في فهم عالمٍ يتغير. وبين الصحيفةِ بأوراقِها ومنصاتِها والمتلقي علاقةٌ صعبةٌ لا تدوم إلا إذا فازت بثقتِه، وواكبت تطلّعاتِه وحاجاتِه. وأجملُ المواعيدِ ما كانَ في المستقبل.
لا يقيمُ الإعلامُ الحيُّ على ضفة النهر. ينخرط في السباحة. في ماءٍ دائمِ التجدد. ولهذا يعتبر القلقُ شرطاً من شروط بقاءِ الصحافة حيَّةً. الإفراطُ في القناعة والطمأنينة يقتل روحَ المهنةِ القائمة على التربُّصِ والتوثُّبِ والإبحار دائماً نحو أهدافٍ أبعد. وهو قرار اتخذته «الشرق الأوسط» بدعمٍ كاملٍ من الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام SRMG الأستاذة جمانا الراشد وفريقِها المميز.
وُلدت «الشرقُ الأوسط» لتكونَ صحيفةَ العرب الدولية. تنقل إلى قارئَها العربيّ ما يشهده العالم من عواصفَ واختراعاتٍ وتيارات وتضع في تصرف القارئ البعيد ما يساعدُه على فهم المنطقة التي ننتمي إليها. ومن نافذة «الشرق الأوسط» رأى الصحافيون والقراءُ العالمَ يتغيَّر والمنطقة تتغيَّر على رغم ما انتابَها من نزاعاتٍ وتمزقات. وكان على الصحيفة أن تنقلَ ذلك متسلحةً بمهنيَّتِها وموضوعيتها وخيارِ الاعتدال وقبولِ الآخر. ومن النافذة ذاتها كان يمكن قراءةُ نهرِ الاكتشافات والاختراعات والأفكار.
في عالم تتسارعُ وتائرُ التطور التكنولوجي فيه، لا تستطيع مؤسسةٌ حيًّةٌ الجلوسَ على ضفة النهر. الخيار الوحيد هو الانخراط والاغتناء وتحديث الذهنيات وتطوير الأساليب. وها هي «الشرق الأوسط» شابة في الخامسة والأربعين. وهو عقد ذهبي بامتياز. يتيح لقاءَ الشباب المتوهِّج بالخبرة المتراكمة ولقاء روح العصر بالإرث العريق.
في «الشرق الأوسط» على اختلاف منصاتها يلتقي صحافيون وصحافيات وكتابٌ من مختلف أنحاءِ العالم العربي، ما يُسهّل تمازج خبراتٍ تحت مظلة السعي إلى التميز والريادة. والمؤسسات الإعلامية، كما فرق كرة القدم، تحتاج إلى المهاجمِ والمدافع وحارسِ المرمى والمدرب وصقل المهارات والتدريب لصناعة أوركسترا تخضع في النهاية لامتحان القارئِ والمتصفح.
خيار «الشرق الأوسط» الدائمُ هو النهوضُ بمسؤولياتها تجاه قرائها والاستجابة للتحديات. شعورها بثراء مضمونِها السياسي والاقتصادي والثقافي والرياضي والعلمي والتكنولوجي يلزمها الذهاب أبعدَ وإلى أجيال جديدة. وها هي تطلُّ بحلَّةٍ جديدة رقمية وورقية تشمل تجديدَ الروح والأساليب معاً، وهي تراهن دائماً على قرائها وتقبل حكمهم. «الشرق الأوسط» التي تعتزُّ بقرائها وصحافييها وكتابِها تعتبر تحدياتِ العصر فرصةً، ولهذا اختارت أن تفتحَ نوافذَ المستقبلِ على مصراعيها.