الشتاء في الموروث الشعبي الأردني معتقدات تتوارثها الأجيال

منذ 1 سنة 225

يرتبط #فصل_الشتاء بالنسبة إلى الأردنيين بكثير من #الموروثات_الشعبية والتسميات التي تتوارثها الأجيال وترصد تقلبات الطقس خلال نحو أربعة أشهر متواصلة، فيما لا تزال بعض المعتقدات والتقاليد الشتوية صامدة حتى اليوم.

فمن "المربعانية" إلى "الخمسينية"، مروراً بـ"سعد الذابح" و"سعد السعود"، يضبط أردنيون توقيتهم الشتوي على هذه الأوقات التي ارتبطت منذ القدم بدلالات علمية، لتضفي طابعاً خاصاً وأجواء عائلية حميمية، حيث تقصر ساعات النهار وتطول ساعات الليل، فيكثر معها السمر والسهر وتتحلق العائلات حول المدافئ، ويتم تداول هذه الموروثات على رغم ما نعيشه من تطور تكنولوجي وتقدم علمي هائل.

"المربعانية"

منذ القدم يترقب الأردنيون فترة "المربعانية" باعتبارها البداية الفعلية لفصل الشتاء والتي تمتد لأربعين يوماً، وتبدأ أواخر يناير (كانون الثاني) وتنتهي في أول يوم من شهر فبراير (شباط)، وتتسم بالبرد القارس والأمطار الغزيرة، حيث أطول ليلة وأقصر نهار في السنة.

 ترتبط "المربعانية" ببعض التنبؤات الجوية الشعبية، من بينها ما يتداوله كبار السن بأن بداية الموسم إذا كانت غير ماطرة فإن نهايته ستكون أيضاً من دون مطر، والبعض يتجنب السفر خلال "المربعانية" مع ما تشهده من رياح وبرد شديدين.

ولا يتعلق الأمر فقط بعدد أيام فصل الشتاء التي تصل إلى 90 يوماً، وتقسم إلى فترتين: الفترة الأولى وتدوم 40 يوماً وتسمى "الأربعينية" والفترة الثانية ومدتها 50 يوماً وتسمى "الخمسينية"، إذ طال الموروث الشعبي حتى أيام الصيف كشهر سبتمبر (أيلول) الذي يوصف باللهجة العامية بأن "ذيله مبلول" (أي ممطر) فيما يوصف شهر أغسطس (آب) بأنه "لهاب".

"خمسينية" الشتاء

بمجرد انقضاء أربعينية الشتاء، يبدأ ما يعرف شعبياً بـ"سعد الذابح"، الذي يعلن انطلاق "خمسينية" الشتاء التي تقسم بحسب الموروث الشعبي إلى أربع فترات، يستمر كل منها لمدة 12 يوماً ونصف اليوم، ويطلق على كل فترة مسمى "سعد"، ولكل سعد خصائصه التي تميزه عن الآخر، وهي وفق الروايات الشعبية: سعد الذابح، وسعد البالع، وسعد السعود، وسعد الخبايا.

وهناك أمثال شعبية عدة لهذه المواقيت الشتوية من بينها "سعد ذابح ما بخلي كلب نابح"‏ و"سعد الخبايا بتتفتل فيه الصبايا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفق متخصصين بالموروث الشعبي يمتاز "سعد الذابح" بالبرد الشديد، أما قصة التسمية فتتعلق بشخص اسمه "سعد" خرج مسافراً في شهر فبراير، وحينما اشتد البرد عليه ذبح ناقته واحتمى بجلدها فسمي سعد الذابح.

أما ثاني فترات "الخمسينية" فهي "سعد بلع"، ويبدأ من يوم 12 فبراير، وسميت بهذا الاسم لأن الأرض تبتلع مياه الأمطار، في حين سمي "سعد السعود" بهذا الاسم لانحسار البرد وبدء عودة الدفء، وآخرها سعد الخبايا الذي يبدأ في 9 مارس (آذار)، وفيه تبدأ زهور الأشجار بالظهور كما تخرج حشرات الأرض من مخابئها.

حقائق علمية أم خرافات؟

ويؤكد الباحث محمود حسين الشريدة أن الموروثات المتعلقة بالشتاء في الأردن بعضها حقيقي وعلمي، وكثير منها مجرد خرافات وأساطير، ولكنها تصب جميعها في خانة "الرواية الشعبية".

على سبيل المثال يتحدث الموروث الشعبي عن "سعد الخبايا" باعتباره موسماً لخروج الزواحف والأفاعي والحشرات، ويجسد المثل الشعبي "راح شباط الغدار وأتى آذار الهدار" استقرار الجو في هذه الفترة.

اكتسبت هذه الأمثال صدقيتها من الخبرة والتجارب التي مر بها الناس قديماً، وأصبحت بمثابة دليل لحياتهم اليومية يوظفونها لخدمة أحوالهم وتجارتهم وزراعتهم.

 من بين هذه الأمثال المتداولة "شهر شباط ما عليه رباط" و"آذار أبو الزلازل والأمطار".

تتحدث فضية المقابلة الباحثة في التراث والموروث عن وجود أغان مرتبطة بموسم الشتاء، عدا عن ذكاء فطري للقدماء لمعرفة الفصول والاعتدال الخريفي، كحركة الهواء والغيوم وحبات الندى الصباحية.

ارتبطت هذه الموروثات أيضاً بحسب الخبيرة المقابلة بالزراعة الصيفية، وتجنب الفيضانات والطقس السيئ، وتخزين مؤونة الشتاء، عدا عن موسم قطف الزيتون وعصره واستغلال الحصاد المائي ما بعد الشتاء.

كما أن القبائل البدوية حرصت على متابعة ورصد علم الفلك ومراقبة طوالع النجوم والحسابات الفلكية لارتباطها بشؤون حياتهم المعتمدة كلياً على الطقس والمناخ والنشاطات الجوية.