يشهد السودان، ثالث أكبر دولة في أفريقيا، حربا أهلية مدمرة منذ أبريل نيسان 2023، مما أدى إلى نشوب موجات من العنف العرقي وأكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مع تحذيرات من مجاعة وشيكة في إقليم دارفور.
وقد اندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل نيسان 2023، بعد أشهر من التوتر المتصاعد. ويعود سبب النزاع إلى خلافات حول خطة انتقالية مدعومة دولياً كانت ستؤدي إلى تسليم السلطة للمدنيين.
ووصل عدد النازحين إلى أكثر من 10 ملايين شخص، أي ما يشكل خمس سكان البلاد، مع تحذيرات من مجاعة قد تكون الأسوأ منذ أربعين عاماً، وقد حذر مسؤولو الأمم المتحدة من خط الموت جوعا يتهدّد أكثر من مليوني سوداني هذا الخريف.
وقال توم بيريلو، المبعوث الأمريكي إلى السودان، في مايو الماضي أمام الكونغرس: "المسار الأكثر احتمالاً هو نحو المجاعة، إضافة إلى قتال يتخذ أبعاداً عرقية وإقليمية متزايدة، واحتمال أن دولةً على البوابة الشرقية الاستراتيجية لمنطقة الساحل ويعيش بها 50 مليون نسمة قد تتحول إلى دولة فاشلة ".
ورغم هذه التحذيرات، يصف العديد من المراقبين الوضع في السودان بـ"الحرب المنسية"، فبينما يتدهور الوضع الإنساني، لا تصل المساعدات الضرورية، مما يشير إلى فشل تاريخي في نظام المعونة العالمي.
حيث قال رئيس وزراء سلوفينيا روبرت غلوبو إن مجلس الأمن أصبح عاجزا بشكل متزايد عن الاستجابة بطريقة فعالة للصراعات، بما في ذلك في غزة وأوكرانيا والسودان.
بدورها، قالت كليمنتين نكويتا سلامي، منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في بورتسودان: "لا وقت لنضيعه".
وقد أدى الصراع إلى تعطيل الحياة المدنية بشكل كامل، مع استهداف الخدمات الأساسية من قبل طرفي النزاع. وتشير التقديرات إلى مقتل ما يصل إلى 150 ألف شخص، مع تكدس الجثث في مقابر مؤقتة يمكن رؤيتها من الفضاء.
فيما أكّد خبراء مستقلون في مجال الأمن الغذائي أن الحرب الأهلية دفعت مخيم الزمزم، الذي يؤوي نحو 500 ألف نازح قرب مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور، إلى حافة المجاعة. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 25.6 مليون شخص، أي 54% من السكان، يعانون من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، مع وجود 14 منطقة معرضة لخطر المجاعة.
وقد أدى القتال الدائر منذ أبريل نيسان بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني للسيطرة على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، إلى نزوح ما يقدر بنحو 320 ألف شخص.
وفي غضون أسابيع قليلة في مايو الماضي، لجأ ما بين 150 إلى 200 ألف شخص إلى مخيم الزمزم "بحثاً عن الأمن والخدمات الأساسية والغذاء".
وحذر خبراء الأمم المتحدة من تزايد خطر الإبادة الجماعية، مشيرين إلى أن العنف في إقليم دارفور يشبه التطهير العرقي الذي أطلقته ميليشيات الجنجويد العربية ضد المجتمعات الإفريقية الأصل قبل عقدين.
من جهة أخرى أكد باريت ألكسندر من منظمة مرسي كور الإغاثية أن الوضع المأساوي في الفاشر، وخاصة في مخيم الزمزم، "ليس سوى قمة جبل الجليد". وأضاف أن تقييماً حديثاً أجرته المنظمة في وسط وجنوب دارفور كشف أن تسعة من كل عشرة أطفال يعانون من سوء تغذية يهدد حياتهم.
ويخشى المراقبون من أن يؤدي تصاعد التوترات السياسية والعرقية إلى تفكك السودان، مما قد يزعزع استقرار منطقة حساسة تحد الساحل والبحر الأحمر والقرن الأفريقي.
ومع استمرار القتال وتعثر جهود السلام، يبدو أن الأزمة الإنسانية في السودان تتجه نحو مزيد من التدهور، مما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لمنع كارثة إنسانية غير مسبوقة.
المصادر الإضافية • رويترز